سياسة
وسائل التواصل الاجتماعي تفاقم إقبال الشباب على عمليات التجميل
تؤثر وسائل التواصل الاجتماعي على كيفية رؤية الشخص لجسده، وأكدت إحصائيات حديثة أن تزايد الإقبال على عمليات التجميل في السنوات الأخيرة بصفة ملحوظة، مرده الحرص على نيل إعجاب الأصدقاء الافتراضيين.
وفي هذا الصدد توصلت دراسة بريطانية إلى أن الشباب يتجه إلى إجراء عمليات التجميل، مثل إزالة تجاعيد الوجه عن طريق تقنية “بوتوكس″ و”حشو الجلد”، كنتيجة لضغوط هذه الوسائل.
ونبهت الدراسة التي أنجزها مجلس نوفيلد لأخلاقيات علم الأحياء في بريطانيا، الحكومة، مطالبة بحماية الأشخاص من أي حرفة غير منظمة، وذلك في إشارة إلى مواقع التواصل الاجتماعي، وانتقدت الدراسة تطبيقات التلاعب في مظهر الوجه، وألعاب الجراحات التجميلية على الإنترنت الموجهة إلى أطفال دون سن التاسعة.
وحذر المشرفون على الدراسة من وجود سلسلة من تطبيقات الهواتف الذكية تستهدف بشكل واضح المراهقين والأطفال وتشجعهم على إجراء عمليات تجميل لتحسين مظهرهم.
وأوضحوا أن هذه التطبيقات تعرض صورا لوجوه كارتونية أو لأشخاص حقيقيين وتطلب من مستخدميها تجميل تلك الوجوه بعلاجات تجميلية.
ووصفت هذه التطبيقات بأنها صادمة، نظرا لأنها يمكن أن تتسبب في أضرار نفسية بالغة للأطفال والمراهقين وتجعلهم يشعرون بالقلق طوال الوقت حيال مظهرهم.
وسائل التواصل الاجتماعي تروج بلا هوادة لرسائل غير واقعية، وغالبا ما تكون تمييزية، حول كيف يجب أن يظهر الأشخاص
وقال الخبراء إن هذه التطبيقات يتيحها “غوغل بلاي” على الهواتف الذكية، ويشجع أحدها المستخدمين على تعديل مظهرهم باستخدام صور لأشخاص آخرين، وهو يسأل المستخدم ما إذا كانت هناك أجزاء من وجهه أو جسمه يريد أن يقوم بتصغيرها أو تكبيرها باستخدام جراحات التجميل.
كما نبهوا إلى وجود تطبيق يستهدف مستخدمين أصغر سنا، وهو عبارة عن إجراء المستخدم لعملية تجميل على صورة كارتونية لأميرة بعد أن ألقت ساحرة شريرة لعنة عليها جعلتها قبيحة.
وأشاروا إلى تطبيق ثالث مماثل يركز على إزالة المستخدم لأي بثور أو بقع أو نمش من وجوه شخصيات كارتونية، ولفتوا إلى التزايد المستمر للصغار الذين يتصلون بالخط الساخن الخاص بالطفل ليعربوا عن قلقهم حيال مظهرهم بسبب الضغوط التي تعرضهم لها وسائل التواصل الاجتماعي التي تنشر صورا لأشخاص مثاليين، وهو ما يعمل على إصابة الأطفال والمراهقين بالاكتئاب وضعف الثقة بالنفس.
وعبر معدو الدراسة عن خشيتهم من مساهمة هذه التطبيقات في قلق الشباب المتزايد بشأن مظهر أجسامهم. كما أشاروا إلى أن معظم أنشطة قطاع عمليات التجميل غير منظمة، لذلك من الصعب الحصول على بيانات موثوقة عن حجمها، مشيرين إلى أنه ليس ثمة شك في أن تلك الصناعة قد نمت بشكل كبير خلال العقد الأخير.
هذا وحددت الدراسة عدة عوامل تشجع الشباب على التركيز على مظهر الجسم. وتتضمن هذه العوامل المستويات المتزايدة من القلق حول المظهر، وتصاعد أهمية وسائل التواصل الاجتماعي، حيث أن الصور تجلب تقييمات إيجابية أو سلبية، بالإضافة إلى رواج ثقافة المشاهير، وما يبدو أنه أنماط حياة مثالية.
إقبال متزايد من قبل الشباب على عمليات التجميل للحصول على أفضل زاوية تصوير عند التقاط صورة السيلفي
وقالت الأستاذة جانيت إدواردز من جامعة مانشستر، والتي ترأست تحقيق مجلس نوفيلد في القضايا الأخلاقية المحيطة بعمليات التجميل، “إن بعض المعلومات حول الألعاب التي تستهدف الأطفال الصغار أدهشت اللجنة”. وأضافت “هناك فيضان يومي عبر الإعلانات ووسائل التواصل الاجتماعي، مثل فيسبوك وإنستغرام وسناب شات، التي تروج بلا هوادة لرسائل غير واقعية، وغالبا ما تكون تمييزية، حول كيف يجب أن يظهر الأشخاص خاصة النساء والفتيات”.
وشددت إدواردز على ضرورة حظر عمليات التجميل على من هم دون سن الـ18، ما لم ينخرط فيها فريق متعدد التخصصات، وممارسون عامون وخبراء نفسيون.
ولفتت قائلة “هناك قيود قانونية على عمل الوشم واستخدام حمامات الشمس. عمليات التجميل الجراحية يجب أن تنظم بطريقة مشابهة”. ومن جانبه قال تشارلي ماسي الرئيس التنفيذي للمجلس الطبي العام الذي ينظم عمل الأطباء في بريطانيا، “إن المجلس أصدر بالفعل معايير للأطباء الذين يجرون عمليات تجميل لضمان أنهم يعملون بطريقة آمنة وأخلاقية، وإنه بصدد سن معايير مشابهة بالنسبة للجراحين”.
وأضاف “التدخلات التجميلية ليست خالية من المخاطر، وأي شخص يفكر في الخضوع لعملية تجميل يجب أن يتأكد أن منفذيها لديهم المهارات والكفاءة اللازمة، لتنفيذها بأمان”.
يشار إلى أن دراسة حديثة كشفت تزايد إقبال الشبان والفتيات على عمليات التجميل للحصول على أفضل زاوية تصوير عند التقاط صورة السيلفي، خاصة عمليات تجميل منطقة الذقن.
وأكدت الدراسة ارتفاع عدد المقبلين على عمليات التجميل في الوجه للتخلص من الدهون الزائدة غير المرغوب فيها المحيطة بمنطقة الذقن.
وقال الدكتور فيج بريما استشاري جراحة التجميل وأحد المشاركين في الدراسة، “هناك زيادة تقدر بحوالي 16 بالمئة في عدد الأشخاص الذين يخضعون لعمليات التجميل في الوجه والرقبة في عام 2015، ويرجع السبب في هذه الزيادة إلى هوس الملايين بصور السيلفي ونشرها على مواقع التواصل الاجتماعي للحصول على إعجاب الآخرين”.
وشدد بريما على ضرورة تقليص هذا الهوس حتى لا ترتفع نسبة عمليات التجميل إلى نسب أكثر من ذلك، والتي في أغلبها يقوم بها الطبيب لإرضاء المريض فقط، ولكنه لا يحتاج إليها في الواقع.