العراقجمعيات ومنظماتدول الخليجسلايد 1
العراق : مليونا نازح سني مستثنون من المشاركة في الانتخابات العراقية
القوى السنية لم تلمس جدية لدى العبادي بشأن ملف النازحين، وفصائل شيعية رتبت التغيير الديموغرافي للفوز بالانتخابات.
بغداد – يواجه رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي، ضغطا سياسيا “سنيا”، لإعادة نحو مليوني نازح إلى مناطقهم التي استعادتها القوات العراقية من تنظيم داعش. ويرى الساسة السنة أن عودة النازحين، هو شرط أساسي لنجاح الانتخابات التي ينوي العراق إجراءها في مايو 2018.
وقال نواب في البرلمان العراقي إن جزءا كبيرا من سكان مناطق “نينوى وديالى وصلاح الدين وشمال بابل، لا يزال مهجرا”، فيما تحدثوا عن “مشكلات لوجستية تحول دون إجراء الانتخابات”.
ويقول النائب عن نينوى أحمد الجربا، إن القوى السياسية السنية أبلغت العبادي بأنها ستقاطع الانتخابات إن لم يتمكن النازحون من العودة إلى مناطقهم بحلول نهاية الشهر الجاري.
وكان نائب رئيس الجمهورية أسامة النجيفي، الذي ينحدر من محافظة نينوى، ورئيس البرلمان سليم الجبوري، الذي ينحدر من محافظة ديالى، طالبا الإدارة الأميركية، الشهر الماضي، خلال زيارتين منفصلتين إلى الولايات المتحدة، بتأجيل الانتخابات العراقية، عاما واحدا على الأقل، حتى يتمكن النازحون السنة من العودة إلى مناطقهم.
ويقول النائب عن الأنبار، أحمد المساري، إن “نحو مليوني نازح في عموم مدن ومحافظات السنة التي تمت استعادتها مؤخرا لم يتمكنوا من العودة إلى منازلهم حتى الآن، وهؤلاء مازالوا في مناطق النزوح والمخيمات في وضع إنساني بائس جدا”.
وأضاف “لا يمكن إجراء الانتخابات في ظل هذه الظروف، إذا لم تتم إعادة النازحين إلى مناطقهم”، مشيرا إلى أن “إجراء الانتخابات في التوقيت الذي تحدثت عنه الحكومة (15 مايو 2018)، لن يعطي تمثيلا حقيقيا لهذه المحافظات سواء في البرلمان أو مجالس المحافظات”.
وباستثناء نينوى، التي يمنع الدمار في بناها التحتية، عودة عدد كبير من سكانها، فإن الجزء الأكبر من نازحي ديالى وصلاح الدين وبابل ممنوعون من العودة بسبب اعتبارات أمنية، يفرضها خضوع مناطقهم لسيطرة فصائل مسلحة موالية لإيران.
ويقول النائب صلاح الجبوري، وهو زعيم الائتلاف النيابي الذي يضم القوى السنية، في البرلمان العراقي، إن “من المهم معالجة القضايا التي تعيق إنجاح الانتخابات في موعدها المحدد، ومنها وجود الجماعات المسلحة المرتبطة بالأحزاب المتنفذة في مناطق النازحين”.
ويشير الجبوري إلى “وجود قرار سياسي بعدم عودة النازحين إلى ديارهم لا سيما أن بعضها شهد محاولات تغير ديموغرافي”.
وتسيطر فصائل في قوات الحشد الشعبي، على مناطق ذات غالبية سنية في بابل وصلاح الدين وديالى، وترفض عودة سكانها إليها، بسبب قربها من مناطق ذات غالبية شيعية.
ويقول النائب أحمد المساري إن “هناك أعدادا كبيرة جدا من النازحين لم يتمكنوا من العودة، فمثلا كل نازحي قضاء جرف الصخر شمال محافظة بابل لم يعد منهم أي شخص حتى الآن”.
