الإماراتالطقسجمعيات ومنظماتسلايد 1كتب ودراساتمال واقتصاد
هل تصبح صحارى الإمارات مركزاً للزراعات المستقبلية
يطرح الازدياد السكاني، وتناقص الموارد ومحدوديتها، واستفحال التغير المناخي، مسألة الأمن الغذائي على جميع حكومات العالم. ففي عام 2018، عانى الجوع نحو 820 مليون شخص عالمياً، ومازالت هذه المشكلة تتفاقم عاماً بعد عام. وبحلول عام 2050، سيزداد عدد سكان العالم مليارَين، ليَبلغ إجمالي المحتاجين إلى غذاء 9.7 مليارات شخص، ثم يصل في 2100 إلى 11 ملياراً، ولابد أن نجد وسائل للزراعة وإنتاج الغذاء بكفاءة أكبر.
ومعروف أن معظم أراضي الدول العربية قاحلة، وتعاني قلة المياه، لذا تعتمد على الغذاء المستورد لتلبية احتياجاتها الغذائية. فمثلاً تستورد دولة الإمارات من 80 إلى 90% من إجمالي أطعمتها، وأظهرت تحديات جائحة «كوفيد-19» الأخيرة أهمية «الاستراتيجية الوطنية للأمن الغذائي 2051»، التي أطلقتها الدولة عام 2018. وعلى مستوى العالم، بدأ العلماء والمزارعون يبحثون عن حلول لإنتاج غذاء أكثر بماء وأراضٍ أقل. وبالفعل بدأت الإمارات تجرب عدداً من تلك الحلول، التي ستتيح لها استغلال مساحات شاسعة من أراضيها الصحراوية؛ وبعض تلك الحلول ثبَتت صلاحيته، لأن يكون بديلاً مستقبلياً في الإنتاج الغذائي. وهذه بعض أهم التقنيات الواعدة في هذا المجال:
1. إنتاج الطحالب
يقود علماء في أبوظبي عملية إنتاج الطحالب صحراوياً، وهم عاكفون على تطوير نوع من الطحالب الدقيقة، التي قد تصلُح علفاً مستداماً للحيوانات بدل الصويا. ويبحث علماء في أبوظبي، أيضاً، إمكانية إنتاج الطحالب الكبيرة – أي الأعشاب البحرية – في الظروف ذاتها، وهي من أشهر الأطعمة في آسيا. جدير بالذكر أن الطحالب قابلة للنمو في الأراضي الجافة أو المالحة أو القليلة المغذيات، وبلا حاجة إلى ماء عذب، وفيها ثلاثة أضعاف ما في اللحم البقري من البروتين؛ ويستطيع إنتاجها أن يقلل جداً الحاجة إلى الزراعة التقليدية.
2. اللحم الاصطناعي
أحياناً يُشار إلى اللحم المصنَّع معمليّاً باللحم المستزرَع، وهو لحم يُعمل بمشتقات نباتية، دون استعمال أي حيوانات؛ وهو غير متوافر في السوق العالمية حتى الآن، لكن شركات عدة عاكفة على أبحاثه وتطويره، على أمل أن يقلل جداً الحاجة إلى الزراعة المكثفة ومستويات ثاني أكسيد الكربون. وبلغت قيمة تمويلات هذا المجال نحو 140 مليون دولار (معظمها في الولايات المتحدة)، مع ازدياد طلب المنتجات غير اللحمية بازدياد وعي الزبائن لبصمتهم البيئية، وتتسع صحارى الإمارات لإقامة منشآت استزراع هذه اللحوم في المستقبل.
