مقالات وبحوث

الخطوط العريضة لمشروع إنقاذ المغيبين من أهل العراق

تحت المجهر
موفق الخطاب

الخطوط العريضة لمشروع إنقاذ المغيبين من أهل العراق…

كنا قد فصلنا في مقال سابق أسباب إخفاق بعض الكيانات والأقليات في العراق ما بعد الاحتلال، واليوم سوف نتطرق للخطوط العريضة التي من الممكن أن تؤسس لمشروع يساهم في إنقاذهم .
ولا يستحسن لهم اليوم أن يذهبوا لأية تسوية أو مصالحة أو أي مؤتمر دولي وإقليمي بدون إعداد مشروع متكامل لهم .
فبعد أن وصل الحال من التمزق والضياع وسط غياب أي مشروع معتدل جامع، مع كثرة وتفريخ الجمعيات والهيئات والأحزاب، الدينية والعلمانية والقومية والوطنية والفصائل الجهادية، والتي لم تزد كثرتها حالهم إلا ضياعاً وبؤساً وتشريدا.

فكان لا بد على العقلاء اليوم الابتعاد عن الآنا ونكران الذات، وأن يتناسوا خلافاتهم ويسارعوا لوضع خططهم وتصورهم لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، عله بتوحيد واجتماع كلمتهم يؤسسون لمشروع يمكن أن يكون مرتكزاً ومنهجاً ولو مرحلياً لوقف النزف والتردي والتشرذم، وربما إن إستمر الحال على ما هو عليه فهم أمام فقدان التأريخ والهوية بعد فقدانهم الأرض .
وليس من الحكمة اليوم أن يتم اعتماد شخصية بعينها وتمجيدها للوصول الى حالة الديكتاتورية التي هي سبب كل بلاء (من الزعيم الأوحد الى القائد الضرورة وقدس الله سره ووصولا الى ما ننطيها ومنو يگدر ياخذها من عدنه بعد ؟؟) وان لا يترك الأمر لشخص أو حزب او تجمع بعينه لوضع الخطوط العريضة لهذا المشروع ليتفردوا لاحقا بالسلطة وكأنك يابو زيد ما غزيت !!
بل هو فرض عين يتحمله الجميع ويجب مراعاة التخصص في كل جانب، مع تناول كل مشكلة طفت من بعد الاحتلالين الأمريكي والإيراني ودراستها دراسة مستفيضة من كل جوانبها الشرعية والاجتماعية والاقتصادية والعسكرية والسياسية وحتى النفسية منها، والاسترشاد كذلك بوجهات نظر رجالات الإعلام والمحللين والتكنوقراط وقادة الميدان من ذوي الخبرة والكفاءة في مجال تخصصهم، ثم تختم بالرأي الشرعي والفقهي المعتدل والتوصية النهائية لتكون جاهزة للتطبيق ولا مانع من أن تعرض على الدول الإقليمية والعالمية والتي يهمها الشأن العراقي للتشاور لا للإملاءآت ولا للإستجداء .
بناءا عليه، بات من الأمور الحتمية التي لا تتحمل التسويف التفكير ملياً في تشكيل لجنة حكماء تضم جميع التخصصات ومن جميع اطياف الشعب العراقي المتضرر من الحكومات المتعاقبة ما بعد الاحتلال للمباشرة بعملها الدؤوب، وتعمل تحت إشراف رجل مشهود له بالصلاح وذي باع طويل ومحنك في السياسة الدولية تتفق عليه كل الأطراف، وله مساعدين ومستشارين لينضجوا الأفكار بشرط أن يكون عمله تنسيقياً بحتاً لا تسلطياً قد يفضي بالنتيجة إلى التلكوء وانفضاض الجمع عنه وان يلزم بإنضاج المشروع وتنسيق فعالياته وإنجاحه دون أن يفرض نفسه كقائد مرحلة .
ولن ينجح هذا المشروع إذا غلبت عليه الصبغة الدينية أو الحزبية أو القبلية أو الجهوية أو العرقية أو العسكرية بل هو جامع لكل الأطياف لا رأس يعلو فيه على الآخر .

وإن أريد لهذا العمل النجاح فيجب أن يتفهم الفريق العامل الظروف الدولية والإقليمية، وألا يتم رفض العملية السياسية العراقية الحالية على علاتها برمتها أو المطالبة بإلغاء ونسف الدستور الذي يعرف الجميع انه اعد بطريقة شيطانية لعدم استقرار العراق! بل العمل على اعادة صياغته بما ورد فيه من امكانية التعديل.
فالمكونات المغيبة كالمكون السني على سبيل المثال لا الحصر وطبقة واسعة من الوطنيين والكفاءآت فضلا عن باقي المكونات المتضررة من العملية السياسية فهم اليوم أضعف الحلقات في العملية السياسية التي استحوذ عليها العملاء والجهلة والفاسدين، ولا يسمح لمن يريد التصحيح بإملاء الشروط التعجيزية، بل إنه إن شعرت القوى المسيطرة على العراق بمشروع متقاطع مع ما يتم رسمه، فلن يكتب له الولادة والنجاح ويتم ذلك بالتنسيق مع امريكا وايران وحلفائهما لقبر أي مشروع اصلاحي يتعارض مع نهجهم في مهده كذلك ستتحفظ الدول الإقليمية المثقلة أساساً بالهموم عن تفهم ورعاية أي توجه يتقاطع مع مصالح وتوجهات امريكا و الدول الكبرى خوفا وطمعا ومداهنة .

كذلك يجب العمل على تنشئة محاورين حاذقين في فن التفاوض ليأخذوا مقاعدهم في دول القرار والهيئآت الدولية فهو الطريق الأقصر والأنجع والذي كان يجب أن يسبق المقاومة وجعجة السلاح ليغير كفة الميزان وليزيد الاحتقان .
فلقد كان الأمر التفاوضي سهلاً وفي متناول اليد عندما كانت أمريكا هي من يتحكم بملف العراق لوحدها، أما اليوم فقد اختلف الأمر كلياً وهنالك عدو تأريخي توسعي متواجد على الأرض، وقد ملاء كل مفاصل الدولة العراقية، وهو من يقود العملية السياسية بتفرد، فيجب التوجه للمجتمع الدولي والقوى الكبرى وطمأنتهم أن المشروع لا يتقاطع مع توجههم والغاية منه هو تصحيح المسار لعمل الحكومات المتعاقبة والتأسيس لدولة مدنية تخلو من الفساد و العنف والمليشيات. وليكن في المعلوم أن مشاريع جميع الدول مجتمعة هو أقل خطورة على العراق من المشروع الإيراني .
لذا يجب اقناعهم اولا وباقي دول المنطقة ثم الشارع العراقي أن مشروع الإنقاذ هذا ليس طائفياً ولا يمثل تحدياً لأحد، وهو ليس مشروعاً يسعى لحدوث إنقلاب في العملية السياسية أو الاستفراد في الحكم أو معاداة لأحد، وهو لا ينفذ أي أجندة أو توجه خارجي أو حزبي بل هو وطني يمثل جميع اطياف الشعب العراقي الذي تضرر من ارهاب وفساد السلطة .
وأخيراً يجب أن يتمتع العاملون في هذا المشروع بالاستقلالية والتجرد عن العاطفة والحزبية المقيتة والتزامهم بعدم ممارسة الإملاءات والضغوطات الحزبية عليهم، والابتعاد كلياً عن أي توجيه من خارج الحدود، حتى لا يجير لجهة، مما يفقده مصداقيته وقوته وتأثيره ..

إغلاق