مقالات وبحوث
يا أهل الخليج إني لكم ناصح أمين
لا يخفى على كل ذي بصيرة أن العالم يمر بتحولات كبيرة على مستوى العلاقات الدولية وموازين القوة بين الدول، كما يمر من جانب آخر في ظل ثورة التكنولوجيا الرقمية وتكنولوجيا الاتصالات وانتشار وسائل التواصل الاجتماعي بمرحلة تحولات ضخمة وجذرية على مستوى المفاهيم والتصورات والمبادئ والقيم.
ولا يخفى على كل ذي بصيرة كذلك ما تشهده منطقتنا منذ سنوات من كوارث وأزمات على جميع الأصعدة. فاليمن السعيد لم يعد سعيداً بعد أن سيطرت عليه قوى طائفية عميلة، والعراق، مهد الحضارة الذي قاد الأمة على مدى قرون، تناهبته عصابات ولاءاتها لمن هب ودب، وسوريا العروبة أصبحت أثراً بعد عين ومرتعاً للطامعين من الفرس والروس وسماسرة الشرق والغرب. ومصر وليبيا وتونس والسودان والصومال في حال تسر الأعداء وللأسف الشديد. وبقيت دول مجلس التعاون الخليجي -ولله الحمد- تنعم بالأمن والاستقرار والرخاء لكنها على فوهة بركان محاطة بأعداء وطامعين من كل جانب وتكتنفها تحديات عظيمة داخلية وخارجية تهدد حاضرها ومستقبلها.
في ظل هذه الأوضاع والتطورات فإن الحكمة تتطلب إعادة النظر في كثير من الأمور والتهيؤ لمواجهة ما قد تتكشف عنه الأيام من تحديات ومخاطر جسيمة، ومن هذا المنطلق جاءت هذه المناشدة التي أرجو أن تجد آذاناً صاغية وقلوباً واعية.
يا أهل الخليج!
إن أنظمة الحكم في دولنا التي تولت زمام أمورها أسر حاكمة، قدرٌ أراده الله عز وجل لجمع شتات مجتمعاتنا، وقد كانت هذه الأسر الحاكمة على مدى العقود الماضية وما تزال صمّام أمان لترابط مجتمعاتنا وأمنها واستقرارها، وإن من غياب الحكمة، مهما كانت الدوافع والغاياتُ نقيةً وصالحةً، زعزعةَ هذه الكيانات بالدفع نحو صراعات بين الحكام والمحكومين ينتح عنها اختلال في الأمن وانفراط في زمام الأمور، ولو حصل شيء من ذلك لا قدر الله فإن مصيرنا جميعًا سيكون أسوأ وأشد مما شهدته بعض دول المنطقة من دمار وخراب لاعتبارات لا تخفى على كل من لديه حد أدنى من المعرفة بتركيبة مجتمعاتنا وتعقيداتها وما يخططه أعداؤها لها، ولذلك فإن من أوجب واجباتنا المحافظةَ على هذه الكيانات مهما عظم نقدنا لبعض ممارساتها، كما إن من أوجب واجباتنا التدرج في تطويرها بعيدًا عن المناكفات والاستقطابات غير الراشدة والمغامرات المتهورة وبمنأى تام عن الخطواتٍ المتسرعة أو غير الواقعية التي قد تؤدي إلى إضعاف الكيانات وانفلات زمام الأمور فيها.
وفي المقابل فإن من أوجب واجبات هذه الأسر أن تتقي الله عز وجل فيما أوكل إليها من مسؤوليات وأن تقدر وفاء مجتمعاتها لها والتفافها حولها، وذلك بتقديم المصالح العامة على مصالحها الذاتية، وبالسعي بإخلاص وتفان لترسيخ قيم العدل والمساواة والشورى في مجتمعاتها، وتطوير المؤسسات الدستورية التي تسهم في تحقيق الاستقرار وتمكّن المواطنين من أن يكونوا شركاء في اتخاذ القرارات وتحمل مسؤولياتها وتبعاتها. كما إن من أوجب واجبات هذه الأسر أن تدرك بأن القيادة بالحب والرفق واللّين أكثر أنواع القيادة نجاحاً، وأن الرفق ما كان في شيء إلا زانه ولا خلي منه شيء إلا شانه، وما أعظم وأجمل قول الله عز وجل لرسوله عليه أفضل الصلاة والسلام: “فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ ٱللَّهِ لِنتَ لَهُمْ ۖ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ ٱلْقَلْبِ لَٱنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ ۖ فَٱعْفُ عَنْهُمْ وَٱسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِى ٱلْأَمْرِ ۖ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى ٱللَّهِ ۚ إِنَّ ٱللَّهَ يُحِبُّ ٱلْمُتَوَكِّلِينَ”.
