العراقجمعيات ومنظماتسلايد 1شؤون اجتماعية
العراق: عراقيون يبكون ضحايا الوباء والاحتجاجات في المراسم الحسينية
عول العراقيون طوال قرون على الإيمان للصمود في وجه المآسي والتحديات، واليوم بات ضحايا وباء كوفيد-19 والاحتجاجات المطلبية، في مقدم مظاهر الحزن التي يذكرونها خلال المراسم الحسينية.
ويحيي المسلمون الشيعة في العراق طقوس شهر محرم الذي تصادف فيه عاشوراء، ذكرى مقتل الإمام الحسين، حفيد النبي محمد، في القرن السابع.
ومنذ ذلك الحين، كما يقول رجال الدين والمصلون، شهدت البلاد موجات لا هوادة فيها من الحزن.
ويحيي الشيعة ذكرى أربعين الإمام الحسين في مطلع تشرين الأول/أكتوبر.
ويقول الشيخ حسن ذاكري رجل دين في مدينة كربلاء، “لقد مر العراق بالكثير من البؤس من الحرب إلى التعذيب إلى السجن إلى الهجرة القسرية والآن فيروس كورونا”.
ويضيف “طوال الوقت، اعتمد العراقيون على الدين خصوصاً خلال عاشوراء”.
ويحيي المسلمون الشيعة ذكرى عاشوراء بزيارة ضريح الإمام الحسين في كربلاء، ويعبر خلالها الزائرون عن حزنهم الشديد وتأثرهم بما تعرض له وأهل بيته، ما يدفعهم الى البكاء والنحيب تحت قبته الذهبية .
ويتابع ذاكري “عندما نقوم بالزيارة في ظل هموم كثيرة أو مصائب او حوائج، نبدأ بالبكاء لأن جريان الدموع يكون باباً لاستجابة الدعاء”.
في القرن الماضي شهد العراق عدة انقلابات دموية بلغت ذروتها في حكم صدام حسين.
وعاش العراقيون حربًا مع إيران في الثمانينيات، وشلّت العقوبات الدولية في التسعينيات الحياة وتلاها الغزو الذي قادته الولايات المتحدة الأمريكية عام 2003، والذي أدى إلى اقتتال طائفي داخلي وحرب استمرت ثلاث سنوات ضد تنظيم الدولة الإسلامية.
وطوال هذه الفترات هاجر مئات الآلاف من العراقيين من وطنهم، وأولئك الذين بقوا عانوا نقصا حاداً في الخدمات من كهرباء ورعاية صحية وتعليم، والأمور الى أسوأ.
“لم نعرف الفرح”
ويقول محمد الكربلائي، 31 عاماً، المعروف باسم “رادود” أو المنشد الديني، “العراق بلد حزين. منذ عهد صدام حتى الآن، لم نعرف الفرح”.
ومع موكب من عازفي الطبول، يؤدي أناشيد وصلوات رثاء للإمام الحسين، الذي قُتل على يد الخليفة يزيد بن معاوية.
ويمثل الحسين بالنسبة للمسلمين الشيعة أهم رمز للمظلومية، إضافة إلى الانتصار على الموت.
ويضيف الكربلائي “يشعر الناس بان هناك ظلما ولكن هناك أيضاً الخير — وفي نهاية المطاف وعلى مر التاريخ دائماً ما ينتصر الخير”.
وذكرى عاشوراء هذا العام هي الاولى بعد مقتل نحو 600 شخص خلال الاحتجاجات التي اندلعت في تشرين الأول/أكتوبر الماضي.
ولذلك تحمل رسالة الانتصار على الظلم والموت معنى خاصاً للشباب العراقيين اليوم.
في كربلاء هذا العام، جرى تشييع رمزي لمن قضوا خلال الاحتجاجات بالإضافة إلى ضحايا الاغتيالات من ناشطين وباحثين.
ورفع المصلون في كربلاء صور الضحايا قرب ضريح الحسين، مطالبين بمحاسبة المسؤولين عن قتلهم.
وهنا أيضاً، يوفر الدين بعض الشفاء. ويقول الكربلائي “الامام الحسين هو العلاج لهذه الجروح”.
إضافة إلى كل ما تقدم، يحزن العراق هذا العام على أكثر من ثمانية الآف شخص قضوا بسبب فيروس كورونا، من نحو 300 ألف إصابة مؤكدة في البلاد.
وفي محاولة للحد من انتشار الفيروس، ما زالت الحدود العراقية مغلقة أمام غير المقيمين، وحثت السلطات مواطنيها على عدم المشاركة في التجمعات الكبيرة.
ومع ذلك، يقدر أن عشرات الآلاف من العراقيين حضروا طقوس عاشوراء في كربلاء، ومن المتوقع أن تحضر أعداد أكبر في ذكرى أربعين الحسين التي تحل أوائل تشرين الأول/أكتوبر.
وقال رياض السلمان رئيس قسم الشعائر والمواكب الحسينية إن “هذا العام استثنائي ، بسبب انتشار الفيروس في جميع أنحاء العالم”.
عادة ما يكون هذا الرجل النحيف مسؤولاً عن تنظيم آلاف المواكب خلال عاشوراء، لكنه أشرف هذا العام على نحو 30 ألف عامل في موقع الضريح تولوا توزيع الكمامات والمعقمات على حشود المصلين وقياس درجة حرارتهم.
وأضاف السلمان “هناك اختلاف جذري هذه السنة. صرنا نشعر بالإحباط”.
المصدر: أ ف ب