صحافة واعلام
الحرب بالوكالة تضع الحشد الشعبي والبيشمركة على خط المواجهة
بلغت التوترات بين الحشد الشعبي الشيعي والبيشمركة الكردية، مستوى غير مسبوق، ما ينذر بتفجر نزاع مسلح بين الطرفين، بسبب خلافات حول أمن منطقة سنجار في محافظة نينوى.
وتتخوف أوساط عراقية من أن تؤدي أجواء التوتر والمناوشات إلى مواجهة عسكرية بالوكالة في ظل مساعي الحشد للسيطرة على مناطق نفوذ كردية لتأمين عبور الأسلحة والمقاتلين من إيران إلى سوريا، فيما يحظى الأكراد بدعم أميركي قوي.
ومع إعلان الحشد عن وصول طلائع قواته إلى مناطق حدودية في نينوى، بين العراق وسوريا، صدرت تصريحات عن قياداته تتحدث عن دخول بلدة سنجار، وتكليف قوة إيزيدية بمسك الأرض فيها، ما أثار حفيظة قوات البيشمركة.
ويتحالف مقاتلون إيزيديون مع الحشد الشعبي الشيعي، وعادة ما تطلق عليهم قوات البيشمركة لقب “الخونة”. كما يمتلك حزب العمال الكردستاني (بي كا كا) وجودا عسكريا مهما في المنطقة، وهو حليف للحشد، ويتلقى تمويلا من إيران.
وتحرّك الحشد الشعبي صوب سنجار هو جزء من محاولات إيران تطويق المشروع الأميركي، الذي تم الإعلان عنه خلال زيارة تاريخية للرئيس الأميركي للرياض هذا الشهر، قبل أن تكتمل ملامح المشروع، الذي يحظى بتوافق عربي وإسلامي واسع.
ومؤخرا حاولت ميليشيا حزب الله اللبناني فتح طريق من جنوب سوريا إلى إيران عبر الاقتراب من قاعدة التنف الجوية جنوبي سوريا، لكن الطائرات الأميركية قصفت رتلا كان يضم 3 آلاف من مقاتلي الحزب وحلفائه.
وصرح القيادي في الحشد الشعبي جواد الطليباوي، بأن قواته ستدخل سنجار ولا تعير أي أهمية لتصريحات بعض القادة الأكراد الرافضين لذلك، مشددا على أن “قرار دخول الحشد لمناطق سنجار بأمر القائد العام للقوات المسلحة حيدر العبادي ولا نحتاج موافقة الأكراد”. وتابع “إذا كان القرار لا يعجبهم فـليضربوا رؤوسهم بالجدار”.
وأغضبت هذه التصريحات قيادة قوات البيشمركة، التي أصدرت بيانا حاد اللهجة، توعدت فيه من يحاول أن “يستغل الحرب ضد داعش في محور سنجار لخلق مشكلة بين سكان تلك المنطقة وقوات البيشمركة ويتطاول على أرض كردستان”.
وقال البيان “نقول لتلك الأصوات النشاز: لا توجد قوة تستطيع أن تدخل كردستان وتطأ أرضها، وإذا كانوا يرغبون بتجربة حظهم فنعدهم بأن رؤوسهم سوف تسقط على جبال كردستان”.
وأشار إلى أن “أهالي سنجار هم من سيقررون مصيرهم ولن يفعل ذلك أحد بالنيابة عنهم”.
وأوضح البيان، أن “بقاء قوات البيشمركة في المناطق التي حررتها بالدماء والتضحيات في حدود ما قبل الـ17 من أكتوبر 2016 وهو اليوم الذي بدأت فيه عمليات الموصل، أمر قد تم حسمه وغير خاضع للنقاش”.
ولم يكتف الإقليم بهذا الرد، بل أبلغ التحالف الدولي قلقه من تحركات الحشد.
واستقبل رئيس إقليم كردستان، مسعود البارزاني، في مقر إقامته بأربيل، الأربعاء، قائد قوات التحالف في العراق وسوريا الجنرال ستيفن تاونسيند.
وأعرب الجانبان “عن قلقهما من بعض التصرفات المنافية للاتفاق المشترك بين إقليم كردستان وبغداد والولايات المتحدة، وقد تشكل خطرا على الاستقرار في المناطق المحررة”.
ويرتبط إقليم كردستان، بمعاهدة دفاعية مع الولايات المتحدة، تنظم انتشار البيشمركة الكردية في بعض المناطق المتنازع عليها، أو مناطق وجود الأقليات الدينية والقومية في نينوى وكركوك، ومن بينها سنجار.
وقبل ساعات من هذا اللقاء، وزعت رئاسة إقليم كردستان، بيانا يتعلق بتفاصيل محادثة هاتفية دارت بين رئيس الإقليم ووزير الخارجية الأميركية ريكس تيلرسون.
ولا يبدو الحشد الشعبي مهتما بالتحذيرات الكردية في الوقت الذي يعتبر فيه محللون سياسيون أن هدفه من هذا التمدد هو منع الأكراد العراقيين والسوريين، المدعومين من واشنطن، من إغلاق الحدود السورية العراقية أمام إيران.
وقالت تقارير كردية إن مجموعات تابعة لميليشيات “الحشد الشعبي” العراقية، توغلت في الأراضي السورية وسيطرت على قريتين جنوب شرق محافظة الحسكة بعد انسحاب تنظيم داعش منها.
وحذرت الوحدات الكردية في سوريا المدعومة أميركيا، الحشد الشعبي من دخول المناطق الخاضعة تحت سيطرتها في محافظة الحسكة بدعوى ملاحقة داعش.
ويعتقد المحللون السياسيون أن اندفاعة الحشد الشعبي إلى الحرب أمر متوقع في ضوء تركيبته كميليشيا مهيأة للحرب بالوكالة لفائدة إيران، وهذا ما يفسر عرضه المستمر للتدخل في سوريا إلى جانب قوات الرئيس السوري بشار الأسد.
وحذّر المحللون من أن غرور الحشد، الذي استمده من “نجاحه” في الحرب على داعش بعد تهميش القوات العراقية، قد يقود إلى حرب طويلة في ظل تحوّز الأكراد على خبرات كبيرة ووجود دعم أميركي وتركي لهم في مواجهة التمدد الإيراني.