كشف مصدران مطلعان أن دولة الإمارات العربية المتحدة، ستسمح ببعض أشكال المقامرة، شريطة أن تتخذ كل إمارة قرارها بهذا الخصوص، وتحدد بشكل مستقل كيفية تنظيم الأمر. وتعمل مجموعة من المنتجعات ونوادي القمار العالمية على دراسة إمكانية فتح فروع لها في الإمارات، خاصة وأنها تعد نقطة جذب مهمة للسياح.
بات كثير من مديري نوادي القمار العالمية يصوّب نظره نحو مكسب لم يكن واردا من قبل، وهو المقامرة في دولة الإمارات العربية المتحدة.
ففي وقت سابق من العام الجاري، قالت إمارة رأس الخيمة، وهي واحدة من أصغر الإمارات السبع التي تشكل دولة الإمارات وأقلها شهرة، إنها تعتزم تنظيم مقامرات في بعض المنتجعات. وفي اليوم نفسه، أعلنت سلسلة وين ريزورتس، عملاق القمار في لاس فيغاس، اعتزامها إقامة منتجع مرخص له لعب القمار على جزيرة صناعية.
هذه التصريحات ربما كانت تمثل نقطة تحول بالنسبة لمنطقة الخليج التي اعتادت تطبيق أحكام الشريعة الإسلامية بصرامة أكبر من غيرها من مناطق الشرق الأوسط، وحيث كان القمار أمرا غير وارد من قبل. لكن في الوقت الراهن، تتطلع المنطقة لنواد مثل نادي بيروت للقمار وصالات القمار المفتوحة في فنادق فاخرة بمصر.
لربما كان الزمن يتغير
صرح مصدران مطلعان بأن الإمارات ستسمح بشكل ما من أشكال المقامرة، شريطة أن تتخذ كل إمارة قرارها بهذا الخصوص، وتحدد بشكل مستقل كيفية تنظيم الأمر، مثلما تمنع الشارقة بيع الخمور خلافا لإمارات أخرى.
وإذا ما مهدت رأس الخيمة الطريق وتبعتها إمارات أخرى، فقد تستفيد من ذلك صالات قمار عالمية وفنادق شهيرة فتحت فروعا في الإمارات، مع تطلّع أنظار الكثيرين إلى دبي، باعتبارها الأكبر والأشهر جذبا للسياح، والتي ما زال القمار ممنوعا فيها.
من جانبه، قال مسؤولو منتجع سيزرز بالاس الذي افتتح في دبي عام 2018 وهو الوحيد بين سلسلة منتجعات سيزرز الأمريكية الذي لا يضم صالة قمار، إنهم سيدرسون أي إمكانية لفتح ناد للقمار في دبي.
في هذا السياق، قال أنتوني كوستا، الرئيس الإقليمي لمنتجعات سيزرز بالاس “هذا القبول الآن لفكرة إمكانية اللعب في الإمارات، بأي شكل كان، يفتح الباب أمام منتجعات مثل سيزرز وإم.جي.إم لدراسة الأمر بدقة…أراه أمرا مدهشا”.
وعلى مسافة نحو عشرة كيلومترات من منتجع سيزرز في دبي، بدأ الحفر على جزيرة صناعية لبناء منتجع فاخر من سلسلة منتجعات إم.جي.إم العالمية في لاس فيغاس.
وقالت إم.جي.إم ردا على سؤال عما إذا كانت ستدرس فتح صالة قمار في المنتجع “لم يكن لعب القمار جزءا من التخطيط، ولم يطرأ جديد على خططنا”.
وسبق أن نفت سلطات دبي، المعروف أنها أكثر الإمارات تحررا، شائعات متداولة على مواقع التواصل الاجتماعي وفي أوساط الأعمال بأن عدة فنادق حصلت على تراخيص لفتح صالات قمار.
في المقابل، لم يردّ المكتب الإعلامي لحكومة الإمارات ولا المكتب الإعلامي لحكومة دبي أو أبوظبي أو الشارقة على طلب التعليق على خطة رأس الخيمة وما إن كانت تعتزم أن تسلك نفس المسلك.
