العراقدول الخليجسلايد 1صحافة واعلام
العراق :خارجية الجعفري تعطّل جهود إعادة التوازن إلى العلاقات الإقليمية للعراق
الحكومة العراقية بقيادة رئيس الوزراء حيدر العبادي، وهي تحاول ترميم علاقات العراق بمحيطه العربي وإعادة التوازن إلى علاقاته الإقليمية من منطلقات براغماتية أكثر مما هي مبدئية، تواجه ممانعة أجنحة داخلها موكول لها حراسة النفوذ الإيراني، وهو ما ينطبق على وزارة الخارجية بقيادة إبراهيم الجعفري.
بوصلة معدلة على الوجهة الإيرانية
كشف موقف الخارجية العراقية من الإدانة العربية في اجتماع وزراء الخارجية العرب الأخير بالقاهرة لتدخلات إيران في شؤون دول المنطقة وتصرفات ذراعها حزب الله تجاه تلك الدول، مجدّدا عن وجود مراكز قوى داخل السلطة العراقية تحرص على إبقاء العراق ضمن الفلك الإيراني وتقاوم جهود استعادته إلى الصفّ العربي والتي تسارعت في المدّة الأخيرة بقيادة المملكة العربية السعودية.
وظهر خلال الفترة الأخيرة توجّه حكومي عراقي نحو التجاوب مع جهود إعادة التوازن إلى علاقات العراق الإقليمية. وتجلّى ذلك في زيارة رئيس الحكومة حيدر العبادي إلى العاصمة السعودية الرياض، وهي الزيارة التي أثمرت خطوات عملية نحو تنشيط التعاون بين العراق والسعودية في عدّة مجالات، بما في ذلك المجال الاقتصادي.
وحظي ذلك التوجّه بمساندة قوى شيعية عراقية تبدي اعتدالا في مقاربة علاقة العراق ببلدان الجوار، على غرار زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر الذي زار السعودية بدوره وكان له لقاء مع ولي العهد الأمير محمّد بن سلمان.
غير أن موقف الخارجية العراقية من الإدانة العربية لحزب الله وإيران، كشف مجدّدا أن للأخيرة حرّاسا أشدّاء داخل السلطة العراقية موكول إليهم إحباط خطوات التقارب بين بغداد والعواصم العربية والحفاظ على النفوذ الإيراني في العراق وضمان قدرة طهران على التأثير في قراره وتكييف سياسته الخارجية وفق المصالح الإيرانية.
وعبّر عن ذلك بوضوح وزير الخارجية العراقي السابق، والقيادي في الحزب الديمقراطي الكردستاني هوشيار زيباري بالقول في منشور على صفحته بفيسبوك إنّ “غياب التمثيل الوزاري العراقي عن اجتماع المجلس الوزاري لجامعة الدول العربية حول التدخلات الإيرانية في الدول العربية دليل آخر على أن استقلالية وسيادة العراق مثلومتان وناقصتان”، مضيفا “لا بد أن يكون للعراق سياسة خارجية مستقلة حيال جواره الإقليمي وعمقه العربي وأن يكون سيد نفسه وقراره”.
هوشيار زيباري: غياب الوزير عن اجتماع القاهرة دليل على نقص باستقلالية العراق
ويقول متابعون للشأن العراقي إنّه ما لم يقع تحوّل جوهري في المعادلات الإقليمية، فإن إعادة العراق إلى محيطه العربي ستصطدم دائما بصخرة الأحزاب الموالية لإيران، لا لأن تلك الاحزاب تؤلف الكتلة الأكبر في نظام المحاصصة الطائفية وهي التي تملك سلطة القرار، فحسب، بل أيضا لأنها لا تملك القدرة على أن تفك ارتباطها بالنظام الايراني بسبب سيطرة الميليشيات الشيعية على الشارع وعلى العديد من مفاصل الدولة، الأمر الذي يصنع تناقضا صريحا بين ما يسعى إليه العبادي وهو رئيس الوزراء، مدعوما بعدد محدود من أفراد بيته السياسي الشيعي، وبين النهج الذي يتبعه وزير خارجيته.
