مقالات وبحوث

الكويت وقطر والسعودية وبعدها كل بلاد المسلمين

بقلم: أحمد يعقوب باقر

قد يكون أكثر موضوع كتبت عنه في هذه الزاوية هو موضوع حقوق الإنسان، والسبب هو ذلك الانحراف الكبير في استغلال هذا الموضوع من بعض الدول الغربية لصرف المسلمين عن دينهم وأحكام شريعتهم. حقوق الإنسان وفقاً للنظرية الغربية فكر واجتهاد بشري، وهو معرض للخطأ والضلال، وتم تبنيه بسبب عوامل كثيرة منها الأخذ بالعلمانية كأساس للحكم نتيجة لانحراف الكنيسة، وكذلك الحروب الوحشية التي راح ضحيتها ملايين البشر بالإضافة إلى الرغبة في إطلاق الشهوات الفردية دون قيود أو شروط وتصديرها إلى الشعوب الأخرى لتكون جزءاً من ثقافتهم، وبالتالي تتخلى الشعوب عن قيمها وتصبح تابعة للحضارة الغربية والشهوات. ورغم العنوان البراق (حقوق الإنسان) فإنه شهد انحرافات كثيرة اليوم فانصرفت معظم مؤسسات حقوق الإنسان إلى الدفاع عن الشواذ الذين يمارسون فعل قوم لوط وحمايتهم في إعلان شذوذهم وفعلهم الخبيث والأمراض الناجمة عنه، وانصرفت هذه الجهات أيضاً إلى اعتبار الزنى من حقوق وحريات الإنسان، وركزت جماعات أخرى على الحريات المطلقة وحرية الجهر بالرأي دون اعتبار للمجتمع وقيمه وصحته مهما اعتدى صاحبها على المقدسات أو كرامات الناس وأعراضهم، وذهبت بعض الجماعات إلى حق الاعتراض على الشرع مثل أحكام الميراث والزواج والطلاق وحق القاتل في الحياة مهما قتل وفسد في الأرض.

وقد أحسنت دولنا الإسلامية بالاعتراض على بنود هذه الاتفاقيات الدولية التي تعارض ديننا ومقومات مجتمعنا ودساتيرنا، فعندما كنت وزيراً للعدل شكلت لجنة من عدة جهات حكومية تتولى الرد على تقرير الخارجية الأميركية الذي يقدم للكونغرس، وكان في معظمه تدخلات في شؤوننا الوطنية مثل الهجوم على قانون الميراث وحقوق الرجال والنساء في الزواج والطلاق وحق القصاص العادل، ويوم أمس أكد وزير الخارجية مشكوراً على عدم السماح بالتدخل في شؤوننا الداخلية من أي دولة، وذلك بمناسبة تنفيذ القصاص على سبعة من المدانين، كما أجاد د. يوسف الصقر رئيس جمعية المقومات الأساسية لحقوق الإنسان الرد على هجوم بعض الجهات على حق القصاص في القتلى.

وكذلك تعرضت الشقيقة قطر لهجمة عنيفة بسبب موقفها من شذوذ بقايا قوم لوط وإصرار بعض المنظمات على الدعاية لهم ولشعاراتهم في كأس العالم، لكنها صمدت في هذا الموضوع، وقبل ذلك كان موقف الشقيقة السعودية حازماً من اتفاقية السيداو سيئة الذكر التي تهدف إلى نشر الفاحشة والشهوات والأهواء المريضة دون قيود. وكذلك بالنسبة الى حرية الرأي والتعبير فقد كتبت في مقال مفصل إنها ليست مطلقة إنما عليها قيود حسب الدستور وأحكام المحكمة الدستورية (2014/8) و(20،21،22 لسنة 2013) حيث أكدت هذه الأحكام أن الحرية المطلقة تؤدي إلى الفوضى والفتنة واضطراب الأمن، وأنها تخضع لممارسة المشرع لسلطته في تنظيمها.

كما أكدت المواثيق الدولية ذلك في إعلاناتها متى كانت هذه القيود موضوعة من الشعوب حفظاً للآداب والنظام العام، أما موقف الاتحاد الأوروبي الذي أجل التصويت على الشنغن بسبب تطبيق القصاص في الكويت، فهو دليل إضافي على النزعة الاستعمارية غير الأخلاقية التي تمارسها تلك الدول لأن حرية التنقل والسفر تخضع لمصالح متبادلة بين الدول مثل السياحة والاستثمار، ولا دخل لها في حق الإعدام، وهو قانون من ضمن القوانين الداخلية لكل بلد، خصوصاً أن أكبر حلفاء أوروبا ما زالت تطبق عقوبة الإعدام. الخلاصة أن الأمر لن يتوقف عند الكويت أو السعودية أو قطر، فكل الأحكام الشرعية في جميع الدول الإسلامية والوطنية ليست بمنأى عن تدخلات الدول الاستعمارية بعد أن تغير نهج هذه الدول من القتل والنهب المباشر للشعوب المستضعفة وتغيير أنظمتها إلى إخضاعها للتبعية بأساليب جديدة منها حقوق مشوهة أسموها حقوق الإنسان.

 

إغلاق