مقالات وبحوث
بتهاوننا نهض كسرى
بقلم: موفق الخطاب
ان ما جرى في العراق بعد احتلاله يكاد يكون اعظم مصاب لحق بالأمة العربية والاسلامية في العصر الحديث وهو جرح غائر و أمر جلل تكاد تكون جل مصائبنا وتكالب الامم علينا بسببه..
لقد تراخينا كثيرا وركن الأغلبية منا لحديث عظيم وبشرى لرسول الله للأمة عندما قال (اذا هلك كسرى فلا كسرى من بعده) دون التدبر والعمل الذي يحقق تلك البشرى.
ان الذي يجري في الامة فاق ضرره مكر وعداء كسرى الذي بشر النبي بهلاكه, ولم ينهض خليفة كسرى اليوم ويستأنف مشروعه الا من بعد ان ترك القوم التوكل الصحيح وركنوا للتواكل وابتعدوا عن النهج الصحيح وتفرقوا ولم ياخذوا بالاسباب التي تحفظ للامة عزتها ومكانتها بين الامم..
وحتى تتحقق بشرى نبينا الكريم بان لا كسرى بعد كسرى ونحن على يقين من تلك البشارة وانه لن يستنسخ كسرى المجوس واجندته بمفهوم اليوم لكن ذلك لا يمنع من ان يخرج من تلك الارض من هو العن واشد بأسا من كسرى ونحن من يمهد الطريق لمشروعه وتمدده,
يستوجب على مفكري الامة وقادتها الوقوف مطولا على نتائج احتلال العراق ومسبباته واسبابه ونتائجه اولا ثم وضع الخطة المحكمة لوقف نزيفه وتدهوره وهذا يحتاج بدءا الى انفتاح جميع الانظمة العربية على بعضها وركن جميع الخلافات جانبا والتفكير مليا بالحلول الانية والمرحلية وبعيدة المدى وعدم القنوط والاستسلام والرضى بما آلت اليه الامور..
لا ينفعنا اليوم ان نتلاوم او نلقي باللائمة على الحكومات السابقة واللاحقة والشعوب والكتل والاحزاب والقيادات والافراد الذين فرطوا في العراق وجعلوه فريسة سهلة بيد الغرب ثم بعد ان مزقوه تركوه وراء ظهورهم لتكمل المسيرة الدموية من بعدهم ايران ومليشياتها..
وللاسف لم يتحرك فينا ولغاية الساعة ساكن ولم يستنفر منا الوازع العروبي ولا العقائدي ولا الانساني وكأن العراق لا يعنينا في شيئ!! وكأن الشعب العراقي شريك في رسم السياسة الخاطئة للانظمة المتعاقبة على حكمه ويجب عليه ان يدفع فاتورة باهضة و يتحمل وزرا لم يقترفه!!
مشكلتنا ليست مع العراق او اي بلد عربي اجتاحته الحروب والفوضى ولا تكمن مع الانظمة التي نختلف معها, مشكلتنا الرئيسية اننا لا نفصل بين الشعوب وانظمتها بل نضع الشعب والنظام في خانة واحدة وهذا هو الذي يسهل على الاعداء هدم دولنا واحدة تلوى الاخرى وبالمعول العربي دون جهد يذكر!!
فقط عليهم التخطيط والتسلل لدولنا واشعال الفتيل ثم نتولى نحن العرب المهمة اما بغرز الرماح بظهر تلك الشعوب المغلوبة على امرها او بتوفير الاموال لشراء وصقل وشحذ السيوف التي ينحر بها المستضعفون !!
وللاسف تتكرر وفي كل مرة نفس المسرحية بعد اعادة تدوير المكر والخداع ثم التغييب القسري للفكرالعربي, لكن وبعد ان يقع المحضور وبعد فوات الاوان وربما بغريزة الخوف من القادم يعود الوعي للذاكرة العربية فيجلس الفرقاء مضطرين للتباحث عن المخرج لكن سرعان ما تنقض عليهم الدول الكبرى لتشتيت اي تجمع او وعي عربي لتمزقه ثم تسعى جادة لتزرع الضغائن بين الاشقاء لينشط بعدها تجار الحروب والسلاح وتعقد الصفقات واتفاقيات الزور المسماة الدفاع المشترك التي يضحك بها الكبار على الذقون ليحلبوا الأموال الطائلة !!
ليس من السهل كما يتصور البعض اعادة العراق لحاضرته العربية,
ربما بالامس كان في متناول اليد العمل لعدم انزلاق العراق ويتمثل باحتواء ازماته وحلحلتها وحتى ان تطلب الامر احتواء النظام دون الحاجة للإنغلاق والاستعانة بالاجنبي وقواته المفرطة والعون على دق طبول الحرب التي باتت تقرع اليوم على ابوابنا وهي قاب قوسين او ادنى منا دون ان نحسب تلك العواقب واصبحنا اسرى لها!!
لقد كان المتحكم بالملف العراقي ومن يديره في بادئ الامر طرفا واحدا وهي (امريكا) ومن السهل الوصول معها لتفاهمات تبعد شبح الحروب وسحق الشعوب.
لكن اليوم قد ادرك العرب تماما وتأكد لهم انهم قد خدعوا وأضاعوا العراق ولكنه وفي وقت متأخر جدا عاد لهم الوعي وقد تعقد فيه المشهد وكثرت الاطراف وتمزق منه النسيج الاجتماعي واصبحت الطائفية والاثنية واقعا مريرا انعكس حتى على تشكيلة الحكم فيه ..
ان بلدا غنيا كالعراق لا احد مستعد ان يفرط بشبر واحد فيه من الاعداء بعد ان تمترس الجميع واحتلوا مواقعهم وبثوا عملائهم.
اليوم يجب التعامل مع الواقع العراقي بعيدا عن الخطابات و العاطفة والحماس,
العراق بحاجة لتحرك اممي تقوده الامة العربية ان بقي فيها عزم ونفس عروبي
كذلك يجب التحرك العربي المدروس بموازاته للحفاظ على ما تبقى من قلاعنا ووقف المد الايراني ومشروعهم الذي اكتملت فصوله,
فليت الامر يتوقف عند العراق وسوريا واليمن ولبنان لفوضنا امرنا لله . لكنه واقولها بمرارة فان امن الخليج والمشرق والمغرب العربي اليوم كله مستهدف وقد وضعت له السيناريوهات وما هي الا مسألة وقت وتفاهمات دولية والخادم الايراني مستعد لكل رذيلة تحيق بالامة
فأفيقوا رعاكم الله.