الطقس
مسؤول بالمنظمة العالمية للأرصاد الجوية: منطقة الخليج مهددة بزيادة الأعاصير والعواصف الترابية
ما بين الأمطار الغزيرة والحرارة العالية والرياح والعواصف الترابية يلتفت الناس إلى أهمية الأرصاد الجوية، وتظل المتابعة حثيثة لدرجات الحرارة ولأخبار الطقس، من هذا المنطلق التقينا د. هشام عبدالغني الممثل الإقليمي للمنظمة العالمية للأرصاد الجوية لمنطقة غرب آسيا ليتحدث عن التغير المناخي ويجيب عن سؤال مهم وهو هل تغيرت طبيعة الطقس في هذه المنطقة من العالم، وما هي التوقعات المستقبلية للمناخ؟
د. هشام عبدالغني أكد أن الآثار المناخية في 2017 تسبب في الإضرار بأكثر من 41 مليون شخص حول العالم بسبب الفيضانات وتضرر 26% من قطاع الزراعة بسببها أيضا و30% من سكان العالم تأثروا بالموجات الحارة، ونزح نحو مليون نسمة في الصومال نتيجة الجفاف، بالإضافة إلى أنها كانت أكثر الأعوام تأثيرا على الشعب المرجانية بالإضافة إلى ما شهدته بعض مناطق العالم من هطول لأمطار غزيرة استثنائية وكذا كان العام الأكثر كلفة من ناحية أضرار العواصف.
وشدد على ضرورة إدراك أهمية قطاع الأرصاد الجوية الذي يرتبط بكثير من القطاعات ذات العلاقة بالتنمية، لأنه من القطاعات المظلومة إعلاميا ويحتاج إلى التركيز على أهمية الجهات الوطنية القائمة على الأرصاد الجوية.. لافتا إلى أن السعودية والإمارات والبحرين أولت اهتماما كبيرا بمتابعة الإعصار في اليمن وسلطنة عمان.. وهذا نص الحوار:
– هل هناك اهتمام متنام بقطاع الأرصاد الجوية في منطقة غرب آسيا عموما ومنطقة الخليج العربي خصوصا؟
قطاع الأرصاد في جميع أنحاء العالم مظلوم بعض الشيء ولا يحظى بالاهتمام الكافي رغم أهميته الشديدة وتأثيره على حياة الناس المباشرة وعلى جميع القطاعات الاقتصادية، وفي دول الخليج العربي بشكل عام هناك قدر من الاهتمام والوعي.
وفي مملكة البحرين قطاع الأرصاد الجوية والقائمون عليه يتابعون التطورات التي يشهدها هذا المجال باعتبار المملكة عضوا في المنظمة العالمية للأرصاد الجوية، كما أنها مرتبطة بالمراكز الإقليمية والدولية وتطلع على البيانات المناخية، كما أن المملكة تتميز بمبادرة طيبة وهي الربط مع المستفيدين، من خلال توقيع مذكرات تفاهم بين الأرصاد الجوية وقطاعات الزراعة والبيئة وجامعة البحرين، وهو ما يسهم في تأكيد أهمية الأرصاد لهذه القطاعات، وهو تطور إيجابي.
ووجود بعض الظواهر المناخية ذات التأثير على قطاعات الزراعة والمياه والطاقة مثل العواصف الترابية ملموسة في منطقة الخليج، حيث إنها قد تتسبب في تعطيل حركة الطيران أو النقل أو تؤدي إلى إغلاق المدارس في بعض المناطق بسبب آثارها الصحية الخطرة، وكذا بعض الأعاصير التي شهدتها سلطنة عمان واليمن، ربما دفع القيادات السياسية في هذه البلدان إلى إدراك أهمية الأرصاد ودورها.
