الإمارات

العلاقات الإماراتية –الروسية.. شراكة استراتيجية يعززها تقارب رؤى البلدين

حافظت العلاقات الثنائية بين دولة الإمارات العربية المتحدة وجمهورية روسيا الاتحادية، منذ بدايتها فى عام 1971، على نسقها التصاعدى فى جميع المجالات حتى بلغت مستوى الشراكة الإستراتيجية يعززها تقارب الرؤى بين البلدين، حيال القضايا الإقليمية والعالمية الراهنة، والاتفاق على تعزيز الأمن والاستقرار الدوليين، فضلا عن التعاون المتنامى بينهما فى كافة المجالات.
وبمناسبة زيارة الرئيس الروسي فلادمير بوتين للإمارات ضمن جولته فى المنطقة والتى بدأها بالمملكة العربية السعودية، نلقى الضوء على بعض المراحل التاريخية في العلاقة بين كل من موسكو وأبو ظبى.
ترتبط الدولتان، بعلاقات وثيقة على مختلف الأصعدة، وقد ترجمت الزيارات الرسمية والعلاقات الدبلوماسية تلك العلاقة، خصوصاً الزيارتين التاريخيتين، للشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولى عهد أبوظبى نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة إلى موسكو فى مارس 2016 و يونيو 2018.
وبدأت العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، فى عام 1971 مع الاتحاد السوفييتى، واستكملت فى عام 1991 مع روسيا الاتحادية، غير أن قرار تبادل السفراء تم التوصل إليه فى نوفمبر 1985، وفى عام 1986 جرى افتتاح سفارة الاتحاد السوفييتى فى أبوظبى، وفى أبريل 1987 افتتحت سفارة دولة الإمارات العربية المتحدة فى موسكو، بينما افتتحت القنصلية العامة الروسية فى دبى عام 2002، حيث عبر ذلك عن مدى قوة العلاقة بين البلدين الصديقين.
وفى الأول من يونيو 2018، شهدت علاقات البلدين نقطة تحول هامة تمثلت فى التوقيع على إعلان شراكة إستراتيجية بينهما، تشمل المجالات السياسية والأمنية والتجارية والاقتصادية والثقافية، إضافة إلى المجالات الإنسانية والعلمية والتكنولوجية والسياحية.
ويعزز الإعلان الحوار والمشاورات حول القضايا الثنائية والإقليمية والدولية الرئيسية، ذات الاهتمام السياسى المتبادل، كما تضمن الإعلان إجراء المشاورات بشكل منتظم بين وزيرى خارجية البلدين بغرض تنسيق المواقف حول القضايا ذات الاهتمام المتبادل.
واتفق البلدان بموجب الإعلان، على تشكيل “اللجنة المشتركة بينهما” بغية تنمية فى التعاون فى المجالات المختلفة لما فيه مصلحة الشعبين الصديقين.
وترتبط الإمارات وروسيا، بعلاقات اقتصادية واستثمارية متميزة، حيث تحرص قيادتا البلدين على فتح الباب واسعا أمام الاستثمارات المشتركة فى قطاعات التجارة والنفط والغاز والصناعات التحويلية، وذلك فى إطار العلاقات المتميزة التى تربطهما على الأصعدة كافة، والتى من شأنها أن تدعم مسيرة الشراكة وتشجع الاستثمار المتبادل.
وفى نهاية 2017، عُقد منتدى الأعمال الإماراتى الروسى، الذى نظمته غرفة تجارة وصناعة أبوظبى، بمشاركة أكثر من 100 رجل أعمال وممثل عن شركات روسية، الذى وجد ترحيباً خاصاً من قبل الشركات الإماراتية، وهو ما عزز من الشراكة الإستراتيجية بين البلدين، فى ظل تنامى اهتمام الشركات الروسية بالعمل والاستثمار فى الإمارات.
