العراقدول الخليجسلايد 1صحافة واعلام
العراق : مسعود بارزاني.. الحرب الإعلامية والحرب على الإعلام
بعد خسارته كركوك، أكد مسعود بارزاني، رئيس إقليم كردستان إصراره على إقامة دولة للأكراد، منوهاً إلى أن شعب كردستان سيصل إلى أهدافه وطموحاته عاجلاً أم آجلا. وألمح بارزاني إلى “خيانة” أطراف في حزب الاتحاد الوطني الكردستاني اتخذوا قرارات فردية أسفرت عن انسحاب قوات البيشمركة من كركوك.
وهذا يعتبر جزءاً من حربٍ إعلامية ونفسية بدأها بارزاني وحزبه بعد خسارة كركوك الغنية بالنفط والكثير من المناطق التي كان قد سيطر عليها الإقليم منذ عام 2014، حربٌ يبدو أنها توسعت ووجهت بنادقها ضد الإعلام والإعلاميين أيضاً.
اعتبر الكثيرون انسحاب قوات البيشمركة الكردية من محافظة كركوك الغنية بالنفط والمناطق المتنازع عليها بين إقليم كردستان والحكومة الاتحادية العراقية، انتكاسة للإقليم ولرئيسه مسعود بارزاني الذي كان يعتبر أنه أقرب من أي وقت مضى قريباً من الاستقلال وتحقيق حلم الدولة الكردية. حيث شهد إقليم كردستان يوم الاثنين 25 سبتمبر استفتاء للانفصال عن العراق، استفتاء جرى في ضوء معارضة داخلية، إقليمية ودولية.
ولكن منذ يوم الاثنين 16 أكتوبر بعد أن تقدمت القوات_العراقية واستعادت مناطق سيطر عليها الأكراد منذ عام 2014، بدأ حزب الديمقراطي الكردستاني حرباً إعلامياً في عدة اتجاهات.
الطرف الكردي الخائن
بعد ساعات من بدء انسحاب قوات البيشمركة من كركوك، اتهمت بعض شخصيات حزب الديمقراطي الكردستاني، الحزب الرئيسي الآخر في الإقليم أي حزب الاتحاد الوطني بالـ”خيانة” بسبب انسحاب قواته من كركوك، اتهامٌ اعتبره قادة في حزب الاتحاد الوطني ومنهم آلا طالباني التي تحدثت لقناة “الحدث” بالمفاجئ.
وفي السياق ذاته اتهم محافظ كركوك المقال نجم الدين كريم القوات المسلحة التابعة للاتحاد الوطني الكردستاني بـ”الخيانة”، منوها بأنهم سيطالبون بفتح تحقيق لمعرفة الجهة التي أصدرت أوامر الانسحاب، حسب موقع “المعلومة” العراقي.
وأصدر بارزاني بياناً جاء فيه: “إن ما حصل في معركة كركوك كان نتيجة لقرار انفرادي اتخذه بعض الافراد التابعين لجهة سياسية داخلية في كردستان وانتهت نتيجة هذا القرار بانسحاب قوات البيشمركة بهذا الشكل والطريقة التي رآها الجميع” في إشارة إلى قادة في الاتحاد الوطني الكردستاني.
من المؤكد وجود شخصيات في حزب الاتحاد الوطني الكردستاني كانت معارضة لخطوة الاستفتاء ومنهم آلا طالباني وأيضا القيادي في الحزب “فرهاد سنكاوي”، حيث كان قد صرح قبل 25 سبتمبر أن “المرحلة غير مناسبة للاستفتاء الآن، لأنها عملية يجب أن تجري بعد تحضير المجتمع وجميع الأطراف إلى جانب الرأي العام والمجتمع الدولي بما فيها الدول الكبرى لها، حينها من الممكن إجراء استفتاء لاستقلال اقليم كردستان”.
ومن الواضح أن الانسحاب لم يكن من فعل قوات حزب الاتحاد الوطني بل انسحبت قوات الحزب الديمقراطي الكردستاني من مناطق أخرى، ومنها سنجار وبعشيقة. ولكن الإعلام التابع من حزب الديمقراطي الكردستاني ما زال مستمراً في الهجوم على حزب الاتحاد الوطني، ما خلق حالة غضب في مناطق يسيطر عليها الحزب الأول وخاصة في أربيل عاصمة الإقليم.
ويوم الجمعة 20 أكتوبر أوضح القائد في قوات “البيشمركة” الكردية، اللواء رسول قادر، انسحابها أمام الجيش العراقي من كركوك بـ”عدم التكافؤ بين الطرفين”، مؤكدا أن هذه الخطوة حفظت أرواح 6 آلاف مقاتل من الأكراد.
بدأ النصر.. ثوروا يا شعب
مساء الأربعاء 18 أكتوبر بدأت قنوات “رووداو” و”كردستان 24″ ببث أخبار وتقارير تتحدث عن انسحاب قوات “الحشد الشعبي” من المناطق المتنازع عليها و”عودة قوات البيشمركة” إلى ثكناتها.
