العراقدول الخليجسلايد 1
العراق : استفتاء كردستان يهدّد بإشعال حرب إقليمية في العراق
بغداد- حذرت مصادر عراقية من صدام محتمل بين الفرقاء العراقيين على خلفية رفض البرلمان استفتاء الاستقلال، الذي يريد إقليم كردستان إجراءه في الـ25 من الشهر الجاري، لافتة إلى أن الخلاف في ظاهره سياسي، لكنه من السهل أن يأخذ طابعا عرقيا وطائفيا، ويمكن أن يدفع إلى تورط دول إقليمية فيه خاصة تركيا وإيران.
وصوت مجلس النواب العراقي، على رفض استفتاء كردستان، في جلسة شهدت انسحاب الكتلة الكردية.
وعلى نحو مفاجئ، تحولت حملة لجمع تواقيع النواب، قادتها، النائبة حنان الفتلاوي، عن ائتلاف دولة القانون، بزعامة نوري المالكي، تستهدف استصدار قرار نيابي ضد الاستفتاء الكردي، إلى كرة ثلج، حشدت خلفها نحو 80 برلمانيا. وفي أقل من ساعتين كان نص القرار جاهزا على طاولة هيئة رئاسة البرلمان، التي عرضته على التصويت، لينال دعم 173 نائبا، من أصل 204، حضروا الجلسة.
وانسحب الأعضاء الأكراد من الجلسة قبل التصويت وأصدروا بيانات بعد ذلك ترفض قرار البرلمان.
وقال هوشيار زيباري، وزير الخارجية العراقي السابق والمستشار الحالي لمسعود البارزاني رئيس إقليم كردستان العراق إن قرار البرلمان العراقي ليس ملزما لنا، وإن برلمان الإقليم سيرد قطعا على القرار عندما يجتمع الخميس.
ورفض القرار إجراء الاستفتاء الكردي، ملزما رئيس الوزراء العراقي، حيدر العبادي، باتخاذ الإجراءات اللازمة للحفاظ على وحدة العراق.
واعتبرت حركة التغيير الكردية، أن إلزام البرلمان للعبادي باتخاذ ما يلزم لحفظ وحدة العراق، إشارة تتضمن تهديدا صريحا لأمن الإقليم.
وتقول أشواق الجاف، النائبة عن التحالف الكردستاني، إن موقف البرلمان العراقي، يتعارض والدستور العراقي، الذي يكفل حق تقرير المصير.
وذكرت مصادر سياسية أن قوات البيشمركة التابعة للحزب الديمقراطي الكردستاني، بزعامة مسعود البارزاني، عززت قطعاتها المنتشرة في كركوك الغنية بالنفط، بقوة كبيرة من الدروع.
وكان البارزاني وصل إلى كركوك بشكل مفاجئ، ليشهد استقبالا عسكريا شارك فيه نحو ثلاثة آلاف مقاتل كردي. وبدا البارزاني متمسكا بموعد الاستفتاء غير عابئ بموقف البرلمان حين قال “لا أحد يحدد مصير أهل كركوك غير أهلها، كما أننا لن نسمح لأحد أن يمنع أهل كركوك من تقرير مصيرهم، ولن نسمع للتهديدات الصبيانية لإشعال الحرب ولا نهتم بها، ومن يحاول تنفيذ تهديده فسنمارس حق الدفاع عن النفس″.
في موازاة ذلك، أكد أن فصائل في الحشد الشعبي، موالية لإيران، كثفت من حركة نقل قطعاتها المتمركزة جنوب الموصل، نحو حدود كركوك، مشيرة إلى أن “هذه الفصائل تستخدم غطاء الاستعدادات الجارية لمعركة الحويجة من أجل تعزيز وجودها في كركوك”.
هوشيار زيباري: قرار البرلمان العراقي ليس ملزما للأكراد
ووصفت الوضع في كركوك، بأنه أصبح بالغ الحساسية على المستوى الشعبي، مشيرة إلى أن “الموظفين العرب في دوائر كركوك الرسمية، تخلفوا عن الدوام الرسمي منذ الاثنين”.
ووفقا لمراقبين فإن أطرافا عراقية، سياسية ومسلحة، قريبة من إيران، لن تتردد في التصعيد العسكري، ضد البيشمركة المنتشرة في كركوك.
وعلم من مصادر رفيعة، أن “قائد فيلق القدس الإيراني، الجنرال قاسم سليماني، أبلغ كلا من بغداد وأربيل، بأن بلاده ستتحرك عسكريا، في حال أجري الاستفتاء، لاستعادة مناطق حدودية، في إقليم كردستان، سبق أن تنازلت عنها للعراق”، مشيرة إلى أن “سليماني قال إن إيران تنازلت عن هذه المناطق للعراق، وليس للأكراد”.
واعتبر مراقب سياسي حساسية الموقف في كركوك مناسبة لبغداد كما لأربيل بالاقتراب من حافة الهاوية قبل أيام على موعد الاستفتاء في سعي لرفع شروط أي تسوية أو مخرج لتأجيل الاستفتاء.
