مقالات وبحوث
الأمم المتحدة: الخطة الأوروبية للحد من الهجرة تنتهك المعايير الدولية
لم تلق السياسات التي انتهجها الاتحاد الأوروبي لمواجهة تدفق المهاجرين غير النظاميين على سواحله ترحيبا من منظمة الأمم المتحدة. وجدد حقوقيون من منظمة الأمم المتحدة انتقاداتهم الحادة لخطط الاتحاد الأوروبي بشأن الحدّ من تدفق اللاجئين عبر البحر المتوسط.
وقال مقررا الأمم المتحدة لحقوق الإنسان ومكافحة التعذيب فيليب جونزاليز وموراليز نيلز ميلتسر، الخميس، في جنيف إن الخطة الأوروبية المزمعة تهدّد الحياة وتنتهك المعايير الدولية لأنها تحكم على الناس بتحمّل المزيد من انتهاكات حقوق الإنسان في ليبيا. وشدد المقرران على أن “الاتحاد الأوروبي لا يمكنه نقل حدوده الخارجية إلى ليبيا”.
وانتقدت خبيرة أممية أخرى، قبل يومين، اللوائح والإرشادات التي فرضتها السلطات الإيطالية على منظمات الإغاثة وأيّدها في ذلك الاتحاد الأوروبي. وتجبر هذه اللوائح المنظمات على تجنّب المياه الإقليمية لليبيا.
كما يدعم الاتحاد الأوروبي حرس الحدود الليبي من أجل إيقاف قوارب المهاجرين. ورأى مقررا الأمم المتحدة أن إعاقة الوصول للمياه الدولية أو إطلاق النار على المهاجرين كما فعلته ليبيا مرارا وفقا لتقارير ليس حلا.
وقال المقرران إن ذلك لن يؤدي إلا إلى قتلى جدد وأن “ليبيا ليست ببساطة مكانا آمنا والاتحاد الأوروبي ينكر ذلك بسياسته”.
وحسب المقررين الأمميين فإن الاتحاد الأوروبي يدعم إجراءات تجبر المهاجرين على سلك طرق سرية وزيادة معاناة الناس.
وطالب فيليب جونزاليز وموراليز نيلز ميلتسر بتوفير المزيد من فرص الهجرة الشرعية للمهاجرين بدلا من ذلك، وتخفيف الأعباء عن إيطاليا واليونان من خلال توزيع المهاجرين على الدول الأوروبية.
وأعلنت البحرية الليبية التابعة لحكومة الوفاق الوطني، الأربعاء، تمكّنها من إنقاذ 106 من المهاجرين غير الشرعيين كانوا على متن قارب مطاطي قبالة شواطئ مدينة الخمس (120 كم شرق العاصمة طرابلس).
وقال العميد بحار أيوب قاسم، المتحّدث باسم القوات البحرية، إن دورية تابعة لنقطة الخمس القطاع الأوسط تمكّنت من إنقاذ العدد المذكور من المهاجرين.
تقارير تؤكد أن الاتحاد الأوروبي ينكر أن ليبيا ليست مكانا آمنا بسياسته ومنع وصول المهاجرين إلى المياه الدولية
وأضاف في بيان أنّ عملية الضبط والإنقاذ تمت على بعد 20 ميلا شمال مدينة الخمس.
وأشار إلى أنّ المهاجرين الذين تمّ إنقاذهم من جنسيات أفريقية مختلفة، بينهم 6 نساء وطفلان كانوا على متن قارب المهاجرين.
ولفت قاسم إلى أنه بعد انتهاء عملية الإنقاذ وتقديم المساعدات الإنسانية اللازمة لهم، تم تسليمهم إلى جهاز مكافحة الهجرة فرع الخمس. وقال وزير الداخلية الإيطالي ماركو مينيتي، الثلاثاء، إنه يرى نهاية لأزمة المهاجرين القادمين من ليبيا بعد تراجع عدد الوافدين عبر البحر المتوسط خلال الشهور الأخيرة.
لكن محقّقا بالأمم المتحدة قال إنّ الجهود الإيطالية الأخيرة لطرح ميثاق شرف لتنظيم عمليات السفن التابعة لمنظمات إنسانية في إنقاذ المهاجرين بعرض البحر ستتسبب في المزيد من الوفيات.
ويهيمن موضوع الهجرة على الأجندة السياسية في إيطاليا قبل الانتخابات العامة المقررة قبل مايو من العام المقبل في ظل معاداة الرأي العام للمهاجرين بشكل متزايد. ووصل نحو 600 ألف مهاجر إلى إيطاليا خلال السنوات الأربع الماضية.
وقال مينيتي في مؤتمر صحافي “نحن لا نزال داخل النفق.. إنه نفق طويل لكنني بدأت أرى ضوءا في نهايته”.
وبعد ارتفاع عدد الوافدين من ليبيا في بداية العام تراجع العدد مؤخرا. وأظهرت بيانات من وزارة الداخلية، الثلاثاء، أن 97293 شخصا وصلوا إلى إيطاليا حتى الآن العام الجاري بانخفاض 4.15 في المئة عن نفس الفترة من العام الماضي.
وقال الوزير إن هذه الاتجاهات ستستمر في أغسطس دون أن يذكر تفاصيل.
وتعاملت إيطاليا مع مشكلة المهاجرين باستراتيجية ثنائية، إذ عزّزت جهود ليبيا في محاربة التهريب وتمارس في نفس الوقت ضغوطا على منظمات غير حكومية تشارك في عمليات الإنقاذ.
وقال وزير الداخلية الإيطالي “من المهم التدخل في الجانب الآخر من البحر المتوسط وقد ركزنا على ليبيا”.
وأوضح الوزير قائلا إنّ إيطاليا ستهتم أيضا بظروف المهاجرين الذين يتم إعادتهم من البحر إلى ليبيا، وأنها ستبدأ في توزيع مساعدات في مدينتي صبراتة وزوارة وهما قاعدتان لتهريب المهاجرين.
وفي الداخل طرحت الحكومة الإيطالية ميثاق شرف على المنظمات الإنسانية العاملة في جهود الإنقاذ، مطالبة بوضع شرطة مسلحة على سفنها للمساعدة في القبض على المهرّبين.
ووافقت 5 من بين 8 جماعات تعمل في البحر المتوسط على شروط ميثاق الشرف حتى الآن، لكن منظمة أطباء بلا حدود رفضت التوقيع.
وتعاني ليبيا من فوضى أمنية منذ سنوات، حيث تتقاتل في هذا البلد العربي الغنيّ بالنفط كيانات مسلحة عديدة منذ أن أطاحت ثورة شعبية بالزعيم الليبي الراحل معمر القذافي خلال عام 2011.
وتتصارع على الحكم في ليبيا 3 حكومات: بينها اثنتان في طرابلس (غرب) وأخرى في مدينة البيضاء (شرق).