تلفزيون رووادو يتبع نجيرفان بارزاني رئيس وزراء إقليم كردستان و”كردستان 24″ يتبع مسرور بارزاني نجل الرئيس مسعود بارزاني وكلاهما من قيادات الحزب الديمقراطي الكردستاني.
اللافت في التغطية الإخبارية للقناتين أنهما لا يشيران إلى القوات العراقية التي تقدمت في كركوك والمناطق الأخرى ويحاولان أن يحصران الموضوع في قوات “الحشد الشعبي” فقط والتأكيد على أن ما حصل كان من عمل “ميليشيا طائفية تابعة لإيران” فقط.
وأكدت قناة “رووداو” مساء الأربعاء أن قوات الحشد الشعبي انسحبت من مدينة خانقين وتركت بعض آلياتها بعد “ثورة” قام بها سكان المدينة.
وأضافت القناة في تغطيها أن “كركوك تشهد مظاهرات عارمة، حيث سيطرت القوات الشعبية على أجزاء كبيرة من المدينة وانسحبت قوات الحشد الشعبي”.
وفي تغطيتها أضافت القناة أن “الأكراد أجبروا قوات الحشد الشعبي على الانسحاب من سنجار وأنزلوا الأعلام العراقية من أسطح البنايات ورفعوا أعلام كردستان”.
ووصفت قناة “رووداو” الوضع بـ”الثورة الشعبية الكبيرة” ومع اقتراب صباح الخميس أعلنت عن استعادة قوات البيشمركة للكثير من المناطق التي انسحبت منها.
وأضافت القناة أن المتظاهرون يرددون هتافات ضد رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي وضد حزب الاتحاد الوطني ويتهمونه بالـ”خيانة”.
هذه الأخبار أدت إلى احتفالات كبيرة في مدن لم تقترب منها القوات العراقية ومنها أربيل، أخبار أربكت وسائل إعلام أخرى ومنها عربية خاصة أنها تزامنت مع أمر العبادي بخروج “المجاميع المسلحة” من كركوك، بيانٌ اكتفى الإعلام الكردي بهذا الجزء منه فقط ولم يشر إلى الجزء الآخر الذي أمر فيه قوات الشرطة الاتحادية ومكافحة الإرهاب بالحفاظ على الأمن في المحافظة.
عند الصباح التقارير كانت خلافاً لتغطية “رووداو” و”كردستان 24″ حيث تقدمت القوات العراقية وسيطرت على كل أراضي محافظة كركوك وكان آخرها بلدة “آلتون كبري” وانسحبت قوات البيشمركة من مناطق أخرى وشهدت منطقة “بردة” التي تبعد 40 كيلومترا فقط عن أربيل، اشتباكات بين القوات الكردية والعراقية وتبين أن القوات العراقية لم تنسحب من سنجار ومخمور.
حرب ضد الإعلام
وخلال الأيام السابقة تعرض صحافيون من وسائل إعلام دولية لمضايقات من متظاهرين أكراد رغم أن الصحافيين أيضاً كانوا أكردا في معظم الحالات.
وفي تصريح أكد مراسل إحدى الوكالات الأميركية بأنه وزميل له يعمل لصالح وكالة أخرى تعرضا لهجومٍ من متظاهرين غاضبين وبعض قوات البيشمركة عند مدخل مدينة أربيل.
ويقول الصحافي إنه كان يغطي اشتباكات قوات البيشمركة والقوات العراقية في منطقة “بردة رش” مع عدد من صحافيي وكالات أخرى. وعند عودتهم إلى أربيل، أوقفهم مجموعة من المتظاهرون معهم عدد من القوات العسكرية (البيشمركة) وهاجموهم وأبرحوهم ضرباً وحطموا كاميراتهم لأنهم يعملون لصالح وكالات أميركية.
ويقول الصحافي أن المتظاهرين قالوا لهم إن “أميركا خانتنا لأنها لم تدعمنا رغم وعودها وأنتم أيضاً خونة لأنكم تتعاملون مع الأميركان”، وحسب الصحافي فإن خروجهم من ذلك الموقف كان صعباً.
اللافت أن الصحافي نفسه كان قد كرمه حزب الديمقراطي الكردستاني وأعطاه ميدالية شجاعة بسبب تغطيته لحرب قوات البيشمركة ضد داعش، التغطية التي كانت قد تفقده حياته حيث جرح في الحرب وفقد أحد عينيه وأصيبت إحدى يديه بإعاقة.
ويقول الصحافي أنه تحدث مع أحد قادة شرطة أربيل “الآسايش” وحذره من الخروج من البيت حاملاً شارة الوكالة التي يعمل فيها، لأن “هناك مخططا لمهاجمة الصحافيين” العاملين في قنوات ووكالات يعتبرهم الأكراد تابعة لجهات تعارض طموحهم.
فهل سياسة “الحرب الإعلامية” و”الحرب ضد الإعلام” سوف تساعد الأكراد في تخطي هذه المرحلة بانتصار؟