إن من أعظم ما يحمي الأوطان ويحفظ استقرارها، وجودَ مؤسساتٍ دستورية قويّة ومستقرة، وإن من المحزن أن أمتنا التي أمرت بالشورى قبل أكثر من أربعة عشر قرناً لا تزال من أقل الأمم ممارسة لها بصورتها المثلى، وإن من المحزن بشكل أكبر أنه ليس لأمتنا أي إسهام يُذكر في تطوير تصورات الشورى ونظرياتها وأدواتها رغم سبق ديننا إلى الأمر بها والحض عليها، وقد آن الأوان لأن تبادر جامعاتنا ومؤسساتنا العلمية ومراكز بحوثنا إلى العمل على تجديد فقه الشورى وتطوير آلياتها وتأصيل مفاهيمها، وأن نتعاون ولاةً ومواطنين على ترسيخ مبادئها وقيمها في كل شؤون حياتنا، وأن نعمل بكل ما نستطيع على إنشاء وتطوير المؤسسات الدستورية الفاعلة وتمكينها من أداء دورها على الوجه الأمثل لتكون سياساتنا وقراراتنا، وبخاصة الكبرى والمصيرية منها، منبثقة من شورى أصيلة مكتملة الأركان الشرعية، فلا استقرار في أي مجتمع ولا وحدة وطنية ولا انتماء حقيقي ما لم يشعر كل فردٍ من أفراد المجتمع بأنه مشارك في صناعة القرار ومسؤول عن تبعاته.
إن المرحلة العصيبة التي يشهدها العالم بأسره وتشهدها منطقتنا على وجه الخصوص، تستوجب توحّدنا وتوحّد مجتمعاتنا بجميع مكوناتها، وتستدعي نبذ كل خلافاتٍ ومماحكات تزعزع الجبهات الداخلية، وإن التعصب الجاهليّ للقبيلة والانحياز الأعمى للطائفة أو الحزب وتقديمها على مصالح الدين والوطن خيانةٌ لله وللوطن ومخالفةٌ صريحة لأوامر الشرع وما يقتضيه العقل سيسأل عنها كل من يقع في مستنقعاتها.
إن مجلس التعاون لدول الخليج العربية، مهما اختلفت وجهات نظرنا حوله، من أهم إن لم يكن أهم ما أنجزته دول الخليج، وإن من أوجب الواجبات المحافظةَ عليه والسعيَ الجادَّ بصدق وإخلاص لتطويره والارتقاء بمستوى أدائه لتحقيق الآمال الكبيرة المعقودة عليه، وإن من أولى الأولويات وضعَ قواعدَ وضوابط لحل الخلافات بين دول المجلس بطرق متحضرة تحول دون خروج الخلافات عن حدود السيطرة، وقد آن الأوان لإنشاء محكمة عدل خليجية يكون لها حق الفصل في أي نزاع قد ينشأ بين دول المجلس.
إن من أعظم نعم الله علينا التجانسَ الكبيرَ داخل مجتمعاتنا وفيما بينها، فالتدين فطري وراسخ على جميع المستويات، والعادات والتقاليد والأعراف متشابهة بل تكاد تكون متطابقة، والعلاقات القبلية والأسرية عميقة ومنتشرة عبر الحدود، ولا توجد أديان داخل المجتمع تزاحم دين الإسلام، وقبل ذلك وبعده لا توجد تيارات فكرية منحرفة ذات ثقل ثقافي أو اجتماعي بأي شكل من الأشكال، وهذه ميزات نكاد ننفرد بها من بين جميع المجتمعات العربية والإسلامية، وقد آن الأوان لإحداث نقلة نوعية في المجلس من خلال توحيد جميع القوانين والتراتيب الإدارية والتنظيمية، وتحقيق التكامل والتناغم التام في السياسة والاقتصاد والتعليم والصحة والثقافة وغيرها.