لكن المطالبة السنية بتأجيل الانتخابات تصطدم برفض أممي وأميركي معلن، فضلا عن غموض يشوب موقف رئيس الوزراء العراقي.
وأعلن الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في العراق، يان كوبيتش، الأسبوع الماضي، أن “موقف الأمم المتحدة الرافض لتأجيل موعد الانتخابات واضح”، مشددا على “احترام الدستور وإجراء الانتخابات في وقتها المحدد”.
وأضاف “سنقدم الدعم الفني لإقامة الانتخابات في وقتها المحدد”، مشيرا إلى أن “الأمم المتحدة ستوفر كل الظروف المناسبة لدعم العراقيين للمشاركة في الانتخابات”.
وتقول مصادر سياسية في بغداد إن بعثة الأمم المتحدة في العراق تتواصل مع مفوضية الانتخابات لتوفير بطاقات اقتراع خاصة بالنازحين، في حال لم يتمكنوا من العودة إلى مناطقهم بحلول مايو 2018.
من جهته، يؤكد السفير الأميركي في بغداد، دوغلاس سليمان، “وجوب إجراء الانتخابات العراقية في وقتها”.
ويقول سليمان “إذا وجدت حجج وأعذار لتأجيلها فإنه في المستقبل من الممكن أن تستخدم بعض الجهات هذه الحجج لتأجيلات أخرى إضافية”. وأضاف أن “الولايات المتحدة الأميركية تتعاون مع الاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة، لإعادة النازحين، وفي حال تأخرت عودتهم فإننا سنضمن أن يتمكن كل نازح من التصويت في مكان نزوحه”.
ووفقا لمراقبين، فإن الإصرار الأميركي على إجراء الانتخابات في موعدها، ربما يمثل ضربة للطموحات السياسية السنية، في تحقيق مشاركة مؤثرة في البرلمان الذي ستفرزه انتخابات 2018.
وتقول مصادر سياسية مطلعة في بغداد إن “القوى السياسية السنية لم تلمس الجدية الكافية لدى العبادي بشأن حسم ملف النازحين”.
وتشير المصادر إلى أن “تعليق مستقبل الانتخابات على عودة النازحين لا يقلق العبادي كثيرا، إذ أن تأجيلها سيتيح لرئيس الوزراء، الانفراد بالساحة السياسية، بعدما تنتهي الولاية القانونية للبرلمان العراقي، في دورته الحالية”.
وفي حال تأجلت الانتخابات، سيتحول جزء من الصلاحيات التشريعية من البرلمان المنتهية ولايته، إلى الحكومة، التي يفسح لها الدستور المجال للاستمرار بصلاحيات كاملة، حتى انتخاب برلمان جديد.
وتخشى أطراف شيعية أن يتيح الفراغ الدستوري، في حال تأجيل الانتخابات، المجال للعبادي لتصفية خصوم كبار في الساحة السياسية.
لكن مقربين من العبادي يجادلون بأن “رئيس الوزراء سيكون أكبر الرابحين، في حال أجريت الانتخابات في موعدها، بسبب شعبيته الكبيرة حاليا”، مؤكدين أن “الحكومة العراقية، ستتخذ إجراءات عاجلة، تضمن عودة الجزء الأكبر من النازحين السنة إلى مناطقهم، قبل حلول موعد الانتخابات”.
ولدى السؤال عن قدرة العبادي، على إعادة النازحين، في حال رفضت المجموعات المسلحة التي تسيطر على مناطقهم ذلك، لم يستبعد هؤلاء “اللجوء إلى القوة” من طرف الحكومة.
ويقول مراقبون إن “خلافات كبيرة تطفو على السطح بين أطراف مؤثرة في الحشد الشعبي، ربما تضعف تأثيرها، وتسمح للحكومة بتحجيم دورها، ما يفتح باب العودة أمام النازحين.