وإلى حد كبير أستطيع أن أقول إن منظومة الأرصاد الجوية في منطقة الخليج في حالة طيبة، حيث تتوافر شبكات الرصد والنماذج العددية التي تستخدم في التنبؤات المناخية، ولكن هذا لا يعني أنه لا يوجد مجال للتحسين، لأن التطوير أمر ضروري طوال الوقت، كما أننا نرى تعاونا جيدا بين دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، وخصوصا في مجال رادارات الأمطار، من خلال شبكة تربط الرادارات في المنطقة لتبادل البيانات، بالإضافة إلى وجود بعض المراكز الإقليمية المتخصصة في منطقة غرب آسيا الموجودة في المملكة العربية السعودية، التي تعد من الدول التي تولي اهتماما لافتا بهذا القطاع، وهي في طريقها لإقامة مركز إقليمي متخصص في العواصف الترابية وكذلك لا بد من الإشارة إلى موافقة مجلس الوزراء البحريني على إنشاء المركز الإقليمي لصندوق المناخ الأخضر في البحرين الذي يعد واحدًا من أهم الآليات التمويلية في مجال التغيرات المناخية لتحقيق أهداف اتفاقية الأمم المتحدة الاطارية لتغير المناخ التي صدقت عليها مملكة البحرين في سنة 1994.
كما أن دولة الإمارات لديها برنامج رائد في مجال الاستمطار، وقد بدأت في مجال البحث العلمي لتطوير المواد المستخدمة في هذه التقنية.
كل هذه البرامج والمراكز الإقليمية سوف تعم فائدتها على دول الخليج والمنطقة العربية كلها.
وهذا يأتي في إطار التعرف على الظواهر الجوية التي تؤثر على المنطقة في ظل التغيرات المناخية وندرة المياه.
– السؤال الذي يدور دائما في الأذهان هل توقعات الأرصاد صحيحة؟
هناك تنبؤات قصيرة المدى وأخرى طويلة المدى، أما التنبؤات القصيرة المدى فعادة ما تكون دقتها عالية حتى 3 أيام ويمكن أن تمتد إلى 10 أيام، وهناك ما يسمي بالتوقعات المناخية الفصلية وهي أن نتوقع للصيف أو الشتاء القادم، ودقتها تكون أقل نوعا ما.
لا بد أن نشير إلى عنصر أساسي هو أن التوقعات والتنبؤات المناخية تقوم على نماذج رياضية معقدة، وكذلك تبنى على البيانات المتوافرة لدى إدارة الأرصاد الجوية من قبل، وقواعد الاحتمال لأن الماضي يتكرر في المستقبل، ولكن التغيرات المناخية التي حدثت تسببت في زيادة صعوبة التوقعات المناخية.
ويعجبني الإخوة في سلطنة عمان في تعاملهم مع الإعصار الأخير، لأنه عندما كان يصدر التحذير يذيله بعبارة «والله أعلم»، لأنه في الحقيقة لا يمكن التوقع بنسبة 100%، وهناك احتمالية من الخطأ.
– أعاصير وسيول وعواصف ترابية، ظواهر مختلفة شهدتها منطقة الخليج العربية والمنطقة العربية خلال السنوات الأخيرة، كيف ترى هذه الظواهر، وهل نتوقع الأسوأ منها في المستقبل؟
هذه ظواهر مترولوجية طبيعية ليست بالغريبة وهي تحدث منذ زمن طويل ولكن يبدو أن حدتها وتكرارها قد زاد في الفترة الأخيرة، فعلى سبيل المثال إذا نظرنا إلى الأعاصير في منطقة الخليج نجد أن اليمن وسلطنة عمان ونظرا إلى موقعهما الجغرافي على بحر العرب فإنهما يتعرضان للأعاصير التي تتكون في هذه المنطقة، وفي خلال الفترة من 2010 إلى 2018 كانت هناك 10 عواصف بهذه المنطقة بينما كانت العواصف في الفترة من 2000 حتى 2010 كانت 5عواصف فقط وخلال فترة التسعينيات بلغت 6 عواصف وفي فترة الثمانينيات كانت عاصفتين فقط، أما فترة السبعينيات فكانت فترة استثنائية حيث وصلت العواصف إلى 11 عاصفة، وفي الستينيات كانت 6 عواصف وفي الخمسينيات كانت 3 عواصف.
وهذه الإحصائية تدل على أن السنوات الثماني الماضية تشهد تزايدا في عدد الأعاصير والعواصف بالمنطقة، ومن المحتمل زيادتها خلال العامين القادمين من العقد الحالي ليصل عددها إلى 12 عاصفة ما يعني أن هذه العشرية قد تكون الأعلى معدلا في تاريخ المنطقة.
