جمعيات ومنظمات
مقالات صحف الخليج.. زهير الحارثى يناقش الدروس المستفادة من فيروس كورونا.
تنوعت مقالات الكُتاب في الصحف الخليجية اليوم ، حيث ناقش بعضهم الدروس المستفادة من فيروس كورونا، والدور الكبير الذى يقوم به الجيش الأبيض فى مواجهة كورونا، بالإضافة إلى كيفية الاستهلال بشهر رمضان المعظم قديما وحديثا.
فى التوتر الحضارى… الاستفادة من درس «كورونا»!
وفى صحيفة الشرق الأوسط، كتب زهيرالحارثى عن كيفية الاستفادة من فيروس كورونا قائلا: ن أهم الدروس المستفادة من فيروس «كورونا»، أنه قد يخلق الرغبة للجميع بضرورة تغيير الوضع القائم في عالمنا، من صور مخزية ومتناقضة ومؤلمة، والتي ترتكب باسم أسباب واهية. هل يمكن لوباء بهذه الصورة المرعبة أن يغير المعادلة، ويكسر حاجز الصور النمطية، ويدفع باتجاه تعزيز الحوار والتقارب، ونبذ الصراع والعنصرية بين الشعوب والثقافات؟
تخرج علينا بين الحين والآخر أصوات نشاز متطرفة، لا يعنيها مبدأ التعايش لا من قريب ولا من بعيد، مكرسة حقدها على الإنسانية، يتساوى في ذلك الداعشي المؤدلج أو النائب اليميني الشوفيني في البرلمان الهولندي أو الفرنسي. يخفت توهج صوت الاعتدال والتسامح والتعايش، في حين تُفتح الأبواب لأصحاب الإثارة والتصادم والتمزق المجتمعي.
حضور هذه الأصوات المتطرفة من الطرفين بقوة في الساحة يؤدي إلى اندلاع حرب عقائدية ذات نزعة متطرفة، ما يعني ضياع مفتاح التواصل، وربما هذا ما يفسر الاهتمام بعلاقة الأديان ومسألة التوتر الديني في وقتنا المعاصر.
يردد أولئك العنصريون أن ما يمارسونه يندرج في سياق حرية الرأي، ورغم أن الجميع يتفق على ضرورة حرية التعبير، فإن الإشكالية تكمن في المدى الذي يمكن أن تصل إليه هذه الحرية، وهل لها حدود مرسومة يُفترض عدم تجاوزها؟
صحيح هذه مسألة جدلية، ولكن تلك الخطوات الاستفزازية التي يُقْدم عليها البعض، أمثال النائب اليميني الشوفيني في البرلمان الهولندي جيرت فيلدرز، المعروف بمواقفه المعادية للإسلام وغيره، تدفع باتجاه تعزيز إثارة الكراهية والتفرقة، ليبقى هذا العالم عرضة لصراعات عرقية ودينية؛ خصوصاً مسألة ازدراء الأديان والإساءة للرموز الدينية.
ما يمر به العالم الإسلامي من أحداث، أعطى فرصة سانحة للمتربصين بالإسلام لتضليل الآخرين، مستغلين الوضع المأزوم من عمليات إرهابية سبق أن ارتُكبت في دول إسلامية أو استهدفت دولاً غربية؛ حيث كشفت لنا تلك الجرائم بحقٍّ عن صدام حضاري مقلق، وهي بمثابة حرب نفسية، ما اعتبرها الباحثون أكثر خطورة من الحرب التقليدية.
الآيديولوجيا والتنوع الفكري أمر طبيعي ومطلوب، وفيه إثراء للصيرورة المجتمعية، إلا أن الخطورة تكمن عندما يتحول متبني تلك الآيديولوجيا لمتطرف لها، أياً كانت آيديولوجيته، بدليل إصرار كل منهما على امتلاكه الحقيقة المطلقة. يتساوى في ذلك الداعشي المؤدلج أو النائب الهولندي، ما يعني أنهما رهينان لآيديولوجيتهما، وبالتالي هما يعيشان حالة اختطاف للعقل، ما تنتج عنها حالة رفض للواقع.
هذا ينسحب على كل تيار أو أي آيديولوجيا معينة خرجت عن مدارها، وذهبت بعيداً في رؤيتها. طبعاً هذا لا يعني بالضرورة أن تكون النتيجة استخدام العنف، بقدر ما يعني أن قناعة هذا المؤدلج ترى الآخرين دائماً على خطأ، وأنه يمثل الصواب بعينه. إذن خطاب كل منهم يرنو إلى الغاية ذاتها، سالكاً الاتجاه نفسه، ومكرساً رأيه الأحادي، وفق تصوره بطبيعة الحال، ولذا نلحظ أنه برغم اختلاف مضامين كل خطاب ومحتوياته، فإن الغاية هي واحدة، والسلوك هو واحد: عدم القبول بالآخر.
