مال واقتصاد
دمار قطاع الطاقة يختزل الانهيار الشامل للاقتصاد السوري
يتسع يوما بعد يوم حجم الدمار الذي لحق بقطاع الطاقة السوري والذي تنعكس آثاره الثقيلة مباشرة على جميع مظاهر الحياة، ناهيك عن الخسائر المالية الباهظة.
وكشفت الحكومة السورية عن تفاصيل الدمار الشامل الذي لحق بالحقول والمنشآت النفطية طيلة أكثر من 6 سنوات من الحرب، وذلك خلال مؤتمر أقيم مؤخرا في دمشق.
وتتبادل الأطراف المتنازعة في سوريا السيطرة على حقول النفط والغاز منذ بداية الحرب باعتبارها الغنيمة الأكبر التي تدر إيرادات مالية من جهة، وتخنق حاجة الطرف الآخر إلى الوقود، من جهة ثانية.
وأشار مشاركون في مؤتمر “الحرب في سوريا: تداعياتها وآفاقها” الأسبوع الماضي، إلى أن قطاع الطاقة يتصدر قائمة القطاعات المتضررة جراء النزاع المستمر والذي ألحق دمارا هائلا بالبنى التحتية وأضرارا فادحة بالمجالات الحيوية الأخرى.
وأكد وزير النفط والثروة المعدنية السوري علي غانم أن الحرب على سوريا استهدفت بالدرجة الأولى القطاع الاقتصادي وبشكل ممنهج القطاع النفطي. وقال “تحولنا من بلد منتج ومصدر للنفط إلى بلد يستورد كل احتياجاته النفطية”.
وتعد إيران تليها روسيا والجزائر من أبرز الدول التي تزود سوريا بالمشتقات النفطية، وفق نشرة “سيرياريبورت” الاقتصادية.
زهير خربوطلي: تلبية الطلب على الكهرباء تبلغ حاليا 27 بالمئة بسبب قلة إمدادات الوقود
وذكر غانم أن الخسائر في القطاع النفطي بلغت 66 مليار دولار منذ بداية الأزمة، لافتا إلى تراجع إنتاج النفط بنسبة 98 بالمئة من العام 2010 حتى 2017. كما انخفض إنتاج الغاز خلال الفترة نفسها نحو 52 بالمئة.
ويسيطر تنظيم داعش المتطرف وحزب الاتحاد الديمقراطي الكردستاني على أبرز حقول النفط والغاز الواقعة في شمال وشرق سوريا، حيث تسببا في انهيار إنتاج النفط والغاز بشكل شبه كامل.
وانخفض إنتاج سوريا من النفط بحسب الوزير من 385 ألف برميل يوميا إلى ثمانية آلاف برميل يوميا، فيما تراجع إنتاج الغاز من 21 مليون متر مكعب ليصل إلى نحو تسعة ملايين متر مكعب، بينما توقف إنتاج الفوسفات كليا.
ورغم هذا الواقع، أعرب وزير النفط عن تفاؤله متوقعا ارتفـاع معدلات الإنتـاج إثر سيطرة القوات الحكـومية على عدد من الحقول التي كانت بأيدي تنظيم الدولة الإسلامية خصوصا في ريف حمص وسط البلاد.
وليس القطاع النفطي الوحيد الذي دُمر، بل تضرر أيضا قطاع الكهرباء بشكل كبير خلال سنوات الحرب، التي جعلت المواطنين يعيشون مشاكل بالإضافة إلى معاناتهم مع نقص الغذاء والدواء.
وقال وزير الكهرباء زهير خربوطلي في المؤتمر ذاته إن تلبية الطلب قبل اندلاع النزاع بلغت 97 بالمئة فيما انخفضت حاليا إلى 27 بالمئة “بسبب محدودية مادتي الفيول والغاز”.
وكان إنتاج محطات توليد الكهرباء في سوريا يبلغ نحو 8 آلاف ميغاوات يوميا قبل اندلاع الأزمة، وكانت تمتلك فائضا من إنتاج الكهرباء تقوم بتصديره إلى دول الجوار، فيما انخفض الإنتاج حاليا إلى ما بين 1500 و2000 ميغاوات يوميا.
وقدر خربوطلي الأضرار التي لحقت بقطاع الكهرباء بنحو ألفي مليار ليرة سورية ( 3.8 مليار دولار).
وعزا هذا الانخفاض إلى خروج عدد من محطات الكهرباء والخطوط الكهربائية عن الخدمة بسبب “الاعتداءات المتكررة من قبل المجموعات الإرهابية” أو لوقوعها في المناطق الخاضعة لسيطرة الفصائل المقاتلة.
وبما أن قطاع النفط يعد عصب الحياة في سوريا كغيرها من دول العالم، فإن انحسار الإنتاج بشكل فادح أدى إلى شلل في العديد من القطاعات الحيوية الأخرى وفي مقدمتها النقل. وقدر وزير النقل علي حمود خسائر قطاع النقل منذ بدء النزاع بنحو 4.57 مليار دولار.
وعلى مستوى التعليم، تضررت نحو 7 آلاف مدرسة في سوريا، أي ما يقارب ثلث عدد مدارس البلاد، 500 مدرسة منها في حلب، بحسب وزير التربية هزوان الوز.
كما انخفض عدد المدرسين بنسبة 37 بالمئة وغادر البلاد 22 بالمئة من أفراد الهيئة التعليمية في المرحلة الجامعية.
ويشير تقرير لاتحاد العمال السوري، الذي استند على مؤشرات التقرير المشترك للألسكوا والمعهد الملكي للشؤون الدولية، إلى تراجع الناتج المحلي الإجمالي من 60 مليار دولار في 2010 إلى أقل من 27 مليار نهاية العام الماضي، وزادت ديون البلاد الخارجية المعلنة عن 11 مليار دولار.
وتسببت العقوبات الدولية، بالإضافة إلى المشكلات الاقتصادية الكثيرة، إلى تراجع الليرة من 50 لكل دولار قبل الحرب إلى 500 في بعـض الأحيـان، ممـا أدى إلى ارتفـاع أسعـار السلع المستوردة، ودفع الكثير من رجال الأعمـال السوريين إلى إخراج رؤوس أموالهم.