– ما تعليقك على إعصار «مكونو» الأخير الذي ضرب اليمن وسلطنة عمان؟
إن هذا الإعصار كان من الأعاصير الكبيرة التي أثرت على اليمن وسلطنة عمان وتم تصنيفه على أنه من النوع الثاني، حيث إن الأعاصير تصنف على حسب حدتها وسرعة الرياح المصاحبة لها من الأول إلى الخامس.
يذكر أن هذا الإعصار سبقه بأسبوع واحد إعصار آخر هو إعصار «سجار» وهذه هي المرة الثانية التي يحدث فيها إعصاران متكرران في أسبوع واحد، وقبل ذلك حدث هذا في نفس المنطقة عام 2015.
وإعصار «سجار» اصطدم بالأرض في دولة جيبوتي، وإعصار «مكونو» اصطد بالأرض في سلطنة عمان، ومر على جزيرة سقطرة في اليمن ما خلف عددا من الوفيات يصل إلى 40 حالة في سقطرة.
وهذه الأعاصير تزيد حدتها بسبب ارتفاع درجة حرارة سطح مياه بحر العرب، وكلما زادت درجة حرارة مياه البحر زادت قوة الإعصار قبل أن يصطدم بالأرض.
إعصار «مكونو» صاحبه كمية أمطار غزيرة بشكل غير عادي وصلت إلى 505 مليمترات، ولا بد أن أنوه بدور الأرصاد الجوية بسلطنة عمان، لأنهم تعاملوا بصورة جيدة مع إصدار البيانات والتحذيرات في التوقيتات المناسبة، ولا بد أن نشيد بكل أجهزة الدولة بسلطنة عمان واللجنة الوطنية للدفاع المدني، لأنهم كونوا منظومة عمل على درجة كبيرة من الدقة والتنسيق المشترك أدت إلى قلة عدد الوفيات بصورة كبيرة مقارنة بإعصار «جونو» الذي اجتاح سلطنة عمان في 2007، وأدى إلى وفاة أكثر من 50 شخصا حينها وخسائر اقتصادية قدرت بـ 4.2 بلايين دولار أمريكي.
الجدير بالذكر أن هيئات الأرصاد الجوية بالمملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة ومملكة البحرين كانوا يتابعون عن قرب تطورات هذا الإعصار وكانوا ينشرون بصورة دورية نشرات عن تطورات هذا الإعصار.
ولا بد أن أشير هنا إلى الاستخدام الإيجابي لوسائل التواصل الاجتماعي خلال فترة هذا الإعصار حيث لعبت دورا إيجابيا مما قامت به هذه الهيئات من نشر تحذيرات في توقيتات سليمة، ما يسهم في تبادل المعلومات والتطورات عبر التواصل الاجتماعي.
وأود أن أشير إلى أن عام 2017 قد شهد كوارث ناجمة عن ظواهر مرتبطة بالطقس والمناخ ذات آثار اقتصادية كبيرة قدرت تلك الخسائر على مستوى العالم بـ 320 بليون دولار أمريكي.
– انبعاثات التراب في الغلاف الجوي تقدر سنويا بحوالي 2000 مليون طن، ماذا عن أنظمة رصد العواصف الترابية لحماية المواطنين في منطقتنا؟
أولا تحدث العواصف الترابية والرملية في المناطق الجافة وشبه الجافة وفي الغالب منها منطقة الخليج والشرق الأوسط. ومنطقة الخليج تحديدا تقع في حزام العواصف الترابية التي منشأها صحراء شمال إفريقيا وكذلك منطقة دجلة والفرات في العراق وسوريا، ومنطقة الربع الخالي بالمملكة العربية السعودية، المنطقة الصحراوية بجوار نهر الأردن، وصحراء إيران ومنطقة الحدود بينها وبين أفغانستان بالإضافة إلى بعض المصادر الداخلية.
ولو نظرنا إلى تعدد مصادر العواصف الترابية سنجد أن عدد العواصف الترابية كبير إلى حد ما مع اختلاف حدتها على مستوى المنطقة، لكنها في بعض الحالات قد تؤدي إلى غلق المطارات والطرق.
ومصادر الأتربة قد تكون مصادر طبيعية نتيجة وجود الصحاري والمناطق الجافة، أو نتيجة أنشطة الإنسان كالأنشطة الصناعية وسوء إدارة المياه والتربة.
