مقالات وبحوث
رسالة إلى «أمير المستقبل».. اليوم كلنا قطر
بقلم: د.يوسف العميري
قبل أكثر من عقد من الزمان، عندما أعلن إسناد تنظيم البطولة الأكبر عالميا في كرة القدم، وهي كأس العالم، إلى قطر، سخر البعض من قدرة الدولة العربية «الصغيرة حجما» على تنظيم هذا الحدث الذي يتابعه بشغف المليارات حول العالم.
حينها لم يضيع القطريون وقتهم في الجدال والرد والكلام، فيما كان لسان حالهم يقول «طمر عشرين باع، في الشام قاع وهنى قاع».. وبلغة أهل «الفوتبول» الكرة في الملعب، والشاطر من يحرز الهدف.
وقبل أيام، وقف الأمير الشاب مبتسما كعادته، وهو يلقي كلمة انطلاق البطولة الأغلى في تاريخ الساحرة المستديرة، وتبع ذلك حفل افتتاح مبهر، اثبت بما لا يدع مجالا للشك أن قطر «كبيرة» بعزيمة أميرها وشعبها وحكومتها.. كبيرة بإرادتها وتصميمها وحسن إدارتها لمواردها.. كبيرة بكل ما تحمل الكلمة من معنى.
هذا النجاح الذي حققته قطر – ولا يزال مستمرا – هو نجاح لكل العرب، الذي باتوا ينظرون بكل فخر نحو هذه التحفة الأيقونية، التي صنعتها الدوحة فأبهرت بها العالم كله.
إن ما رأته عيني لهو نتاج لملحمة عظيمة لم تبدأ اليوم، فهذا الأمير الشاب المبتسم المتواضع الكريم، تجده دوما متواجدا في كل مناسبة كروية عربية يدعم ويشجع ويشد من أزر اللاعبين العرب في كل مكان.
وها أنا أقولها بكل ثقة، إذ كان لدينا أمير راحل حمل لقب «أمير الإنسانية»، فإن الأمير تميم بن حمد آل ثانيفيستحق لقب تميم المجد وأمير «المستقبل».. مستقبل العرب بما تحمله كلمة مستقبل من معاني التقدم والتكنولوجيا والرخاء.. وأقول له: لقد دخلت قلوب كل العرب والمسلمين من أوسع أبوابه.
فمن خلال هذا الحدث العالمي، استطاعت قطر أن تقدم لنا نموذجا مشرفا ومبهرا، أظهرت من خلاله ثقافتنا الأصيلة وقيمنا الرفيعة كعرب ومسلمين.
قطر التي لم تخش لومة لائم وهي تضع حدا فاصلا بين المفروض والمرفوض، وانتصرت للفطرة الإنسانية القويمة، ونبذت ما هو شاذ وغير سوي، قدمت كذلك مثالا للإسلام الحقيقي، الذي يقبل الآخر ويحترمه طالما كان ذلك في الإطار الذي لا يخالف الطبيعة البشرية التي خلقنا عليها، وطالما كان ذلك لا يؤذي ولا يضر.
أما شعب قطر الشقيق، فقد دلل مرة أخرى – وهو الأمر المعتاد – أنه شعب كريم مضياف قادر على احتضان مختلف الثقافات والأديان والألوان، فالجميع على أرض قطر سواء وأهل بيت.
حقيقة أنا كعربي أفتخر بما قدمته قطر، واستلهم من أميرها وحكومتها وشعبها الكثير من معاني الجمال والقوة والعزة والإرادة، فما فعله القطريون في نحو عشر سنوات، قد تعجز عنه دول عدة مجتمعه في عقود وعقود، ولا يمكن تفسير ذلك إلا في ضوء أن النوايا الصادقة والرغبة الحقيقة في العمل الجاد لابد وأن توافق النجاح.. بل النجاح المبهر، الذي يجعل العالم كله يقف احتراما وتقديرا.
تحية إعزاز وتقدير لأمير قطر تميم المجد، الذي أشعل في قلوبنا الحماس والفخر، وألهمنا الكثير والكثير، بابتسامته الهادئة، التي تعكس ثقة لا حدود لها.
وصحيح أن المناسبة (المونديال) عالمية، لكنها بنكهة عربية – إسلامية، ذات طابع غير مسبوق، وأعتقد أن هذه النسخة الاستثنائية ستظل حديث العالم لأجيال مقبلة.
وأخيرا، أقولها بكل حب.. لست وحدك يا قطر.. فكلنا اليوم قطر.