العراقدول الخليج
العراقيون السنة يعولون على صعود سياسيين شباب من رحم معاناة المدن المدمرة
العراق – فشلت أحزاب وشخصيات عراقية سنية في عقد مؤتمر لها في العاصمة العراقية بغداد، لمناقشة مستقبل المدن التي استعيدت من داعش، في الوقت الذي يعول فيه العراقيون السنة على صعود سياسيين شباب لتغيير المعادلة الطائفية ولو جزئيا.
وتأجل مؤتمر القوى السنية الذي كان من المقرر عقده في العاصمة بغداد السبت حتى إشعار آخر، بسبب استعراض عسكري دعا له رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي للاحتفال بتحرير الموصل.
ولا يعول أهالي مدن الأنبار وديالى وصلاح الدين والموصل، خصوصا النازحين منهم منذ دخول القوات الحكومية وميليشيات الحشد الشعبي إلى هذه المدن، على نتائج المؤتمر سواء انعقد أو تأجل، في معالجة أوضاعهم وإعادتهم إلى ديارهم التي دمر أغلبها.
وأجمعت غالبية من العراقيين على وصف المؤتمر بأنه نوع من المحاصصة الطائفية الجديدة، والاتفاق على توزيع جديد للأدوار بعد استعادة مدن الأنبار وصلاح الدين والموصل من داعش.
ومنذ قيام نظام المحاصصة الطائفية في العراق كان التمثيل السني ضعيفا وهامشيا وعرضة للشك من جهة قدرته على التحكم في الشارع الذي يُفترض أنه ينتمي إليه. و كان من السهل إقصاء وإهمال أجزاء منه ومعاقبة أجزاء أخرى من خلال الاعتقال أو الاستبعاد.
وينظر العراقيون السنة إلى ممثليهم المفترضين في العملية السياسية داخل الحكومة والبرلمان على أنهم مجرد وجوه تلفزيونية عاجزة عن التأثير، ولا تعكس أصوات السنة، بسبب سطوة الأحزاب الشيعية وعجز الأحزاب السنية عن أن يكون لها دور مؤثر.
إلا أن الأمين العام للمشروع العربي السني رجل الأعمال خميس الخنجر عبر عن تفهمه للانتقادات التي طالت المؤتمر أو وصْفه بأنه يمثل تخندقا طائفيا، قائلا “اللقاءات تهدف إلى إيجاد مشروع عراقي وطني يضم الجميع، ويبدأ من معالجة أوضاع المكون السني وتحديدا إعادة الإعمار لمدنه المدمرة، ثم يأتي الأهم وهو ملء الفراغ السياسي على الساحة السنية حتى لا يتم استغلاله مجددا من قبل تنظيم متطرف كتنظيم داعش ويتجدد بعدها تهديد مستقبل العراق والمنطقة”.
خميس الخنجر: اللقاءات تهدف إلى إيجاد مشروع عراقي وطني يضم الجميع
وأضاف “خلال التحضيرات فوجئنا برئيس مجلس النواب سليم الجبوري يعلن عن المؤتمر على نحو متعجل وبالصيغة الطائفية التي تابعناها ولذا تحفظنا على الأمر”.
وحول حقيقة وجود دعم أميركي وخليجي ومباركة إيرانية ضمنية لعقد هذا المؤتمر قال الخنجر “عالمنا اليوم بلا أسوار، والكل يتدخل لحماية مصالحه… وأرى أن الولايات المتحدة والعالم كله لديهما أولوية واحدة بارزة وهي القضاء على داعش، وبالتالي فإنهما حريصان على توحيد السنة لتسهيل التفاهم لاحقا مع الشيعة وضمان عدم استغلال أي تنظيم متطرف لاستمرار الفجوة بينهما”.
وانشق السياسيون السنة قبل انعقاد المؤتمر بإعلان نواب حاليين وسابقين يرأسهم محمود المشهداني رئيس البرلمان العراقي الأسبق، ويصنفون ضمن “سنة المالكي” في إشارة إلى المتواطئين مع رئيس الوزراء السابق نوري المالكي، إلى عقد مؤتمر مواز للمؤتمر الذي تبنى التحضير لعقده في بغداد الحزب الإسلامي العراقي ورئيس البرلمان الحالي سليم الجبوري.
وتتعلق الخلافات بين الأطراف السنية بالفشل الذي انتهت إليه في محاولتها انتزاع اعتراف شعبي، بات اليوم مستحيلا بعدما تعرضت له الموصل وباقي المدن ذات الأغلبية السنية من دمار هائل.
ولا يمتلك سياسيو السنة اليوم غطاء شعبيا، ولم تعد انتهازية البعض منهم تنفع لإقناع الأطراف الشيعية الحاكمة بقدرته على أن يكون طرفا في مصالحة، يُراد من خلالها تكريس مفهوم الأقلية السنية المهمشة والتابعة والمغلوبة على أمرها.
ولم يعد الطرف الشيعي وقد استقوى بالصمت العالمي على كل الخروقات وانتهاكات الحرب التي ارتكبها الحشد الشعبي، ميالا إلى أن يعيد حساباته في التعامل مع السنة باعتبارهم شركاء في الوطن والدولة. الأمر الذي يُعقد الأمور أمام سياسيي السنة الذين يسعون إلى الظهور بمظهر الشريك المعتدل من أجل الحفاظ على حصصهم ومكتسباتهم في الدولة.
واعتبر مراقب سياسي عراقي أن الوجوه القديمة التي أثبتت فشلها في حماية سكان المدن السنية مما لحق بهم من كوارث ودمار، لا يمكنها أن تظهر مجتمعة بخطابها السياسي القديم وبالأخص أن عددا منها لم يخف ولاءه لإيران كما هو حال رئيس البرلمان الحالي سليم الجبوري الذي هو في حقيقته ممثل الإخوان المسلمين في الحكومة ولا علاقة له بمطالبات الشارع السني.
وقال “ما لم يظهر سياسيون شباب جدد من رحم المعاناة في المدن المدمرة فإن التمثيل السني في الدولة والحكومة سيظل على ما هو عليه إن لم ينحدر إلى الأسوأ، سواء نجح سياسيو السنة في عقد مؤتمرهم أم أخفقوا فإن وجودهم فقد رمزيته بالنسبة لجميع الأطراف وأولها الطرف الشيعي الحاكم”.
العرب .