والمنطقة قد تشهد زيادة في مصادر الأتربة وبالتالي احتمال زيادة العواصف الترابية نتيجة الاحتباس الحراري الناتج عن الغازات الدفينة، وذلك طبقا لتقرير اللجنة الحكومية للتغيرات المناخية، كما من المحتمل أن الأراضي الجافة سوف تشهد قلة في الأمطار مع زيادة في معدلات التبخر وبالتالي فإن الطبقة السطحية من التربة سوف تحتوي على كميات كبيرة من حبيبات التربة الصغيرة والتي تنتقل بسهولة عن طريق حركة الرياح.
يجب التنبيه إلى أن العواصف الترابية لها آثار صحية خطيرة وخاصة على الأطفال وكبار السن والمرضى المصابين بحساسية وأمراض صدرية، كما أنها تؤثر وتسبب خسائر اقتصادية على العديد من القطاعات الاقتصادية وعلى رأسها قطاع النقل بكافة أنواعه وخاصة النقل الجوي والبري.
– ما هو دور المنظمة العالمية للأرصاد الجوية؟
إيمانا من دور المنظمة العالمية في حماية الأرواح والممتلكات ودعمها للقضايا الاقتصادية المختلفة وخاصة التي تتأثر بصورة كبيرة بعوامل الطقس والمناخ والمياه، قامت المنظمة بعمل برنامج للعواصف الترابية والرملية بالمنظمة بناء على رغبة العديد من الدول الأعضاء بالمنظمة وخاصة التي تتأثر بتلك الظاهرة.
ويهدف هذا البرنامج إلى زيادة قدرات الدول من خلال شبكات الرصد والتنبؤ وتبادل المعلومات والمعرفة وهذا البرنامج إن كان عالميا إلا أن تطبيقه سيتم على المستوى الإقليمي حيث تم إنشاء عدد من التجمعات الإقليمية حتى الآن، ويخدم كل تجمع مركزا إقليميا متخصصا، منها المركز الإقليمي الذي يخدم شمال إفريقيا والشرق الأوسط وأوروبا ومقره إسبانيا، ومن المقترح عمل تجمع إقليمي لمنطقة آسيا وقد يتم عمل تجمع لدول مجلس التعاون الخليجي، وكل هذه المراكز المقترحة مازالت في طور النقاش والتقييم ولكنه سيتم التحرك قريبا في إنشائها.
أود التأكيد أن مصادر الأتربة قد تكون في الكثير من الأحيان مصادر من خارج الدول المتأثرة بعواصف الأتربة لذا من المهم التعاون الإقليمي من خلال تبادل المعلومات والعمل على إنشاء نظم الإنذار المبكر المتعددة الأغراض والعمل على تطبيق سياسات للتخفيف والتأقلم مع هذه الظاهرة، نحتاج إلى زيادة المساحات الخضراء وإدارة أفضل للمياه والتربة ومزيد من الوعي حول كيفية التقليل من آثار العواصف الترابية على الصحة.
وأجدد القول إن شبكات رصد الأتربة ونظم التنبؤ بدول الخليج جيدة ولكن تحتاج إلى شبكات رصد تغطي المزيد من الأماكن التي لا توجد بها مع اختيار مواقعها طبقا للقواعد المعمول بها في هذا الشأن، وأعتقد أن هناك مجالا للتطور والتحسين دائما لمواكبة التقدم في علوم الأرصاد والتكنولوجيا الخاصة بها.
– هل أصبح العالم أكثر حرارة من ذي قبل، وما آثار التغيرات المناخية على منطقة الخليج؟
نعم العالم أصبح أكثر حرارة، فمتوسط درجات الحرارة في عام 2017 أعلى من درجات الحرارة ما قبل العصر الصناعي بمقدار 1.1 درجة سلسيوس تقريبا، وكان متوسط درجات الحرارة العالمية في السنوات الخمس 2013- 2017 هي أعلى متوسط مسجل لخمس سنوات، كما أن آخر تسع سنوات شهدها العالم جاء جميعها منذ عام 2005، وجاءت أحر خمس سنوات منذ عام 2010.
