سياسة
الأذى النفسي يدمر الطفل أكثر من الجسدي
توصلت دراسة أميركية إلى أن إيذاء الأطفال نفسيا من قبل الوالدين أو القائمين على تربيتهم، قد يتسبب في أضرار عاطفية لا تقلّ خطورة عن الأضرار الناتجة عن الأذى الجسدي.
وأكد المشرف على الدراسة، المدير التنفيذي لمركز الصدمات بمعهد “غاستيس ريسورس” الأميركي جوزيف سبينازولا، على تشابه الأعراض المترتبة على كلّ من الأذى الجسدي أو النفسي. ولفت إلى أن الأذى النفسي يتحقّق مثلا حين لا يحصل الطفل “على أي نوع من الحب أو الدفء والعاطفة، بل يتلقى في المقابل العداوة أو التهديدات أو المطالب المستحيلة ويعامل على أساس عدوّ أو وحش أو مخلوق بائس غير محبوب”.
وميّز الباحثون بين الأذى النفسي الذي يؤدّي إلى صدمات نفسية وبين ما وصفوه بالاختلال في التربية، والذي يحدث عندما يفقد الآباء والأمهات أعصابهم أحيانا عند التعامل مع أولادهم.
ونبّهت الدراسة إلى أن من يمارس الأذى النفسي من الأهالي أو المربّين غالبا ما يعتقد أنّ تصرّفه المؤذي هو تصرف طبيعي. ويأتي هذا الاعتقاد ربّما بسبب طباع الأهل أو المربّين الحادة وعدم سيطرتهم على أنفسهم وغالبا بسبب جهلهم. وأضافت أن بعض السلوكيات المؤذية للطفل معروفة من العامة لكنها بعضها يحتاج إلى تحديد دقيق.
وذكرت أنّ الأطفال ضحايا الأذى النفسي هم أكثر عرضةً للاكتئاب بنسبة 78 بالمئة، وقابلون للإصابة باضطرابات القلق بنسبة 80 بالمئة مقارنةً بغيرهم، كما يهدّدهم التوتّر بنسبة 92 بالمئة.
وأشار الباحثون إلى أن الأذى الجسدي يحظى باهتمام أكبر من إيذاء الطفل نفسيا، إذ يسود اعتقاد شائع بأنهما أكثر هدما للشخصية بينما كشفت الأرقام تفوّق الأذى النفسي في إطار تدمير شخصية الطفل.
وحدد الباحثون تصنيفات أشكال الأذى النفسي تجاه الطفل وجميعها تهدّد تطوّره النفسي والعقلي والاجتماعي، ومنها: التقليل من أهمية الطفل أو رفضه، وهي أذية كلامية تجمع بين رفض الطفل وتجاهله بوضوح. فمثلا حين يرفض أحد الأبوين مساعدة الطفل أو يتجاهل طلبه للمساعدة. وتشمل هذه الأذيّة معاملة الطفل بطريقة تقلل من شأنه أو إهانته أمام الناس.
بالإضافة إلى تهديد الطفل بممارسة العنف الجسدي عليه أو قتله أو تركه أو تعريضه لتهديدات موجّهة ضد أشخاص أو أشياء يحبّها. ومن أدوات تخويف الطفل أيضا تركه وحده دون رقابة في وضع خطير.
كما يعد عزل الطفل اجتماعيا وجسديا من قبل شخص كبير، كأن يقرّر البالغ الحدّ من علاقات الطفل الاجتماعية بلا سبب وحرمانه من فرص توطيد علاقاته مع الآخرين، من أشكال الأذى النفسي.
وحذّر الباحثون من استغلال الطفل وإفساده، مثل تعريضه لنماذج تصرفات غير اجتماعية أو أدوار غير واقعية أو تشجيعه والسماح له بالقيام بتصرفات منحرفة القيَم، ومنها تعريضه لسلوكيات جانحة كحبسه في المنزل ليقوم بدور الخادم بدل إرساله إلى المدرسة.
كما حذروا من إهمال حاجاته العاطفية عن طريق تجاهل محاولات الطفل للحوار والتفاعل أو رفض محاولاته لإرساء علاقات عاطفية مع أهله، وتشمل تبادل القبل والحوار والعواطف الكلامية.
ومن خلال تجاهل الطفل يوصل الأهل له رسالة مفادها أنه لا يهمهم وأنهم غير متوفرين لحضنه عاطفيا.