فيروس «كورونا» له بالتأكيد وجه قبيح ومظلم، ولكنه بطبيعة الحال له جانب آخر لا يخلو من الإيجابية، في حالة ما وظفناه لمصلحة البشرية عامة، وهذا هو حال الأزمات والكوارث عموماً. نعيش فرصة في وضع مختلف، ولكن لمَ لا نستفيد منها ونأخذ منها العبر، ليُبادر العقلاء في العالم من رجال دين ومفكرين وعلماء ونخب إلى مواجهة التعصب الديني، عبر حوار يهدف إلى تأسيس تفاهمات صريحة على قاعدة احترام المعتقد والتعايش. معاناة «كورونا» تجعلنا نحلم بعالم جديد تعمه ثقافة التسامح والتعايش والسلام؛ خصوصاً في هذا الظرف الدقيق الذي يمر به العالم، ما يجعل الحوار والتقارب بين شعوبه أكثر إلحاحاً من أي فترة تاريخية مرت بها البشرية.
الجيش الأبيض
الاستهلال بالهلال.. رمضان بوصفه خطاباً تقديمياً
ومن جريدة الرياض كتب فهد البكر قائلا: جرت العادة منذ القديم على أن يتبارى الشعراء في استقبال رمضان، ويتسابقوا في وصف تطلعهم إليه، وتشوقهم إلى رؤيةِ هلاله، والترحيب بمقدَمه. والحق أن أكثر الشعراء قد أبدع في تصوير ذلك الشوق من خلال صورٍ كثيرةٍ جميلة، جعلتهم يشبهون هذا الشهر بالضيف، وبالنور، وبالصديق، والإنسان الكريم، بل يبالغون في الوصف فرحةً واستبشاراً إلى الحد الذي يرسمونَ فيه لوحاتٍ رمزيةً جميلةً، كما عند ابن حمديس الصقلي في وصف هلال رمضان:
قلتُ والناسُ يرقُبونَ هِلالاً يشبهُ الصَّبَ من نحافةِ جِسمِهِ
مَن يكنْ صائماً فذا رمضانُ خَطَّ بالنورِ للـورى أول اســمهِ
فهو يرسم ذلك المشهد الذي يرقب فيه الناسُ الهلالَ الدقيقَ النحيفَ كجسم إنسان عاشق، ويزيد في رمزية هذا الموقف، فيرسمُ صورةً أخرى للهلال عندما يشبهه بأول حرف من رمضان، وهو حرف الراء. ويمكن أن نَعُدَّ هذين البيتين من العتبات الافتتاحية القديمة التي تُهنِّئُ برمضانَ، وتتباهي باستقباله. وقد ارتضينا مصطلح العتبة هنا؛ لأنه مصطلح نقدي يشير إلى محيط النص، أو ما يحاذيه، ويوازيه.
ومن خلال بحثنا المتواضع عن الشعر الذي قيل في استقبال رمضان، تبيّن لنا أن شعراء العصر الحديث كانوا أكثر اهتماماً بهذه التهنئة، ولعلنا نشير إلى بعضهم كعبدالقدوس الأنصاري، ومحمد حسن فقي، وحسين عرب، ومحمد إبراهيم جدع، وأحمد سالم باعطب، وغيرهم كثير. كذلك فإن عدد من كتبوا مهنئين برمضان ليسوا بقلة قديما وحديثاً.
ولئن كان (رمضانُ) في حدّ ذاته عنواناً، فإن (التهنئة) بدخوله، ورسم صورة هلاله، هي بمنزلة التقديم له، أو الاستهلال، أو ما يطلق عليه بعض النقاد (الخطاب التقديمي) بل إن التهنئة على هذا النسق ربما ضارعت بعض النصوص الموازية كـ (الإهداء) مثلاً من حيث المنزلة والقيمة؛ ذلك أن المهدي يحتفي بالمهدى إليه، كما أن المُهنِّئَ يحتفي بالمُهَنَّى. وكلاهما – أي التهنئة والإهداء – مدعاةٌ للسرور، والابتهاج كما يقول القلقشندي في صبح الأعشى.
وقد وصف القلقشندي كُتُب التهاني بأنها: «من ضروب الكتابة الجليلة النفيسة؛ لما في التهنئة البليغة من الإفصاح بقدر النعمة، والإبانة عن موقع الموهبة، وتضاعفِ السرور بالعطية» ولهذا يمكننا القول: إن التهنئة برمضان تعد أمراً لافتاً للانتباه لدى الشعراء، وبخاصةٍ عند مجايلينا في قنوات التواصل الاجتماعي، حيث بدت التهنئةُ عتبةً جليّةً للاستقبال والاستهلال، وتكشف هذه العتبة عن معان سامية لدى المتلقي.
وانطلاقاً من القاعدة السيميائية «مادةُ المضمون تُظهِرُ شكلَ المضمون» فإن مظاهر الاستهلال تراوحت في قنوات التواصل الاجتماعي بين الاستقبال والترحيب، والتطبيب والمعالجة، والضياء والنور، والاسترجاع والاستذكار، والأُنس والبشرى، والحبُّ والمحبوب، وغير ذلك؛ فرمضان إذن استُقبل بوصفه ضيفاً، أو حبيباً، أو طبيباً، أو وسيلة تضيء النفوس، وتسعد الناس، وترمز للماضي الجميل.