إن من غياب الحكمة في ظل التحديات الإقليمية والدولية الراهنة وما ينذر به المستقبل من تحديات لا يعلم حجمها وخطورتها إلا الله عز وجل أن يستمر استقلالُ كل دولة من دول المجلس بجيشها وسياساتها الخارجية وسفاراتها وجوازات سفرها وجماركها وعملتها، فالمصالح المشتركة توجب توحيد كل هذه القطاعات تقوية لدول المجلس ورفعاً لمستوى أدائها وتوفيراً للجهود والثروات.
إن مفتاح التقدم والرقي لأي مجتمع هو العلم، وإن المعترك الإنساني معترك تسابق وتزاحم في مجالات العلوم والمعرفة، وأكاد أجزم بأن هناك إجماعاً في أوساط المختصين على أن مستويات التعليم في دولنا متدنية أو غير مرضي عنها في أحسن الأحوال، ولذلك فقد آن الأوان لتدارك هذا التقصير الخطير وأن تتظافر الجهود لإصلاح خطط التعليم ومناهجه وبرامجه ومؤسساته على جميع المستويات، وقد آن الأوان لأن نولي المعلمين عنايتنا العظمى فهم محور وقطب كل تعليم، وأن نحوّل دفة التعليم من التلقين وحشو المعلومات إلى تطوير الملكات والقدرات والتدريب على التفكير والإبداع. كما آن الأوان لأن نضاعف إنفاقنا على التعليم ومراكز ومؤسسات البحث العلمي، فمهما أنفقنا في هذه المجالات فإن إنفاقنا سيكون أنجح استثماراتنا وأكثرها عوائد بإذن الله، حيث لا استثمار يوازي الاستثمار في الإنسان، ولا رقي ولا تقدم ولا مستقبل إلا بأجيال تلقت تعليماً رفيع المستوى ملبياً لاحتياجات الحاضر ومستشرفاً ومتهيئاً لمطالب وتحديات المستقبل.
يا أهل الخليج!
إن الصهاينة المحتلين الذين تتبرأ منهم ملّة موسى عليه الصلاة والسلام وتتبرأ منهم كل القيم الإنسانية خطر عظيم ليس علينا وعلى أمتنا فحسب وإنما خطر على البشرية كلها، وإن الصفويين الحاقدين الجاثمين على رقاب الشعب الإيراني وعلى رقاب بعض الشعوب العربية خطر آخر لا يقل عن سابقه، وكلاهما متربص بنا وبأمتنا مهما أظهرا مما هو خلاف ذلك، فكل منهما له مشروع لا يتحقق ولا يكتمل إلا على أنقاضنا وأنقاض أمتنا. وإن العالم اليوم وللأسف الشديد لا تحكمه إلا القوة، ولا مكان فيه للضعفاء، وإن منطقتنا وثرواتنا محطُّ أنظار كثير من الطامعين، وقد آن الأوان لأن نطور قدراتنا الدفاعية الذاتية وبخاصة في مجال الصناعات العسكرية، وليس لنا عذر على الإطلاق في أن لا نكون من الدول المنتجة والمصدرة لأكثر الأسلحة تطوراً في العالم، كما إنه ليس لنا عذر على الإطلاق في أن لا تكون لدينا قوة عسكرية مشتركة قادرة بشكل مستقل وبكفاءة عالية على حماية دولنا ومجتمعاتنا ومصالحنا.
إن البطالة والفقر من أعظم الأخطار التي تهددنا من الداخل، وقد آن الأوان لأن نجتثهما من مجتمعاتنا بكل حزم وعزم من خلال معالجة أسبابهما. وإن من غير المعقول وغير المقبول أن يعاني كثير من شبابنا وشباتنا من البطالة في الوقت الذي نستقدم فيه عشرات الملايين من العمالة الأجنبية، كما إن من غير المعقول وغير المقبول على الإطلاق أن يوجد فقر في مجتمعاتنا، في الوقت الذي تمتلك فيه دولنا مخزونات هائلة من الثروات الطبيعية التي يحتاجها العالم كله.
إننا أمة التراحم والتكافل، وإن من أوجب واجباتنا أن نسن تشريعات وننشئ مؤسسات وكيانات تضمن تحقيق التكافل التام في مجتمعاتنا، ولا عذر لنا على الإطلاق في ضوء ما من الله به علينا من نعم أن يوجد فقير واحد في أوساطنا.
