البحرينسياسة

البحرين : مالية الشورى ترفض إلزام ديوان الرقابة إبلاغ النيابة

تمسكت لجنة الشؤون المالية والاقتصادية بمجلس الشورى بقرارها الرافض لتعديل قانون ديوان الرقابة المالية والإدارية والذي يُلْزَم فيه الديوان إحالة أي مخالفة تنطوي على جريمة جنائية إلى النيابة العامة وذلك من دون الإخلال بالمسؤولية التأديبية، بحيث تُصبح الإحالة إلى النيابة العامة بعد التعديل المقترح (وجوبية) بعد أن كانت (جوازية).

وأكدت اللجنة في تقريرها المعروض على مجلس الشورى في جلسته القادمة حرصها على حماية المال العام، وترى أهمية تفعيل الجهات ذات العلاقة لصلاحياتها باستخدام أدواتها القانونية اللازمة بشأن تقارير ديوان الرقابة المالية والإدارية،

وأشارت اللجنة برئاسة خالد المسقطي إلى أن النص الحالي المعمول به لا يمنع بأي حال من الأحوال ديوان الرقابة المالية والإدارية من إحالة أي مخالفة تنطوي على شبهة جنائية إلى النيابة العامة. فالنص الحالي أجاز للديوان أن يحيل هذه المخالفات إلى الجهة المختصة (النيابة العامة) لتحريك الدعوى الجنائية إذا ما توافرت لديه أدلة جدية ظاهرة على وجود جريمة جنائية من دون إجراء التحقيق الجنائي مع الأشخاص أو الجهات التي ارتكبت هذه المخالفات، لأن ذلك من صميم اختصاصات النيابة العامة، وأن ذلك أكثر ضمانة لاستقلال الديوان في أداء واجباته التي أكدها الدستور وكفلها القانون.

وأوضحت اللجنة أن إلزام ديوان الرقابة المالية والإدارية إحالة المخالفات التي تنطوي على شبهة جنائية يعني إحداث خلل جوهري في عمل الديوان إذ من شأن ذلك تحويله من جهة رقابة وتدقيق إلى جهة تحقيق، وهذا أمر تختص به النيابة العامة ويختلف عن دور الديوان المتمثل في الرقابة والتدقيق، كما أن أحد المبادئ والأسس التي يقوم عليها مشروع القانون كما ورد في تقرير لجنة الشؤون المالية والاقتصادية بمجلس النواب هو «المحافظة على وظيفة ديوان الرقابة المالية والإدارية في كونه جهاز تدقيق وليس تحقيق».

ولفتت اللجنة إلى أن الديوان يباشر اختصاصاته عن طريق التدقيق والتفتيش والفحص والمراجعة طبقًا لأحكام المادة (7) من المرسوم بقانون رقم (16) لسنة 2002 بشأن ديوان الرقابة المالية والإدارية وتعديلاته، ولا يختص بالتحقيق في المخالفات المالية والإدارية حيث نصت المادة المذكورة على أنه «يباشر الديوان اختصاصاته المنصوص عليها في هذا القانون عن طريق التدقيق والتفتيش والفحص والمراجعة…».

وحيث إن التدقيق والتفتيش والفحص والمراجعة يختلف عن التحقيق، فالتدقيق يهدف إلى تقييم وتحسين الإجراءات المالية والإدارية، وهو يأتي ضمن عمليات الرقابة بمفهوم المراجعة والإشراف والرصد للتأكد من صحة ودقة البيانات والإجراءات. أما التحقيق كمتطلب لإحالة المخالفات المالية والإدارية التي تنطوي على شبهة جنائية، فإنه يكون بمناسبة وجود جريمة جنائية، وهو ما يستلزم استخدام أساليب التحقيق اللازمة للتثبت من ذلك وجمع الأدلة، ومن هذه الأساليب الاستجواب، والاستماع للشهود، والمضاهاة، وغيرها من الأساليب والتقنيات العلمية. وهو ما لا يتوافر لدى ديوان الرقابة المالية والإدارية، باعتباره جهة غير مختصة بالتحقيق ولا تملك جهازًا للتحقيق المطلوب، الأمر الذي تكون معه الإحالة الوجوبية التي جاء بها مشروع القانون للمخالفات التي تنطوي على شبهة جنائية غير ممكنة من الناحية العملية، وذلك لتعذر القيام بمقدماتها اللازمة وهي إجراء التحقيق، وبالتالي فإن إلزام الديوان بهذه الإحالات مع ما يترتب على هذا الإلزام من قيام المسؤولية عند الإخلال بها، لا يصب في صالح تحقيق استقلالية الديوان، ودعمه للقيام بالمهام المنوطة به بفاعلية.

وأردفت اللجنة أن التحقيق يتطلب أن يتولى إجراءه طرف قانوني مختص، وأن تحافظ إجراءاته والنتائج التي تسفر عنها على السرية، وعدم الإفشاء، وذلك وفقًا لما ينص عليه قانون الإجراءات الجنائية، ومن ناحية أخرى فإن عملية التحقيق التي يجريها ديوان الرقابة المالية والإدارية كمتطلب مسبق على إحالة المخالفات إلى النيابة العامة، تؤدي إلى انعدام تعاون الجهات محل الرقابة مع موظفي الديوان، خشية تعرضهم للمسؤولية.

وأكدت اللجنة أن التعديل المقترح سوف يضعف من هيبة الديوان أمام الهيئات والمؤسسات العامة أو الرأي العام، وذلك إذا ما قام الديوان بإحالة جميع المخالفات التي تنطوي على شبهة جنائية إلى النيابة العامة، ومن ثم تقرر النيابة العامة بحكم قدرتها وخبرتها في مجال التحقيقات الجنائية أن هذه المخالفات لا تشكل جرائم جنائية، وبالتالي تقرر بأن لا وجه لإقامة الدعوى، الأمر الذي قد يؤدي إلى إضعاف مصداقية الديوان.

وأشارت اللجنة إلى أنه في حال إقراره فإنه يحمل الديوان تبعات لا طائل منها تتعلق بجعله معرضًا للرقابة والنقد من قبل المؤسسات التشريعية والإعلامية في حال إخفاقه في إجراء التحقيقات اللازمة لإثبات أن هذه المخالفات تشكل جرائم جنائية وذلك لكونه لا يملك أجهزة تحقيق قادرة على القيام بهذه المهمة، ولاختلاف دوره المهني ومتطلبات اختصاص التدقيق والرقابة كجهاز مستقل عن التحقيق الذي تختص به النيابة العامة.

إغلاق