3. دفيئات زراعية
وفي الإمارات بالفعل دفيئات زراعية صحراوية، وشركات منها شركة بيور هارفست، التي تأسست في 2016، وتنتج طِنَّي طماطم يوميّاً على هكتار واحد. وتعتمد تلك الدفيئات على مزيج من أنظمة الزراعة في الماء، وأنظمة التبريد الميكانيكي والتبخيري، التي تُحول الرطوبة إلى ماء، ويُتحكم بها في المناخ، لتنتج خضراوات وفواكه طازجة على مدار العام، في حمامات مغذيات بدل التربة، مع إعادة تدوير نحو 95% من المياه المستعملة. ويُتوقع، أيضاً، أن تكون الدفيئات الزراعية الصحراوية موفرة للطاقة، إذا جُمع بينها وبين الطاقة المتجددة – مثل الطاقة الشمسية والرياحية – والمياه المحلاة.وفي عام 2019، نجح برنامج صيني، بالتعاون مع شركة ووهان هايداو الدولية، في تحويل نحو 3.6 هكتارات من الصحراء القاحلة قرب ضواحي مدينة دبي إلى حقول أرز خضراء، وبلغت الإنتاجية من الأرز في الأراضي المالحة بصحراء دبي إلى 9.4 أطنان مترية لكل هكتار، وهو رقم قياسي في إنتاج الأرز، وتعمل الشركة في إطار خطة تعاون مدتها 10 سنوات، لتوسيع مزارع التجارب، وتشجيع التبني التجاري في جميع أنحاء دولة الإمارات.ومنذ مارس 2020، يعمل فريق من شركة «ديزت كونترول» في دبي على تجربة، لزراعة البطيخ والكوسا في قطعة أرض صحراوية قرب المدينة.
4. تربية الحشرات
صحيح أنه لا إقبال على أكل الحشرات في الغرب، لكن البشر يأكلونها منذ آلاف السنين، وتناوُلها عادة من عادات بلدات آسيوية كثيرة؛ بل ذكرت الأمم المتحدة أنها يأكلها 20% من البشر. فهي بديل صحي للُّحوم، لأنها غنية بالبروتين والدهون الصحية والكالسيوم والحديد والزنك، ومنها نحو 1.900 نوع صالحة للأكل؛ وفوق هذا تبعث غازات دفيئة أقل من المواشي، وتتطلب مساحات أصغر، لذا تُعد تربيتها أصلح للبيئة. فالصراصير مثلاً غنية بالبروتين، وتتطلب غذاءً أقل ست مرات من ما يتطلبه البقر، وتَصلح تربيتها بالنفايات العضوية. وتتسنى تربيتها داخليّاً على مدار العام؛ وبعدما يأذن الاتحاد الأوروبي قريباً باستهلاكها، ستنمو سوقها في الأعوام المقبلة، إذ يُتوقع أن تتجاوز قيمتها 710 ملايين دولار بحلول 2024.
5 – منشآت إنتاج الغذاء بالتقنيات المتقدمة
تمثل المنشآت المغلقة المستدامة المخصصة لإنتاج الغذاء بإنتاجية عالية حلاً مستقبلياً، للحصول على أغذية عالية القيمة، مثل: الأسماك والخضراوات الطازجة الورقية. وتعتمد تلك المنشآت على التقنيات المتقدمة لخلق بيئة متحكم بها لإنتاج الغذاء. فمثلاً تنتج مزرعة «فيش فارم» في منطقة جبل علي بدبي 3000 طن من الأسماك سنوياً، وتنتج مزرعة «بادية» الذكية في دبي النباتات الورقية من الخس والكرنب والريحان، باستخدام تقنية الزراعة المائية العمودية تحت أشعة وردية اللون، دون الحاجة إلى أشعة الشمس، أو كثير من المياه. وتعيد المزرعة تدوير 90% من المياه التي تستخدمها، وتنتج مئات الكيلوغرامات سنوياً، بهدف تغطية احتياجات السوق المحلية.
بحلول عام 2050، سيزداد عدد سكان العالم مليارَين، ليَبلغ إجمالي المحتاجين إلى الغذاء 9.7 مليارات شخص.
المصدر: الإمارات اليوم