صحافة واعلام
الجبير في القاهرة لتنسيق المواقف بشأن الأزمة مع قطر
أكدت مصادر سياسية مصرية أن الزيارة التي قام بها وزير الخارجية السعودي عادل الجبير إلى القاهرة، الأحد تندرج في إطار التنسيق بشأن الأزمة مع قطر، وأيضا كيفية مواجهة النفوذ الإيراني.
وهذه أول زيارة للجبير إلى القاهرة منذ أبريل من العام الماضي، وسجل تركيز إعلامي لافت عليها بالنظر لتوقيتها الذي تزامن مع الأزمة القطرية.
وهناك اليوم غضب خليجي متصاعد حيال الدوحة، فجّرتها تصريحات للأمير تميم بن حمد آل ثاني، تخالف موقف دول مجلس التعاون حيال جملة من القضايا، واعتبر خبراء خليجيون أنه بغض النظر عن مدى صحة تلك التصريحات إلا أنه يمكن اعتبارها النقطة التي أفاضت الكأس.
ولطالما حرصت قطر خلال السنوات الأخيرة على اتخاذ سياسة متمايزة عن الدول مجلس التعاون الخليجي، وكان لها في هذا الصدد بصمات كارثية على عدد من الدول العربية.
ويعاب على قطر تورطها الواضح في دعم جماعات إرهابية مثل جماعة الإخوان المسلمين وتنظيم جبهة فتح الشام في سوريا (النصرة)، ومجموعات قاعدية أخرى في ليبيا (ثوار بنغازي، وأنصار الشريعة..)، أدت إلى هز استقرار المنطقة وتدمير عدد من دولها.
وتصطف القاهرة مع دول الخليج العربي الرافضة للسياسات القطرية، خاصة وأن مصر من أكبر المتضررين منها، نتيجة ضلوع الدوحة في دعم ومساندة عناصر متطرفة ارتكبت أو وقفت خلف أعمال إرهابية عدة طالت الأمن المصري. وأشار اللواء محمد عبدالمقصود الخبير الأمني المصري، إلى أن موقف القاهرة والرياض من إيران أساس المحادثات بين الوزيرين، نظرًا إلى الازدياد المستمر للدور الذي تقوم به طهران في منطقة الشرق الأوسط وفي الأزمات العربية.
زيارة الجبير شملت متابعة مذكرات التفاهم والاتفاقيات التي تم توقيعها خلال زيارة الملك سلمان لمصر العام الماضي
وأضاف لـ”العرب” أن اللقاء شهد اتفاقًا مصريا سعوديا على ضرورة تشديد الضغط على قطر، على ضوء التقارب المتزايد بينها وبين إيران ما يضرّ بالأمن القومي العربي، بالتالي ليس من صالح الطرفين المهادنة مع الدوحة إلا مع وجود ضمانات حقيقية توقف الدوحة وطهران عند حدهما.
ولدى كل من القاهرة والرياض تصميم بعدم قبول حلول مؤقتة أو وساطة مع الدوحة قبل أن تعلن بشكل لا لُبس فيه التخلي عن دعم التنظيمات الإرهابية، والتوقف عن استضافة قيادات الإخوان الذين يحرّضون ضد النظام المصري.
وتشترط دول الخليج المناهضة للسلوك القطري أن تقوم الدوحة بتوضيح موقفها من إيران والتوقف عن الإمساك بالعصا من المنتصف.
وكانت الدوحة لجأت إلى الكويت للتوسط بينها وبين السعودية والإمارات، لكن لم يتم تحقيق أي تقدم في هذه الوساطة حتى الآن، ما يعني فشلها مبكرا.
وقال أحمد أبوزيد المتحدث باسم الخارجية المصرية، إن مباحثات وزيري الخارجية شكري والجبير تأتي في إطار متابعة مصر التنسيق مع الشركاء الإقليميين والدوليين حول القضايا الإقليمية المهمة.
وجاء لقاء الجبير وشكري، بعد إزالة الخلافات بين مصر والسعودية وزيادة وتيرة التفاهم والتعاون في عدد معتبر من القضايا الإقليمية، وفي مقدمتها مكافحة الإرهاب في المنطقة، وكانت مشاركة الرئيس المصري في قمة الرياض الشهر الماضي بداية جيدة لتوثيق عرى التحالف بين البلدين. وتحرص مصر على التأكيد على خطتها الشاملة لمكافحة الإرهاب التي طرحتها مؤخرا في القمة العربية الإسلامية الأميركية بالرياض والتي تعتمد على محاور رئيسية، هي تجفيف منابع الإرهاب من جذورها، وردع الدول التي تدعمه ماديا ولوجيستيا، والتعامل مع جميع التنظيمات الإرهابية دون تمييز في ما بينها.
وأكد السفير رخا أحمد حسن عضو المجلس المصري للشؤون الخارجية لـ”العرب” أن تطورات الأزمة مع قطر تستوجب التفاهم حول آليات التعامل معها مصريا وسعوديا، لأن روافدها مفتوحة على ملفات حيوية في المنطقة.
وشدد على أن مصر تواجه مشاكل عديدة مع النظام القطري منذ ثورة 30 يونيو 2013، وحاولت التعامل معه بهدوء لكن هذه الطريقة لم تكن كافية لردعه.
وشملت زيارة الجبير متابعة مذكرات التفاهم والاتفاقيات التجارية التي تم توقيعها أثناء زيارة الملك سلمان بن عبدالعزيز لمصر في أبريل العام الماضي، والتي بلغ حجمها 18 مليار دولار، والآلية التي يتبعها الجانبان لتنفيذ المشروعات المشتركة التي تباطأ العمل فيها، خاصة بعد حكم المحكمة الإدارية العليا الخاص باتفاقية جزيرتي تيران وصنافير بين مصر والسعودية، والذي قضى بمصرية الجزيرتين.
وتشهد العلاقات المصرية السعودية حاليا مرحلة من التقارب بعد زوال التوتر الذي كان قد شابها، وأن الدولتين تدركان بشكل متزايد أن تحالفهما للحفاظ على الأمن القومي العربي صار مطلوبًا الآن أكثر من أي وقت مضى في ظل تصاعد التهديدات الإيرانية في المنطقة.
ولم يستبعد رخا حسن أن يتم التوصل لتقارب أكبر في وجهات النظر في ما يخص الأزمة السورية، وتوحيد الموقف العربي في مؤتمر الأستانة الذي سيعقد في 12 و13 يونيو الجاري لبحث عدم التصعيد في مناطق سورية معيّنة وتوفير ملاذات آمنة للشعب السوري.
ولفت عبدالمقصود (وكيل سابق لجهاز المخابرات العامة المصري) إلى أن اللقاء شهد تقاربا أكبر على صعيد رؤيتي مصر والسعودية المتباينتين تجاه الأزمة في اليمن أيضا، وتصر القاهرة على أن الحل الأمثل لتلك الأزمات يكمن في الحفاظ على سلامة واستقرار وسيادة الدول القومية حتى تتواجد سلطة قوية تستطيع مكافحة الإرهاب.