سياسة
رسالة قاسم سليماني انطلاقة لعهد جديد بين إيران وحماس
طهران – وجه قاسم سليماني قائد فيلق القدس الذراع الخارجية للحرس الثوري الإيراني رسالة تهنئة إلى إسماعيل هنية لانتخابه رئيسا للمكتب السياسي لحركة حماس، في خطوة لافتة تعكس عودة العلاقات الحمساوية الإيرانية إلى عهدها السابق بعد فتور شابها بسبب مواقف الحركة الإسلامية، خلال السنوات الست الماضية.
وقال قاسم سليماني في رسالته التي نشرت قناة “الميادين” اللبنانية المقربة من حزب الله وإيران نسخة منها “نتطلع إلى جهودكم لتجذير المقاومة امتدادا للخط الجهادي لحركة حماس”.
ولفت سليماني إلى أن ما أسماه بـ”الاستكبار العالمي وأداته الصهيونية يسعيان إلى حرف جهاد الأمة عن بوصلته الإسلامية وخطف القدس في لحظة عصيبة غاب عنها الصديق الذي ضعفت إرادته”، زاعما أن على الجميع أن يتفرغ لخدمة فلسطين و”ألا نسمح بأن تغدو قضيتها ضحية لمصالح الآخرين وتجاذباتهم”.
ومعلوم أن إيران تتخذ من القضية الفلسطينية مطية للتغلغل في الدول العربية وكسب الرأي العام العربي ولفرض نفسها كمحور فاعل فيها، بيد أن مخططاتها باتت مكشوفة، ويقول محللون إن ما تسوق له طهران لم يعد ينطلي على السواد الأعظم من سكان المنطقة.
وأعرب قائد فيلق القدس في رسالته عن “تطلعه إلى تعزيز التكامل مع رفاق حماس حلفاء المحور المقاوم لإعادة الألق للقضية الفلسطينية”، مضيفا “نرجو أن يجري على أيديكم كل خير لمصلحة الشعب المجاهد”.
وكان مجلس شورى حركة حماس قد انتخب في 6 مايو الجاري إسماعيل هنية رئيسا للمكتب السياسي خلفا لخالد مشعل، الذي شغل هذا المنصب منذ العام 1996، واتسمت علاقته بطهران بحالة مد وجزر، وقد شارفت على القطيعة مع اندلاع الأزمة السورية حينما قرر مشعل الذي غادر دمشق إلى الدوحة تبني موقف الأخيرة.
وجاء انتخاب هنية بعد أيام من صدور وثيقة لحماس تعلن فيها قبولها قيام دولة فلسطينية على أراضي العام 1967. وقد هاجم مسؤولون إيرانيون ووسائل إعلام إيرانية قريبة من الحرس الثوري الخطوة الحمساوية التي اعتبروها انحرافا عن النهج “الجهادي” للحركة مع توقعات بانشقاقها.
وقال قاسم سليماني في رسالة التهنئة التي حرص على نشرها “نتطلع إلى إدارة حكيمة تعد ‘كما عهدناكم’ بمستقبل أفضل تعالج فيه بحنكة الأزمات الداخلية”.
ويرى مراقبون أن قيام قائد فيلق القدس بالذات بإرسال رسالة تهنئة لهنية بعد فترة من إعلان فوزه برئاسة المكتب السياسي لحماس، تحمل بين طياتها معاني عديدة.
ومعلوم أن قاسم سليماني، الرجل المثير للجدل، والذي تصنفه الولايات المتحدة وعدة دول ضمن القائمة السوداء، قد اتخذ موقفا متصلبا حيال حماس منذ انقلابها على النظام السوري لصالح قطر وتركيا في العام 2011.
وكان سليماني حجر عثرة أمام مساعي حماس لإعادة ترطيب الأجواء مع طهران خلال السنتين الأخيرتين، ليعود ويهنئ بنفسه اليوم هنية على المنصب الجديد، ما ينبئ بأن حدثا جللا حصل ليعيد هذا الرجل الذي يحتل مكانة كبيرة لدى المرشد الإيراني علي خامنئي، حساباته تجاه الحركة الفلسطينية.
ويربط البعض هذا التطور اللافت بالتقارب الملموس المسجل مؤخرا بين قطر وإيران والذي ترجمه عقد الجانبين لجملة من الاتفاقات في سوريا بين تنظيم جبهة فتح الشام (النصرة سابقا قبل فك ارتباطها التنظيمي بالقاعدة) وحزب الله اللبناني الذي يعد إحدى ركائز المشروع الإيراني التوسعي في المنطقة.
وآخر الصفقات المثيرة للجدل تلك التي تعرف بصفقة البلدات الأربع (كفريا والفوعة الشيعيتين في إدلب، مقابل الزبداني ومضايا في ريف دمشق)، وقد أسالت هذه الصفقة الكثير من الحبر وسط اتهامات المعارضة السورية لقطر بالانخراط في مشروع التغيير الديمغرافي في سوريا.
وتجرى اليوم مفاوضات برعاية الجانبين في منطقة القلمون السورية الحدودية مع لبنان بين حزب الله وفتح الشام، وسط أنباء عن اتفاق قريب لخروج الأخيرة من المنطقة.
ويقول متابعون إن التعاون والتنسيق القطري الإيراني بالتأكيد عنصر مؤثر على العلاقة بين حماس وطهران.
ويضيف هؤلاء أن هذا بالتأكيد يجعل الدوحة في مواجهة مع المجتمع الدولي، لجهة العلاقة مع حماس المصنفة هي الأخرى تنظيما إرهابيا لدى العديد من الدول وأيضا مع إيران التي ورغم الاتفاق النووي لا يزال هناك توجس كبير من سياساتها في المنطقة.