الإمارات والسعودية.. منافسة محتدمة
يأتي احتمال فتح صالات قمار على خلفية منافسة محتدمة في الخليج حيث تنافس الإمارات، مركز الأعمال والسياحة في المنطقة، السعودية التي اتخذت قرارا باتباع نهج أكثر انفتاحا، لتصبح من أبرز المزارات في المنطقة مع تحولها عن الاعتماد على النفط فقط.
وسلكت بالفعل الإمارات، التي يشكل الأجانب 90 بالمئة من سكانها، دروبا أخرى لم تسلكها السعودية، أكبر دول الخليج مساحة وأكثرها تحفظا، فغيرت هذا العام عطلتها الأسبوعية من الجمعة والسبت إلى السبت والأحد لتقترب مما هو سائد في الأسواق العالمية. كما عدلت على مدى الثمانية عشر شهرا الماضية قوانين ولوائح منها وقف تجريم استهلاك المشروبات الكحولية، وسكن رجل وامرأة معا بدون رابطة زواج.
ووجدت البلاد كذلك سبيلا لطرح بعض ألعاب الحظ المربحة، كما يمكن لمحبي سباقات الخيل في الإمارات الدخول مجانا في عدة سباقات مقابل احتمال الفوز بمبلغ 40 ألف درهم.
ورغم أن نوايا رأس الخيمة واضحة، يظل تساؤل كبير مطروحا حول كيف يمكن لهذه الإمارة أو غيرها من الإمارات منح تراخيص للمقامرة قبل رفع المنع من قانون العقوبات الاتحادي الذي خضع للتعديل مؤخرا في شهر يناير/ كانون الثاني.
وأكدت رأس الخيمة أن لوائحها، وتعكف على تطويرها إدارة تنظيم الألعاب الترفيهية التي أنشئت حديثا، ستعمل على ضمان ممارسة “مسؤولة” للألعاب.
وقالت هيئة رأس الخيمة لتنمية السياحة “ستعمل إدارة تنظيم الألعاب الترفيهية التي أطلقتها الهيئة وفقا لأفضل الممارسات والمعايير العالمية المتبعة في تنظيم الألعاب الترفيهية ضمن المنتجعات المتكاملة، وذلك مع مراعاة الأبعاد الاجتماعية والثقافية والبيئية للإمارة في كل الإجراءات ذات الصلة”. وتابعت “يأتي على رأس أولويات الإدارة الجديدة إنشاء منظومة عمل متكاملة وإطار تنظيمي من شأنه ضمان الممارسة المسؤولة للألعاب الترفيهية على جميع المستويات”.
للأجانب فقط؟
توضع الإجراءات التنظيمية في رأس الخيمة على منوال يشبه ذلك الذي صيغت به في سنغافورة والولايات المتحدة بحسب وين ريزورتس وفيتال أومانسكي، المحلل بقطاع المقامرات لدى شركة سانفورد سي برنستين في هونج كونج المطلعة على مشروع وين.
قال أومانسكي “مثلما هو الحال في سنغافورة، تتطلع البلاد للقمار لتنشيط السياحة وسمحت به داخل منتجعات متكاملة لهذا الغرض”. مرجحا أن يكون السماح بلعب القمار في رأس الخيمة للأجانب فقط.
وعن مقترحات وين ريزورتس التي هي الآن في مرحلة التصميم، قال أومانسكي “المناخ التنظيمي سيعتمد على إخفاء صالات القمار، كما هو الحال في سنغافورة بل ربما أكثر. لن يكون مثل لاس فيغاس حيث صالة القمار ظاهرة للعيان”.
وقال كوستا من سيزرز بالاس إن المنتجعات ذات الأسماء الكبرى لا تحتاج بالضرورة لتشغيل نشاط القمار “فهي فنادق رائعة في حد ذاتها”.
المصدر : فرانس 24