دول الخليجسلطنة عمانصحافة واعلام

سلطنة عمان : «الهجرة النبوية» تجسّد الأسرار الإلهية الكفيلة بتفاعل جميع مخلوقات الله في الكون

احتفلت السلطنة مساء أمس بذكرى الهجرة النبوية الشريفة على صاحبها أفضل الصلاة وأزكى التسليم إيذانا بدخول السنة الهجرية الجديدة 1439 التي ستطل علينا بعد أيام قلائل، وذلك بقاعة كلية العلوم الشرعية بالخوير.

رعى الحفل سعادة الدكتور حمد بن محمد الضوياني رئيسِ هيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية.
ابتدأ الحفل بتلاوة آي من الذكر الحكيم بصوت زكريا بن خميس العامري، تلتها كلمة وزارة الأوقاف والشؤون الدينية ألقاها الشيخ سلطان بن سعيد الهنائي خبير الوعظ والارشاد جاء فيها: إن عظم الأحداث الإنسانية يقاس بمآلاتها ونتائجها وبحسب بمعطياتها الإيجابية وثمراتها ولرب حدث يحسبه البعض ابتداء أمرا عابرا إلا أنه يكون سبيلا لتغيير موازين القوى حيث ينقلب باتباعه إلى القوة والعز المبين ويصيرهم إلى مرحلة من النصر والتمكين.
ولا تزال أحاسيس أمة الإسلام ومشاعرها تتعلق برابطة إيمانية وثيقة بكل حدث يرتبط بشخصية أعظم رجال التاريخ والإنسانية وأفضل صناع الحضارة والرسالية محمد بن عبدالله رسول رب العالمين الذي خرج بهذه الأمة من مضيق الكفر إلى رحاب الإيمان ومن ظلام المحن والفتن إلى أنوار الرحمة وضياء الحياة « لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ».
ويشير الهنائي: إن حدث الهجرة النبوية الشريفة يثبت حكمة الله الكبرى حيث يدبر الكون بمشيئته ويصرف الوجود بإرادته إذ تجسد في أحداثها أن الأسرار الإلهية كفيلة بأن يتفاعل الحجر والشجر والبشر لتنفذ كلمة الله في الأرض بأن محمدا رسول الله ومصطفاه وأن كلمته بوحدانية الله سيتصاغر أمامها طوعا أو كرها كل جبار عنيد وأن معالم دعوته السمحة ستتضاءل في وجهها كل ألوان العنف والكراهية وأن رحمته العظمى ستضع حدودا لكل أشكال التفرقة والعنصرية البغيضة وأن هدايته الربانية سيظل وهجها ينير دروب القاصدين وأن معجزته الظاهرة ستهدي العقولَ الحائرة إلى الخير والفلاح وأن هجرته المباركة منقلب لعزة الإسلام وطليعة لظهور متانة الدين ولا مفر حينئذ إلا إجابة داعي الله إلى سعادة الدنيا والآخرة « يَا قَوْمَنَآ أَجِيبُواْ دَاعِىَ ٱللَّهِ وَءَامِنُواْ بِهِ يَغْفِرْ لَكُم مِّن ذُنُوبِكُمْ وَيُجِرْكُم مِّنْ عَذَابٍ أَلِيمٍۢ وَمَنْ لَا يُجِبْ دَاعِيَ اللَّهِ فَلَيْسَ بِمُعْجِزٍ فِي الْأَرْضِ وَلَيْسَ لَهُ مِنْ دُونِهِ أَولِيَاءُ أُولَئِكَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ » لقد تشرف بهجرته الزمان فكان تاريخ هجرته منعطفا للعزة والنصر المبين وشرف بها المكان إذ نعمت طيبة بالحرمة والتبجيل وأخذت مكانتها من قلوب أهل الإسلام لشرفها باحتضان أرقى الحضارات الإنسانية التي حكمت بالقرآن وتوشحت بهدي سيد ولد عدنان صلى الله عليه وسلم.
وأضاف: في زمن استنفد فيه أعداء الله طاقتهم في تدبير المكائد واستجمعوا أحقادهم لترتيب الدسائس واستنفروا خبثهم ومكرهم للبرهنة عن ضغينتهم وعدائهم وأجلب عليهم الشيطان بخيله ورجله ليعبروا عن غيضهم الدفين بأبشع الصور وأحقر الأساليب في الانتقام المشؤوم ممن جعل الله مبعثه نعمة على كل موجود يقول تعالى: «وإذ يمكر بك الذين كفروا ليثبتوك أو يقتلوك أو يخرجوك ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين» لتصبح نتائجها البائسة درسا قاسيا يتجرعه كل من اتبع طريقتهم في المكر والمراوغة لإثبات الباطل بطلاء حق مزيف ولزهلقة الشر في أثواب خير مجحف حيث اختتم مسلسل تدبير الخائنين بإحقاق الحق من رب العالمين وبالنصر المؤزر لسيد الأنبياء والمرسلين ولنتأمل قول الله سبحانه:« إلا تنصروه فقد نصره الله إذ أخرجه الذين كفروا ثاني اثنين إذ هما في الغار إذ يقول لصاحبه لا تحزن إن الله معنا فأنزل الله سكينته عليه وأيده بجنود لم تروها وجعل كلمة الذين كفروا السفلى وكلمة الله هي العليا والله عزيز حكيم» فأي عظمة لمن انتصر الله لشخصه ورسالته وأي عناية ورعاية أكبر من أن ينزل الله عليه سكينته بمعانيها ويؤيده بجنود لا يعلمهم غيره تعالى.
وقال: ألا ما أحوج كل المسلمين اليوم لأسرار هذا النصر وأسبابه وهم يتجرعون المحن والشدائد ويذوقون صنوف تقلبات الدهر في أنفسهم ودمائهم وفي أعراضهم وأموالهم وبلادهم لكي يستلهموا مواطن الفلاح والصلاح ويحسنوا توظيف معاني العبودية الصادقة تحت عتبات الربوبية لمن بيده ملكوت السموات والأرض وهو على كل شيء قدير.
وأضاف خبير الوعظ والإرشاد: لقد قدم محمد صلى الله عليه وسلم قلبا سليما لله وحده ملأه بالإيمان الصادق وعمره باليقين الخالص وحلاه بالثبات الدائم وزكاه بالنفس المطمئنة بوعد الله كما قدم جسدا على البلاء صابرا جمله بحسن الطاعة لله وزينه بالتضحية المستمرة في سبيل الخير والمعروف وكمله بفضائل القيم ومحاسن الأخلاق ورقاه بمعالي الخصال والشمائل لتسري دعوته بالحكمة والموعظة الحسنة موغلة برفق في النفوس كما تضمن الحفل قصيدة للشاعر موسى بن قسور العامري بعنوان «من عبير الهجرة» وعرضا مرئيا بعنوان «هجرة وإخاء» تحدث عن مسار الهجرة من مكة الى المدينة وعن استقبال الأنصار للنبي محمد صلى الله عليه وسلم والمهاجرين وكيفية تعامل الأنصار مع النبي وصحبه المهاجرين .
ثم قدمت فرقة أريج الفنية فقرة إنشادية بهذه المناسبة العطرة.

إغلاق