وبالطبع ارتفاع درجات الحرارة جزء كبير منها نتيجة زيادة تركيز غاز ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي والذي وصل كما ذكرت إلى 400 جزء في المليون، وهذا بطبيعة الحال أدى إلى التغيرات المناخية التي تشهدها والتي أدت إلى استمرار الطقس المتطرف مخلفا الكثير من الضحايا وتدمير البنية التحتية والخسائر الاقتصادية، فقد شهدت منطقة القطب الشمالي ارتفاعا غير عادي في درجات الحرارة، بينما المناطق ذات الكثافة السكانية في نصف الكرة الشمالي عانت من برد قاس، وأجزاء أخرى من العالم مثل أستراليا والأرجنتين عانت من موجات حر شديدة واستمر الجفاف في الصومال وكينيا وشرق إفريقيا.
الآثار متعددة ومختلفة من منطقة إلى أخرى، ونذكر هنا الأعاصير التي أثرت على منطقة شمال الأطلسي مثل إعصار هارفي وايرما وماريا وما سببته من دمار كبير وخاصة بجزر الكاريبي.
بالنسبة إلى منطقة الخليج التي تطل كل دولها على بحار فإن ارتفاع منسوب المياه نتيجة ذوبان الجليد بالقطب الشمالي هو أحد الهواجس لتلك الدول، كذلك احتمال زيادة العواصف بأنواعها المختلفة وخاصة الأعاصير على اليمن وسلطنة عمان، والعواصف الترابية على كافة دول الخليج وما تسببه من آثار على بعض القطاعات الاقتصادية والخدمية مثل قطاعات النقل والصحة والزراعة.
كذلك يهدد التغير المناخي التنوع البيولوجي بالمنطقة، وقد تلاحظ خلال السنوات القليلة الماضية أن هناك مزيدا من الأمطار في منطقة الخليج بينما التوقعات المستقبلية وفق سيناريوهات التغيرات المناخية الأسوأ هي قلة الأمطار ومزيد من الجفاف وارتفاع درجات الحرارة، ولا بد من التفرقة بين التغيرات المناخية العامة وفق دورة المناخ والتغيرات المناخية نتيجة تدخل الإنسان.
– ماذا عن تأثير التغير المناخي على الأمن الغذائي العالمي؟
قطاع الزراعة من القطاعات التي تتأثر كثيرا بالتغيرات المناخية وخاصة بموجات الجفاف والتي تؤثر على المحاصيل الزراعية والثروة الحيوانية، كذلك موجات السيول والتي تؤدي إلى انهيارات أرضية وتدمير للمحاصيل، بالإضافة إلى حدوث التغير في مواسم الأمطار من حيث التوقيت وزيادة أو قلة الأمطار التي تؤثر على هذا القطاع.
ولكن يجب أيضا أن نذكر أن قطاع الزراعة والثروة الحيوانية من القطاعات التي تسهم بصورة كبيرة في انبعاث غاز ثاني أكسيد الكربون وأكسيد النيتروز، كما تؤدي إزالة الغابات وتحويلها إلى مناطق زراعية إلى ذلك أيضا، ولكن يمكن التقليل من الغازات الدفينة المنبعثة عن قطاع الزراعة بزراعة بعض الأشجار في الحقول وتنويع المحاصيل الزراعية وإراحة الأرض.
وقطاع الزراعة يقوم بجهود كبيرة للتأقلم مع التغيرات المناخية مثل حصاد الأمطار وإنتاج بذور تتحمل ملوحة عالية ودرجة حرارة عالية ودرجة جفاف عالية بالإضافة إلى استخدام نظم الري الحديثة لتوفير استهلاك المياه، وتقليل مساحات المحاصيل الشرهة للمياه، وتغيير مواعيد الزراعة بما يتلاءم مع التغيرات الجوية، وإجراءات أخرى يقوم القطاع الزراعي على تطويرها وتحديثها.