وعلى العموم فإن الطرفين لا يحتاجان إلى تنسيق مواقفهما في ظل لغة السلاح الايراني التي يمكن أن ترتفع في أي لحظة لتغطي على كل محاولات التقارب العربي وتجهضها.
ولذلك -يشرح مراقبون- فإن إعادة العراق إلى الصف العربي لن تكون متاحة قبل تخليص العراق من القبضة الإيرانية، وهو أمر غير متاح حاليا في ظلّ القوة التي يتمتع بها الحشد الشعبي المكوّن من الميليشيات الشيعية التابعة للحرس الثوري الإيراني. وكما يبدو فإن كل المعطيات تؤكد أن إقصاء الحشد الشعبي من المشهد العراقي لن يكون ممكنا في وقت قريب.
ويرى عراقيون في تمتين علاقة بلدهم بالدول العربية، لا سيما الغنية منها، فائدة عملية في تنشيط اقتصاد البلد والحصول على مساعدات للبدء في عملية إعادة إعمار المناطق الكثيرة التي دمّرتها الحرب ضدّ تنظيم داعش، فيما إيران لا تستطيع تقديم شيء يذكر في هذا المجال بما أنّها تعاني بدورها مصاعب اقتصادية ومالية.
ووضعت مصادر سياسية زيارة الرئيس العراقي فؤاد معصوم، الإثنين، إلى الكويت ضمن هذا الإطار كاشفة عن أنّ الموضوع الرئيسي للزيارة هو مؤتمر المانحين الذي تستعد الكويت لاحتضانه العام المقبل لإعادة إعمار المناطق المتضررة من الحرب في العراق.
وتحفّظت الخارجية العراقية بمعيّة الخارجية اللبنانية على الفقرة الواردة بالبيان الختامي لاجتماع وزراء الخارجية العرب والتي تضمّنت إدانة إيران وحزب الله وتحميلهما مسؤولية إثارة الفوضى وعدم الاستقرار في المنطقة.
ويشترك العراق ولبنان في وقوع خارجيتهما تحت سيطرة قوى سياسية مساندة لإيران، حيث يقود الأولى إبراهيم الجعفري زعيم ما يعرف بتيار الإصلاح الوطني المنشقّ عن حزب الدعوة الإسلامية، فيما يقود الثانية جبران باسيل القيادي في التيار الوطني الحرّ المتحالف مع حزب اللّه.
وآثر الجعفري على غرار باسيل التغيّب عن اجتماع القاهرة الذي اكتسى أهمية في سياق استراتيجية مواجهة إيران، خصوصا وقد أسفر عن قرار عربي برفع قضية التدخلات الإيرانية إلى مجلس الأمن الدولي.
وتضمّن البيان الختامي لمجلس وزراء الخارجية العرب المكوّن من 14 بندا إدانة لتزويد إيران لميليشيات إرهابية في اليمن بالسلاح، معتبرا إطلاق صاروخ إيراني الصنع من اليمن صوب الرياض تهديدا للأمن القومي العربي.
كما تضمن تأكيدا على الاستمرار في إدراج بند التدخلات الإيرانية في الشؤون الداخلية للدول العربية على أجندة منتديات التعاون العربي مع الدول والتجمعات الدولية والإقليمية.
واستنكر البيان التدخلات الإيرانية المستمرة في الشؤون الداخلية لمملكة البحرين وتأسيس طهران لجماعات إرهابية بالمملكة مموّلة ومدربة من الحرس الثوري الإيراني وحزب الله اللبناني الإرهابي، الأمر الذي يتنافى مع مبدأ حسن الجوار وعدم التدخل في الشؤون الداخلية وفقا لمبادئ ميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي.
وحمّل البيان حزب الله اللبناني مسؤولية دعم الإرهاب والجماعات الإرهابية في الدول العربية بالأسلحة المتطورة والصواريخ الباليستية.