إن العالم يشهد مرحلة تدافع بين الهويات والثقافات، وغني عن القول: إن الدين واللغة ومنظومة القيم والعادات أهم مكونات كل هوية، وإن من أوجب واجباتنا المحافظة على هذه المكونات وصيانتها وتعميق جذورها في مجتمعاتنا.
إن ديننا دين القيم والمبادئ ومكارم الأخلاق، وإن ما نشهده من تراجع في منظومة القيم، وما نلمسه من تحول غير مقبول إلى غلبة الماديات والتأثر بالمفاهيم والعادات الدخيلة على مجتمعاتنا وبخاصة في أوساط الشباب، مؤشرات خطيرة تستدعي منا جميعاً أن نهب بعزم لا هوادة فيه لتدارك هذه التحولات قبل فوات الأوان. وإن من واجبنا أن نتذكر دائماً أن أمتنا أمة الإيمان ومكارم الأخلاق والصدق والأمانة والشهامة والنبل والكرم والوفاء بالعهود والعقود، وأمة العفة والحياء والاحتشام والتراحم والتكافل وصلة الأرحام والعناية بالجار والرأفة باليتيم والعطف على الضعيف وتوقير الكبير، ولا يليق أن تتوارى أو تضعف هذه القيم النبيلة ومثيلاتها في حياتنا الاجتماعية في أي ظرف وبأي ذريعة على الإطلاق.
إن من أعظم ما يهدد مستقبل البشرية بوجه عام ومستقبل منطقتنا بوجه خاص خطرَ شُحّ المياه ونقص موارد الغذاء، وقد آن الأوان لأن نولي هذين الخطرين اهتمامنا اللائق بهما والاستعداد لهما بكل ما أوتينا من قوة، وليس لنا عذر في ألا نكون رواد تطوير تكنولوجيا تحلية المياه المالحة ومنتجي أجهزتها ومعداتها، ولا في ألا نكون الرواد في تطوير تقنيات الزراعة وأجهزتها ونظمها، كما إنه ليس لنا عذر في ألا نكون مكتفين ذاتياً أو شبه مكتفين في مجالات الغذاء والدواء والماء، ولا في ألا نؤمّن احتياجاتنا واحتياجات أجيالنا المقبلة في هذه المجالات ، وقد آن الأوان لأن نوحد جهودنا جميعاً وأن نضع خططاً شاملة ومتكاملة وعاجلة لتحقيق هذه الأهداف.
إن مجتمعاتنا مجتمعات متعددة المذاهب والمدارس الفقهية، ففيها حنابلة ومالكية وشوافع وأحناف وإباضية وجعفرية وزيدية وإسماعيلية، كما إن في مجتمعاتنا سلفيين ومتصوفة وليبراليين وقوميين وغيرهم، وإن من أخطر ما يهدد مستقبلنا وسلمنا الاجتماعي ما تعانيه بعض المجتمعات المجاورة لنا من فتن طائفية ومذهبية وفئوية وتحزبات مقيتة، وإن من أوجب واجباتنا أن نحصّن أنفسنا ضد هذه الفتن وما يتطاير منها من شررٍ، وذلك بتوسيع مساحات الاعتدال والتسامح والتعايش السلمي في أوساطنا، وغرس مفاهيم المواطنة وحقوقها ومسؤولياتها في أنفسنا ومناهجنا ونظمنا، والعمل بصدق وإخلاص على تقليل وتصغير مساحات الاختلاف بين بعضنا بعضاً وتوسيع وتعميق دوائر التلاقي والائتلاف، وما أحوجنا إلى حوارات جادة ومعمّقة للتقريب بين المدارس والمذاهب الفقهية والتوجهات الفكرية المختلفة ونزع فتائل التنافر والتناحر، ولنتذكر دائماً أن ديننا واحد وأن خليجنا واحد وأن قدرنا مشترك، وأن الأخطار والتحديات المحيطة بنا لا تستثني منا أحداً.
إن من المعلوم أن اختلاف الآراء وتعدد الاجتهادات سنة ضاربة في الوجود، وإن من المحال أن تتوحد الرؤى وأن تتطابق التصورات بين الناس.