وشهدت الفترة الماضية، التوقيع على العديد من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم والبروتوكولات الاقتصادية والتجارية والاستثمارية، التى ساهمت فى ارتفاع حجم التبادل التجارى بين البلدين بنهاية عام 2018 بنسبة 21% مقارنة بالعام 2017، ليصل حجمه إلى نحو 3 مليارات دولار.
ويبلغ عدد الشركات الروسية المسجلة والعاملة فى الإمارات، نحو 3 آلاف شركة، تستفيد جميعها مما توفره الإمارات من فرص استثمارية متنوعة، إلى جانب سلاسة قوانينها والمناطق الحرة ومطاراتها ومرافقها الحديثة، التى أسهمت فى تعزيز ثقة الشركات الروسية فى إطلاق مشاريعها داخل الدولة.
ويشكل القطاع السياحى، أحد أبرز القطاعات التى تعزز دعائم العلاقات الثنائية المتميزة بين الدولتين، حيث وصل عدد السياح الروس الذين استقبلتهم الإمارات عام 2018 إلى نحو 900 ألف زائر ، فيما يصل فيه عدد المواطنين الروس المقيمين فى الدولة إلى نحو 40 ألفا.
وتحرص روسيا، على المشاركة فى مختلف الأنشطة والمعارض الدولية، التى تقام على أرض دولة الإمارات، وفى هذا الإطار جاءت مشاركتها المتميزة فى فعاليات معرض “أيدكس 2019″، الذى استضافته العاصمة أبوظبى فى فبراير الماضى، فى حين ستشكل مشاركة الحكومة الروسية المقررة فى معرض “إكسبو 2020 دبى” فرصة للإطلاع على الحضارة الروسية بمختلف قطاعاتها وقدراتها الفريدة فى صناعة المستقبل.
ويولى البلدان، عناية خاصة للعلاقات الثقافية بينهما إيمانا منهما بأهميتها فى مد جسور التواصل بين شعبى البلدين، وفى هذا الإطار احتفى معرض موسكو الدولى للكتاب فى سبتمبر الماضى رسمياً بإمارة الشارقة كأول ضيف عربى مميز فى تاريخه، ولتكون سفيرة للثقافة العربية، ممثلةً فى الثقافة الإماراتية، التى حضرت فى أوعية الثقافة المتنوعة؛ الكتاب، والندوة، والجلسة الحوارية، والأمسية الشعرية، والعروض الفولكلورية والتراثية التى تألقت طبولها ودفوفها وأهازيجها الشعبية، ليحتشد حولها جمهور غفير من الروس فى الساحة الحمراء.
وفى سبتمبر الماضى أيضا، برزت المشاركة الإماراتية الفاعلة فى الدورة الثالثة من قمة “أقدر” التى استضافتها العاصمة الروسية موسكو، والتى تمثلت بتواجد 12 مسئولا بينهم 8 وزراء، وذلك لتسليط الضوء على تجارب الإمارات ومساهمتها فى تمكين الإنسان فى التعليم والمعرفة والفضاء، وتمكين الشباب وأصحاب الهمم والذكاء الاصطناعى والتمكين الحضارى وغيرها.
وفى المقابل، لا تكاد الوفود الروسية تغيب عن الأحداث الثقافية التى تقام فى الإمارات، حيث شهد ديسمبر 2017 استضافة العاصمة أبوظبى مهرجان الموسيقى الشعبية الروسية، الذى تضمن آنذاك 14 برنامجاً موسيقياً نفذت على مدار 8 أيام فى مناطق مختلفة من أبوظبى؛ وشارك فيه أكثر من 30 فناناً روسياً.
ومما لا شك فيه، فإن التعاون الثنائى للبلدين فى مجال الفضاء، قد شكّل قفزة نوعية فى تاريخ العلاقات بينهما لاسيما أنها تدعم أهداف “مئوية الإمارات 2071″، التى تركز على علوم المستقبل وتطويرها فى مجالات الابتكار والفضاء والهندسة والطب، كما أنها مثلت امتداداً للعلاقة القوية بين مركز محمد بن راشد للفضاء، ووكالة الفضاء الروسية “روسكوسموس”.
(اليوم السابع)
إغلاق