سياسة
الماء والخضرة والوجه الحسن في ديوان شاعر إماراتي
أبوظبي – صدر عن أكاديمية الشعر في لجنة إدارة المهرجانات والبرامج الثقافية والتراثية، الجزءان الأول والثاني من ديوان الشاعر حمد بن عبدالله العويس من جمع وتحقيق الأديب الإماراتي حمد خليفة أبوشهاب، وذلك ضمن سلسلة الأعمال الشعرية الكاملة (13) للأديب الراحل حمد أبوشهاب، والتي تصدر بإشراف عام من قبل سلطان العميمي مدير أكاديمية الشعر، والهيئة الاستشارية المكوّنة من الباحث غسان الحسن وأحمد حمد أبوشهاب.
يقع الديوان في 283 صفحة من القطع المتوسط، ويحمل بين طياته نصوصا ذات قيمة أدبية كبيرة، تمثل ملامح تجدّد الأدب الشعبي الإماراتي، وتتمتع بسمة التأثير في ذائقة ووجدان المتلقي في الخليج العربي والمنطقة العربية، فالشاعر حمد بن عبدالله بن سلطان العويس مرهف الأحاسيس ذو موهبة فذة، مكنته من إبداع وكتابة العديد من القصائد التي تمتلك مفردات معبّرة ومميزة ومليئة بالأحاسيس الممزوجة بقدرة كبيرة على تطويع اللغة وتقديم رؤى الشاعر في شتى المواضيع التي طرحتها قصائده.
يضم الجزءان الأول والثاني من الديوان قصائد متنوعة الأغراض الشعرية منها الغزل والمديح وردود القصائد، ويسود مزايا منهجه الشعري الطابع الوجداني المرهف في التعبير وانتقاء الكلمة، والتدفق الشعري، علاوة على مزجه بالتراث، والأصالة وبالأسلوب الحديث والمبسط.
تتصدر الكتاب مُقدّمة للمؤلف حمد أبوشهاب يقول فيها “أقدم إلى عشاق الشعر الشعبي وقرائه ديوان الأخ الصديق الشاعر حمد بن عبدالله بن سلطان العويس، أقدمه شادياً بنسائم الصباح الندية، محيياً نفحات المساء الشذية مترنماً بوميض البرق وانهمار الودق، مشبباً بالظباء السوارح مناغياً للطيور الصوادح، وهكذا كلما حركته الأشجان لبعد حبيب شدا، وكلما أثارته لواعج الغرام حدا، صاغ شاعرنا ذلك كله بأسلوب تمتزج فيه سهولة التركيب بجزالة التهذيب، تقرأه فتحس في نفثاته عفة البداوة وقد شيبت برقة الحضارة، ذلكم بأن شاعرنا وإن كان حضري الموقع إلا أنه بدوي المنزع، ففي مرابع البدو أمضى جل أوقاته وما زال لها مُعايشاً ولأهلها مصاهراً”.
معظم قصائد الشاعر تكشف عن أن العاطفة المسيطرة عليه هي الحب والحنين والشوق واللهفة، بنفس شعوري هادئ
ويتابع المؤلف “ثلاث يُذهبن الحزن، الماء والخضرة والوجه الحسن، فإن قيل: أين هي؟ قلنا إنها بين دفتي ديوان العويس”.
يشكل ديوان الشاعر حمد بن عبدالله العويس مزيجاً إنسانياً ووجدانياً ذا قيمة شعرية عالية، فهو شاعر متفرّد في فكره، وفي التعبير عن مكوناته العاطفية في إطار من التواصل الثقافي بين الأجيال، يتآلف ويتآخى فيه الحنين والحب والشوق والعديد من الأغراض الشعرية إلى جانب حضور الأدب المحلي والخليجي.
إذ تكشف معظم قصائد الشاعر أنّ العاطفة المسيطرة عليه هي عاطفة الحب والحنين والشوق واللهفة، والتي يشوبها النفس الشعوري الهادئ والمصحوب بنغمة الرغبة، لذلك عمد الشاعر إلى تكرار بعض المفردات التي تتناسب مع الشعور العاطفي المُسيطر على أغلب قصائده، وتسهم في إشراك القارئ معه في الحالة الشعورية التي تجوب أبيات القصائد.
كما لجأ الشاعر في مواضع كثيرة في قصائده إلى إظهار جانب العتب واللوم بنسب متفرقة قد تكون حادة أحيانا وخفيفة أحيانا أخرى، وذلك تبعا لنفسه الشعري وعاطفته التي تهيج أحيانا وتهدأ أحيانا أخرى في مجموعة من بعض القصائد المتنوعة ومنها: “شدوا على المصلاب”، “يا هبوب الشرق لي هل”، “راعي القدر الثمين”، “يسلم زين الذوايب”، “بالله عليك تروف”، “أحلى الليالي”، “ناره شعيل تفور”، “فرقا الصديق آلام”، “لي في احشا غالين”، “يا مرحبا مليون بالعد”، “ما نرضى بقصرانك”، “هام قلبي”، “ذكرني”، “أعاني من هواني”، “من خاطري خليته”.
ونذكر أن أكاديمية الشعر الناشرة للديوان تعتبر الأولى من نوعها في العالم العربي وحازت على الريادة في المحافظة على الموروثين الشعبي والعربي، وتعزيز مكانة الشعر أكاديميا وفق معايير بحثية وعلمية دقيقة.
وتقع إصدارات الأكاديمية في إطار الكتب ذات القيمة الأدبية والثقافية والتاريخية والعلمية وساهمت حتى اليوم برفد المكتبة العربية بـ160 إصدارا متخصصا من دواوين شعر فصيح ونبطي وبحوث مختصة ودراسات أدبية نقدية وتحليلية.