العراقدول الخليجمال واقتصاد

كيف استعادت بغداد السيطرة على أقدم حقل نفط منذ 1927؟

مع تقدم القوات العراقية واستعادتها لمحافظة كركوك، خسر الأكراد إحدى أهم آبار النفط العراقية التي كان يعول عليها الإقليم المقبل على انفصال عن العراق كنتيجة لاستفتاء جرى الشهر الماضي، وذلك في رفد اقتصاده بنفطها الذي يشكل ثلثي ما أنتجه الأكراد في السنوات الأخيرة.

وقد باتت الآن أكبر حقول النفط في كركوك في قبضة السلطات العراقية، بعدما فرضت سيطرتها الكاملة على حقلي باي حسن وأفانا اللذين وقعا تحت سيطرة قوات البيشمركة التابعة للحزب الديمقراطي الكردستاني برئاسة مسعود بارزاني في العام 2014، بعد طرد مقاتلي “داعش” منها، حيث ينتج الحقلان ما يقارب 300 ألف برميل من النفط يومياً.

ولحقول كركوك النفطية أهمية كبرى، فمن بينها أقدم حقل للنفط تم اكتشافه في العراق قبل 90 عاماً من قبل تحالف ضم شركتي “بي بي” البريطانية و”توتال” الفرنسية تحديداً في العام 1927، حيث اعتبر من بين أهم آبار النفط على مستوى الشرق الأوسط.

بابا كركر.. الحقل الأقدم

تدفق النفط من حقل “بابا كركر” في كركوك قبل اكتشافه في السعودية بعشر سنوات، ويعتبر أحد حقول النفط المهمة في العراق باحتياطي يقارب 10 مليارات برميل من النفط الجيد بحسب التقديرات، فيما تبلغ الطاقة القصوى للحقل مليون برميل يومياً، لكن متوسط الإنتاج متراجع إلى نحو 150 ألف برميل في اليوم.

ورغم أن حقول كركوك لا تساهم اليوم سوى بـ10% من الإنتاج الكلي للعراق البالغ 4.5 مليون برميل يومياً، بحسب بيانات “بلومبيرغ”، إلا أن المنطقة تظل واعدة، إذ لم تنل نصيبها من الاستثمارات وعمليات التنقيب بالقدر الذي نالته حقول الجنوب.

وأمس الاثنين، قال الإعلام الرسمي العراقي إن القوات العراقية سيطرت على منشأة غاز الشمال النفطية ضمن عملياتها في محافظة كركوك شمالي البلاد، أبرزها حقول بابا كركر ونفط الشمال.

واستعادت القوات العراقية السيطرة على أقدم حقول النفط في البلاد من دون قتال أو مقاومة كباقي حقول النفط في كركوك.

نصيب منقوص من الاستثمارات

فيما استفادت حقول النفط الجنوبية العملاقة من تدفقات الاستثمارات الأجنبية بعد الإطاحة بنظام صدام حسين، ظل الإنتاج في المنطقة الشمالية متوقفاً. وقد شكل سوء الإدارة في عهد صدام حسين عامل طرد للاستثمارات الأجنبية في قطاع النفط العراقي، إذ فشل العراق وقتها في تمرير وإنفاذ قانون وطني للنفط، ووضع أسس لتقاسم الإيرادات في المناطق المتنازع عليها، وهي عوامل كان من شأنها جذب الشركات الأجنبية العملاقة لتطوير حقول النفط العراقية الغنية.

وفي وقت كانت فيه “بي بي” تتجه لدراسة سبل تعزيز إنتاج النفط في منطقة كركوك، حال الاقتتال مع تنظيم “داعش” الذي سيطر على المحافظة دون تنفيذ المشروع، وكانت شركات نفط عالمية أخرى، كعملاق النفط الأميركي “شيفرون” قد استأنفت عملياتها في إقليم كردستان العراق أخيراً، فيما تعمل “إكسون موبيل” في حقول كركوك المتنازع عليها، إلى جانب كل من “توتال” الفرنسية و”غازبروم” الروسية، غير أن الاقتتال المستجد الآن بين سلطات بغداد والأكراد برز كعامل جديد يبعد حقول كركوك أكثر عن دائرة أولويات التطوير، بل ربما يهددها بإغلاق محتمل في حال أي اضطراب جديد.

وبينما يتدفق معظم النفط الخام المنتج في حقل كركوك إلى الأسواق الخارجية عبر خط أنابيب يصل إلى تركيا يديره الأكراد يطلق عليه اسم خط “كركوك – جيهان”، سيؤثر أي إغلاق محتمل له على أسواق الطاقة وفي ظل غياب قدرة تخزينية محلية، سيتعين توقيف معظم الإنتاج.

إغلاق