أخبار

سُراق الأمس وسراق اليوم

بقلم: موفق الخطاب

كان مفهوم السرقة أيام زمان معلوم ولا يحتاج لكثير من التفصيل والتبيان ومجالها محصور بنشاطات ضيقة ويمتهنها العاطلون وبعض المدمنون، ولا يتعدى نطاقها عن سرقة بيت أو محل او نشال محفظة في سوق وحافلة مزدحمة ..

أما سراق اليوم فقد تشكلت منهم طبقات متماسكة كطبقات الأرض يرص بعضها بعضا ولا يشبع نهمهم الاف او ملايين من الدولارات بل تعدى ذلك ليصل الى المليارات كما حصل مع وقوع سرقة القرن بسحب تأمينات الضرائب في العراق ولما يقرب من ثلاث مليار دولار !

وقد أسست لهذا التوجه الانظمة الفاسدة ، فأفسدوا المجتمع ومزقوه وجعلوا من مهنة السرقة أفضل مهنة إستحلها الكثير من الساسة ويبررون لها وهي مهنة لا تحتاج لكثير من المهارات ولا الى شهادة رصينة ولا لخبرة ممتدة لسنوات .

وبسبب الفساد المستشري في قمة هرم الدولة تدرجت حتى جذر القاعدة وأصبحت عرفا وشطارة ولا تكاد تخلو أي مؤسسة حكومية ولا قطاع خاص وحتى بائع الخضرة الا ويمارسها،

فمهنة السرقه لم تعد في نظرهم عيبا يتحرجوا منها كونها إثم و حرام وهم يمارسونها في جميع المجالات ..

فتعالوا بنا سادتي نستعرض الجانب المنظور منها وما خفي كان أعظم:

ولنبدأ باعلى درجات السلطة عندما يخون المسؤول الأول الأمانة ويرهن قرار بلده وخيراته بيد الدول الكبرى والشركات من أجل بقائه ونظامه اطول فترة في الحكم ، ثم البرلماني الذي يسرق أصوات الناس ويضحك عليهم ولا يحقق لهم أي شيئ بل يزيد من معاناتهم بتشريع المزيد من القوانين المكبلة له والضرائب والرسوم، وكذلك الوزير ومن بدرجته وطبقة المستشارين ثم ما ان يتبوءوا مقاعدهم حتى تتفتح شهيتهم على النهب والعمولات ، وذلك القاضي الذي يتهم البريئ ويبرئ المتهم، و رئيس الكتلة والجمعية الذي يرشح الفاشل ليتمتع من خلفه بالميزات، والجامعات التي تؤهل الفاشل وتمنحه الشهادة ولا تبالي بتصرفها الذي ينهي العلم ويطيح بمكانة الشهادات ،

والمهندس الذي يقبل بالعمل الرديئ ويتغاضى عنه لإجل العمولات، والمحقق الذي يزوِّر في الافادة او ينتزع من المظلوم الإعترافات، وضابط الكمارك الذي يتعاون و يسمح بدخول المغشوش من البضاعة والمخدرات ،وكذلك أغلب موظفي الدوائر الرقابية و الوزارت ، وجشع اصحاب المشافي الخاصة والطبيب الذي يدخلك في دوامة من الاشعة والفحوصات الكاذبة ومتفق معهم بالباطن بصرف وصفة الدواء مع الصيدليات،

و المحامي الذي يدافع عن قضية خاسره من أجل ان يبتزك او يدخلك في متاهات ..

و التاجر الذي يبيعك بضاعة مغشوشه ويحتكر الاغذية ويتلاعب بالأسعار عند الأزمات، و الكاتب الذي يدافع عن الخونة والطغاة ويروج لهم في الصحف و الفضائيات…

ولو تفرغت لأعددت لكم دهاليز من هذه الآفة الحقيرة التي انتشرت في مجتمعاتنا كما ينتشر النار في الهشيم وبدعم وإسناد من اعلى هرم في السلطة وضعف في القضاء ومداهنة من بعض الدعاة والعلماء ، فلما كفتنا مقالات ولا مجلدات..

ولنا في العراق ودولا أخرى مثلا سيئا وبلا احتراز ولا تحفظات..

إغلاق