مال واقتصاد
العراق أمام معضلة تمويل إعادة إعمار الموصل
الموصل (العراق) – تقرع الموصل حاليا ناقوس إعادة الإعمار بعد انتهاء حرب دامت تسعة أشهر ضد تنظيم داعش، وغيرت ملامح ثاني أكبر مدن العراق لتصبح دمارا.
ويقول مسؤولون عادوا إلى المدينة إن إعادة بناء الطرق والجسور المدمرة واقتصادها بشكل عام سيستغرق ما لا يقل عن خمس سنوات لإصلاحه ويحتاج لمليارات الدولارات من أموال التنمية ستجد الحكومة صعوبة في توفيرها.
ووفق تقديرات أولية، ستصل كلفة إعادة تأهيل الخدمات الأساسية في الموصل، وخصوصا المياه والكهرباء والمدارس والمستشفيات، إلى أكثر من مليار دولار، بحسب منسقة الشؤون الإنسانية للأمم المتحدة في العراق ليز غراندي.
نجيبة نجيب: العراق بحاجة لنحو 30 مليار دولار لإعادة إعمار المناطق المحررة من داعش
لكن لجنة الاستثمار والاقتصاد النيابية في البرلمان، أكدت في وقت سابق حاجة العراق إلى مليارات الدولارات لإعادة إعمار المناطق المحررة من تنظيم داعش.
وتقول اللجنة إن المطار ومحطة السكك الحديدية والجامعة تعرضت جميعها للدمار “في المعركة الطويلة لطرد المتطرفين من معقلهم الرئيسي في العراق”.
وقالت عضو اللجنة نجيبة نجيب إن “العراق بحاجة إلى نحو 30 مليار دولار لإعادة إعمار المناطق المحررة من تنظيم داعش”، مشيرة إلى أن “التنظيم تعمد تدمير البنى التحتية والمشاريع الاستثمارية في المحافظات التي احتلها لإحداث أكبر قدر من الخسائر المادية”.
وأضافت أنه “سيتم عقد عدة مؤتمرات للدول المانحة لجمع أموال للشروع في إعمار البنى التحتية وتطوير اقتصاد المحافظات”.
ويعتبر الجانب الغربي من الموصل هو الأكثر تضررا وفق غراندي، التي اعتبرت أن “مستوى الدمار الذي نلحظه هو الأسوأ في العراق” حيث لا تزال الأنقاض والركام وقطع الخردة تغطي شوارع غرب الموصل الممتدة بين مبان نصف منهارة.
ويؤكد مدير بلدية الموصل عبدالستار حبو أن أكثر من 90 بالمئة من البنى التحتية والخدمات العامة مدمرة وأن 70 بالمئة من الملكيات الخاصة طالها الدمار أيضا.
ويشير حبو الذي قدر قيمة الدمار بمليارات الدولارات، إلى أنه يتطلب ثلاثة إلى أربعة أشهر لتحقيق الاستقرار في الجانب الغربي، ما يعني استعادة المياه والكهرباء والخدمات العامة بشكل جزئي.
وأوضحت غراندي لوكالة الصحافة الفرنسية أنه “في الأحياء الأكثر تضررا نحن في حاجة إلى 470 مليون دولار من أجل المساعدة في إعادة تأهيل شبكات الكهرباء والماء وشبكات الصرف الصحي والمرافق العامة، وخصوصا المستشفيات والمدارس”.
وكانت قد قالت في وقت سابق إن “تقييما مبدئيا أظهر أن عملية إحلال الاستقرار التي تتضمن إصلاح شبكات البنية التحتية للمياه والصرف الصحي والكهرباء وإعادة فتح المدارس والمستشفيات ستتكلف أكثر من ضعفي التقديرات الأولية”.
ليز غراندي: تجاوزنا أسوأ الاحتمالات التي وضعتها الأمم المتحدة قبل استعادة الموصل
وأشارات إلى أن الأضرار أكبر بكثير مما كان متوقعا وأسوأ كثيرا في النصف الغربي من المدينة عن الشرق الذي تمت استعادته من تنظيم داعش قبل ستة أشهر.
وقالت إن “إحلال الاستقرار في شرق الموصل قد يتم خلال شهرين، لكن الأمر سيستغرق أكثر من عام في الغرب وستتكلف عملية إعادة البناء في الأجل الطويل مليارات الدولارات”.
وأكدت أن جميع أجزاء المدينة تعرضت لأضرار خفيفة أو متوسطة أثناء الهجوم، لكن ستة أحياء دمرت بالكامل تقريبا وسيستغرق الأمر سنوات حتى تعود إلى الحياة الطبيعية.
وبالنسبة للأسر التي جاءت من أحياء تعرضت لأضرار متوسطة، فتوقعت المسؤولة الأممية أن تحاول كثير منها العودة وسيبذلون قصارى جهدهم في إعادة البناء.
ويوضح رئيس برنامج المستوطنات البشرية التابع للأمم المتحدة في العراق عرفان علي، أن “بعض المستشفيات المهمة دمرت بالكامل تقريبا، فيما تعرضت أخرى للتخريب أو الحرق من داعش، لكن القطاع الصحي يتعافى تدريجيا وحاليا فإن نصف المستشفيات تعمل تقريبا”.
وإذا كانت الحياة قد عادت إلى طبيعتها تقريبا في شرق الموصل، من شوارع مزدحمة ومطاعم ومحال تجارية أعادت فتح أبوابها، فيبدو أن هناك ما يشبه الطبيعية بدأ يعود بشكل خجول إلى غرب المدينة رغم اتساع رقعة الدمار.
وبدأ عمال البلدية بالفعل تثبيت أنابيب جديدة في حفر جديدة لإصلاح شبكة المجاري بالكامل، فيما تقوم الحفارات بعمليات رفع الأنقاض.
وبينما ينتظرون تنفيذ مشاريع كبيرة في المدينة، يبذل السكان ما في وسعهم من أجل تأمين البديل كمولدات كهرباء وصهاريج المياه أو الاعتماد على منظمات غير حكومية.
وقال نورالدين قبلان نائب رئيس مجلس محافظة نينوى في وقت سابق هذا الشهر “نحن اليوم نحتاج إلى خطة عمل لكي نستطيع أن نجاري أو نستطيع إعادة الأمور إلى ما كانت عليه قبل يونيو 2014”.
وأكد أن أعضاء مجلس المحافظة وعددهم 34 عضوا، والذين كانوا يجتمعون في مدن أخرى خلال سيطرة داعش على المدينة بدأوا في وضع خطط لإعادة بناء الموصل بيد أنهم لا يزالون غير متأكدين من أين سيأتي التمويل.