اليمندول الخليج
حرب اليمن تستنزف الحوثيين دون أفق لتجديد قواتهم
مأرب (اليمن) – تواجه ميليشيا الحوثي المتمرّدة في اليمن صعوبات كبيرة في العثور على مجنّدين جدد لمواجهة حالة الاستنزاف التي تعرّضت لها جرّاء طول الحرب وكثرة ما منيت به من خسائر بشرية، في ظلّ عزوف القبائل التي كانت تمثّل خزانها البشري التقليدي عن إرسال أبنائها للقتال في حرب تبدو بلا نهاية وميؤوس من تحقيق أي انتصار فيها، فضلا عن انعدام الحوافز المادية مع اضطرار الجماعة لتقليص رواتب مقاتليها وقطعها لمدد متفاوتة بفعل الضائقة المالية الشديدة التي يمر بها المتمرّدون.
وتؤكّد مصادر قبلية بشمال اليمن لجوء جماعة الحوثي إلى القوّة لإجبار بعض العائلات على إرسال أبنائها إلى معسكرات التدريب التابعة للجماعة في صعدة وعمران وصنعاء، وغيرها من المناطق.
وتشرح ذات المصادر أنّ من بين من يجبرون على القتال كهول تجاوزوا سنّ التجنيد، وأطفال تتراوح أعمارهم بين 12 و16 سنة بحسب بنيتهم الجسدية وقدرتهم على حمل السلاح.
وواجه متمرّدو اليمن في الفترة الأخيرة سلسلة متتالية من النكسات عكسها تراجعهم الميداني وانسحابهم من عدّة مناطق كانوا يحتلّونها لا سيما في محافظتي مأرب وتعز، مخلّفين جثث العشرات من قتلاهم.
وتعجّ وسائل الإعلام المحلية ومواقع التواصل الاجتماعي بأسماء القادة الميدانيين في صفوف جماعة الحوثي الذين يقتلون في الحرب، ما يمثّل خسارة كبرى للجماعة يصعب تعويضها.
وقالت المقاومة الموالية للشرعية اليمنية، الأربعاء، إن 21 من الحوثيين قتلوا خلال معارك مع الجيش اليمني بمحافظة مأرب، شرقي البلاد.
وذكرت في بيان أنّ المعارك العنيفة الدائرة منذ الثلاثاء بين الجيش والحوثيين للسيطرة على جبل مرثد الاستراتيجي شمالي مديرية صرواح أسفرت عن سقوط العشرات من عناصر ميليشيا الحوثي بين قتلى وجرحى.
وساهمت ضربات طيران التحالف العربي في استنزاف الكتلة البشرية المقاتلة للحوثيين فضلا عن تدميرها كما كبيرا من سلاحهم وعتادهم. وكثّف التحالف، الأربعاء، غاراته على تعزيزات الحوثيين في مديرية صرواح، غربي مأرب.
وقال مصدر محلّي لوكالة الأناضول إنّ الطيران استهدف أربع دوريات عسكرية، على متنها عدد كبير من مسلحي الحوثي، كانت في طريقها لتعزيز مواقعهم، مؤكّدا أنّ الغارات أدت إلى تدمير الدوريات وأوقعت خسائر بشرية ومادية مؤكدة.
وتدور منذ الخميس الماضي، معارك عنيفة بين الحوثيين والجيش اليمني الذي يسعى لاستعادة مركز مديرية صرواح التي تعدّ إحدى بوابات تحرير صنعاء من المتمرّدين.
وشهدت العديد من الجبهات اليمنية تصعيدا في القتال ربطته مصادر مطلعة بتوجّه نحو تسريع جهود استكمال تحرير مناطق البلاد في ظلّ ظروف سياسية وعسكرية باتت أنسب من أي وقت مضى لحسم الحرب وطيّ الملف اليمني وإنهاء تداعياته المحلية والإقليمية.
وتقول المصادر ذاتها إنّ الانسحابات المتتالية للمتمرّدين من مواقعهم بجبهتي مأرب وتعز، تعكس حالة الإنهاك التي أصبحت عليها قوّاتهم بفعل طول الحرب وشحّ الإمدادات الواصلة إليهم بسبب الرقابة الصارمة التي تفرضها قوات التحالف العربي على المنافذ اليمنية، وفاعلية الطيران الحربي في ضرب قوافل الإمداد الداخلية التي يحاول المتمرّدون تحريكها لتعويض خسائرهم الكبيرة في الأرواح والعتاد.
وسياسيا تشهد جبهة التمرّد تصدّعات هي الأخطر منذ اتفاق جماعة أنصار الله الحوثية وعلي عبدالله صالح علي توحيد جهودهما للانقلاب على السلطات الشرعية وغزو مناطق البلاد وإخضاعها بقوّة السلاح.
وبحسب مطلعين على كواليس حزب المؤتمر الشعبي العام بقيادة الرئيس السابق علي عبدالله صالح شريك الحوثيين في التمرّد، فإنّ جزءا من الخلافات يدور حول خيار مواصلة الحرب من عدمه، حيث ترى شخصيات هامّة من حزب صالح ضرورة فتح الباب للحلّ السلمي لتفادي هزيمة في الحرب ستكون قاصمة، بينما يتشدّد كبار قادة جماعة الحوثي في الإصرار على خيار الحرب المفروض أصلا من إيران التي من مصلحتها استمرار الأوضاع في اليمن على ما هي عليه حتى يظّل بؤرة للتوتر في خاصرة غريمتها الكبرى المملكة العربية السعودية.