إن من أوجب الواجبات الاعترافَ بحق الاستقلال بالرأي واحترامَ المخالف ومحاورته بالحسنى، وما أولانا بأن ننشر فقه الاختلاف في مجتمعاتنا ونلتزم بآدابه وقيمه، وما أولانا بأن نطهر مجتمعاتنا من كل تحزّب وتصنيف، وأن ندرك بأن مساحات التلاقي والاتفاق بيننا أكبر وأوسع بكثير من مساحات الاختلاف، وما أولانا بأن نجعل تعدد اجتهاداتنا واختلاف آرائنا مصدر إثراء وعامل بناء في حياتنا، لا باعثَ فرقةٍ وتناحرٍ ومعولَ هدمٍ وتدمير.
إننا لن نتمكن في المستقبل القريب من منافسة الدول والمجتمعات المتقدمة التي سبقتنا في مجال التكنولوجيا والصناعات المتطورة، ولكننا نملك أن نقود العالم بقيمنا الروحية والأخلاقية، وما أحوج البشرية كلها إلى إيماننا وقيمنا وأخلاقنا الإسلامية في هذه المرحلة من التاريخ. التي ضربت المادية فيها أطنابها في حياة كثير من المجتمعات، وغابت القيم والأخلاق الحميدة عن كثير من المعاملات، وانطفأت أنوار الإيمان ومشاعل الروحانيات في قلوب كثير من الناس وللأسف الشديد. وغني عن القول: إننا لن نقود العالم في هذا المجال إلا إذا كنا القدوة للناس بالفعل قبل القول وبالتطبيق قبل التنظير، ولذلك فإن من أوجب واجباتنا المبادرة بإحياء قيم الإسلام وآدابه وتأصيلها في مجتمعاتنا وتربية الأجيال عليها لنكون كما أراد لنا الله عز وجل خير أمّة أخرجت للناس نأمر بالمعروف وننهى عن المنكر والشهداء على الناس أجمعين.
أخيراً إن زمن الترف والاسترخاء والتواكل قد ولّى، وقد آن الأوان لأن نتحول من مجتمعات مستهلكة إلى مجتمعات منتجة في أقرب وقتٍ ممكن، ولن يتحقق ذلك إلا بنشر ثقافة العمل والإنتاج وتأصيلها في مجتمعاتنا وبخاصة لدى الشباب والنشء الجديد، وبتقديم الحوافز والدعم للشباب للانخراط في سوق العمل. ولنتذكر دائماً أن الاعتماد على العمالة الأجنبية بشكل شبه كامل إلى جانب ما يتضمنه من مخاطر اجتماعية وثقافية وسياسية أمر غير مقبول على الإطلاق ويستنزف ثروات مجتمعاتنا ولابد من وضع السياسات والبرامج الكفيلة بتصحيحه في أقرب وقت ممكن.
أسأل الله العلي القدير أن يوحد كلمتنا على الحق، ويجمعنا على ما يحب ويرضى، وأن يجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه إنه سميع مجيب، “وَٱعۡتَصِمُوا۟ بِحَبۡلِ ٱللَّهِ جَمِیعࣰا وَلَا تَفَرَّقُوا۟ۚ وَٱذۡكُرُوا۟ نِعۡمَتَ ٱللَّهِ عَلَیۡكُمۡ إِذۡ كُنتُمۡ أَعۡدَاۤءࣰ فَأَلَّفَ بَیۡنَ قُلُوبِكُمۡ فَأَصۡبَحۡتُم بِنِعۡمَتِهِۦۤ إِخۡوَ ٰنࣰا وَكُنتُمۡ عَلَىٰ شَفَا حُفۡرَةࣲ مِّنَ ٱلنَّارِ فَأَنقَذَكُم مِّنۡهَاۗ كَذَ ٰلِكَ یُبَیِّنُ ٱللَّهُ لَكُمۡ ءَایَـٰتِهِۦ لَعَلَّكُمۡ تَهۡتَدُونَ”.
ـــــــــــــــــــــ
(*)الدكتور أحمد بن عثمان التويجري أكاديمي سعودي وعضو سابق في مجلس الشورى في المملكة العربية السعودية يعمل أستاذاً زائراً في جامعة محمد الخامس في المملكة المغربية ورئيساً لمنظمة العدالة الدولية ومنتدى السلام العالمي وكلاهما منظمتان مستقلتان لا تهدفان إلى الربح مقرهما في فرنسا.