وقال “لا ريب أن مناسبة الاستفتاء وفرت فرصة جديدة لإيران لإظهار مدى إمساكها بالنظام السياسي في بغداد، وأن بياناتها السابقة التي أدانت فيها ضم كركوك إلى الاستفتاء، وهو ما يعدّ تدخلا وقحا في شؤون العراق في قضية يفترض بتفصيلاتها أن تخص الحكومة العراقية وحدها”.
وعدَ المراقب تهديدات قاسم سليماني بالتدخل العسكري ردا على الاستفتاء بمثابة الأعراض الأولى لما قيل إنه اتفاق قد أبرم مع تركيا أثناء زيارة اللواء محمد باقري رئيس الأركان الإيراني الأخيرة إلى تركيا لتنسيق الجهود إزاء الطموحات الكردية في سوريا والعراق.
وتخشى قوى غربية من أن الاستفتاء في كردستان قد يشعل صراعا جديدا مع بغداد وربما دول مجاورة بما يصرف الانتباه عن الحرب ضد داعش في العراق وسوريا.
ووفقا لسياسي من مدينة أربيل، فإن الولايات المتحدة، استخدمت ورقة التهديد العسكري الإيراني أمام القيادة الكردية، مقترحة تأجيل الاستفتاء في الوقت الحالي.
وأبلغ السياسي الكردي بأن الولايات المتحدة حذرت القيادة الكردية من أنها “لن تستطيع أن تفعل الكثير في حال أجري الاستفتاء، وأمضت إيران تهديدها”.
وقال إن السفير الأميركي في بغداد دوغلاس سليمان، أبلغ الساسة الأكراد بأن “تأجيل الاستفتاء، من دون تحديد موعد آخر، يضمن استمرار دعم الولايات المتحدة لإقليم كردستان، وبخلاف ذلك، فإن واشنطن لن تعترف بنتائج أي خطوة كردية، تتخذ من جانب واحد”.
ويقول مراقبون، إن قرار البرلمان العراقي برفض استفتاء كردستان، قطع طريق العودة أمام البارزاني، ما يرفع سقف التوقعات بشأن إمكانية التصعيد، ما لم يستجب رئيس الإقليم للوساطات الإقليمية والدولية، خلال الأيام التي تسبق موعد الاستفتاء.
وتدور أحاديث في الأروقة الكردية عن إمكانية تأجيل الاستفتاء لأسباب عدة، منها اقتراب موعد العمليات العسكرية ضد تنظيم داعش في الحويجة الواقعة ضمن محافظة كركوك، بمشاركة قوات البشمركة الكردية.
ويبني محللون هذه الفرضية، استنادا إلى قابلية التأجيل التي أبداها البارزاني للأميركيين الذين طلبوا تأجيل موعد الاستفتاء، إذا توفرت “ضمانات” و”بدائل”. إلا أنه أكد أيضا أن “شعب كردستان سيمضي في طريقه ويقرر مصيره”.
وقال سياسي عراقي إن إيران دخلت على خط التفاوض عبر أحد دبلوماسييها السابقين في بغداد، من خلال لقائه قادة أكراد بينهم البارزاني في أربيل، وعرض حل المشاكل القائمة مع بغداد في سلة واحدة، مقابل تأجيل الاستفتاء.
ويقول أستاذ العلوم السياسية في جامعة صلاح الدين بكردستان العراق عبدالحكيم خسرو إنه “لا عراقيل” قانونية أو دستورية تمنع إجراء الاستفتاء، و”أي عرقلة للاستفتاء تخدم الدول الإقليمية وتهدف إلى إضعاف الإقليم”.
وفيما تعيش أحزاب كردية وشيعية على وقع تصعيد قد ينتهي إلى صدام مسلح، بقيت الأصوات السياسية السنية، هادئة حيال الاستفتاء، لكن قرار البرلمان، دفعها إلى الانخراط في النقاش.
ويقول رئيس البرلمان العراقي سليم الجبوري، والقيادي البارز في الحزب الإسلامي العراقي، إن مجلس النواب حريص “على وحدة العراق ترابا وشعبا ويرفض تقسيمه تحت أي عنوان أو تبرير”، مضيفا أن “إقحام المناطق المتنازع عليها في الاستفتاء يخالف الدستور أيضا”.
ويعتقد أسامة النجيفي، نائب رئيس الجمهورية، أن “إجراء الاستفتاء في إقليم كردستان ضمن حدود 2003، يشكل مخالفة دستورية واضحة من واجبنا التحفظ عليه”، مشيرا إلى أن “شمول كركوك وبقية المناطق المتنازع عليها في الاستفتاء تصرف غير دستوري وغير قانوني ويتضمن اعتداء جليا على حقوق المكونات المتآخية من عرب وتركمان”.
ودعا النجيفي “العرب والتركمان في المناطق المتنازع عليها إلى رفض الاستفتاء وعدم المشاركة فيه”، معلنا رفضه “لأي نتائج يتمخض عنها”.