– أهداف التنمية المستدامة، أولت اهتماما كبيرا بالتغير المناخي وتأثيراته على البيئة فكيف يمكن حماية الكوكب من الأضرار المناخية من خلال التنمية المستدامة؟
إن أهداف التنمية المستدامة الـ 17 لم تترك قطاعا اقتصاديا أو خدميا أو أيا من القضايا المهمة على الأجندة العالمية لم يتم إبرازها والتعامل معها، وقد خصص للمناخ والتغير المناخي والتعامل معه الهدف الـ 13 بصورة مباشرة وانعكس بصورة غير مباشرة في العديد من الأهداف الأخرى التي تمس عديدا من القطاعات المتأثرة بالمناخ مثل قضايا الأمن المائي والأمن الغذائي وأمن الطاقة وقطاع الصحة وغيرها، وبالتالي فإن التكامل والتفاعل والتنسيق ووضع السياسات بهذه القطاعات والتي تأخذ عامل المناخ في الاعتبار حتى وإن كان هذا القطاع مساهما بشكل رئيسي في زيادة انبعاث غاز ثاني أكسيد الكربون مثل قطاعات الصناعة والزراعة والنقل وغيرها، فتكون السياسات الجديدة والتي تعمل على تقليل انبعاث الغازات المسببة للاحتباس الحراري، وكذلك يجب أن تأخذ هذه السياسات في الاعتبار كيفية التأقلم والتقليل من تأثير التغيرات المناخية على هذه القطاعات.
وعلى سبيل المثال نجد أنه يتم التعامل مع المياه والطاقة والغذاء كمنظومة واحدة متكاملة آخذين في الاعتبار المناخ والتغير المناخي وتأثيره على هذه المنظومة وكذلك نظرا إلى تأثير وتأثر كل من تلك القطاعات بالأخرى، وبالتالي لا يمكن أن يتم اتخاذ قرار في أي من هذه القطاعات من دون الأخذ في الاعتبار تأثير وتأثر هذا القرار بما يجري في القطاعات الأخرى.
– ما دور مكتب المنظمة العالمية للأرصاد الجوية لغرب آسيا في دعم مرافق الأرصاد بدول الخليج العربية؟
الحقيقة وإن كان المكتب بالدرجة الأولى يغطي منطقة غرب آسيا إلا أنه يتعامل فعليا مع كافة الدول العربية، والغرض من وجود المكتب هو التعرف على الاحتياجات الوطنية والإقليمية في مجال الأرصاد والعمل مع الإدارات الفنية المختلفة بالمنظمة على تقديم الدعم الفني المطلوب، كذلك يعمل المكتب على التعاون مع المنظمات الدولية والإقليمية في تقديم الخدمات في مجال الأرصاد لدول المنطقة.
فعلى سبيل المثال قام مكتب المنظمة لغرب آسيا مؤخرا بالتعاون مع منظمة الأسكوا ومنظمة الأمم المتحدة للبيئة والجامعة العربية بتنظيم دورة تدريبية للمنطقة العربية في مجال العواصف الترابية والرملية، وكذلك بالتعاون مع منظمة الأسكوا يتم تقديم الدعم للمنتدى العربي للتوقعات المناخية والذي يقوم بعمل التوقعات المناخية الفصلية للمنطقة العربية.
ومن صور الدعم الذي قدمه المكتب توفير فرق الخبراء من المنظمة الذين زاروا السعودية والبحرين وفلسطين خلال العام الماضي لتقديم الدعم الفني لتطوير مرافق الأرصاد بتلك الدول وغيرها من الأنشطة الأخرى.
– ماذا عن اطار التعاون والشراكة الموقع بين منظمات الأمم المتحدة وحكومة مملكة البحرين؟
هذا الإطار مهم جدا، ويعتبر نموذجا يحتذى به للدول الأخرى وهذا الإطار يفتح المجال بصورة أكبر من الماضي في دعم المنظمات الدولية لحكومة البحرين في تنفيذ خطط التنمية بها كما يعمل على التنسيق والتكامل بين المنظمات الدولية في تقديم خدماتها إلى دولة البحرين، كما أنه إطار ديناميكي مرن يتسع لوضع مقترحات لمشروعات جديدة بصفة دائمة وذلك بالطبع ضمن الإطار الزمني لإطار الشراكة.
وأعتقد أنه عند انتهاء فترة إطار الشراكة الحالي وعند عمل تقييم لما تم إنجازه سوف تكون نتائج التقييم إيجابية ومردود إطار الشراكة ومساهمة المنظمات الدولية في دعم تنفيذ خطط التنمية بالدولة ملموسة.