سياسة
العراق يفتح مراكز محو الأمية لتأهيل موظفين في الوزارات
بغداد – تغطي الأخبار اليومية للحرب في العراق، على الكثير من المشاكل الكبيرة التي يواجهها المجتمع المحلي، بدءا من انتشار الأمية، مرورا باليأس الذي يخنق الجيل الشاب ويدفعه إلى الالتحاق بالجماعات المتطرفة والميليشيات وعصابات الجريمة المنظمة، ووصولا إلى تفشي المخدرات.
ولا تلقى الملفات الاجتماعية في العراق الكثير من الاهتمام، فوسائل الإعلام مشغولة بتغطية تطورات الحرب على تنظيم داعش، والجدل اليومي في ما يتعلق بفوضى سلاح الميليشيات، فيما يعتكف الساسة في الكواليس لتنظيم اتفاق محاصصة الدولة، وتعيين وعزل المسؤولين التنفيذيين، وفقا لنظام معقد يضمن للأحزاب استمرار مصادر تمويلها.
وعلى سبيل المثال، مر بيان أصدرته وزارة التربية في العراق، عن محو الأمية بين موظفي وزارة التجارة، مرور الكرام على الأوساط السياسية والإعلامية، بالرغم من أنه يفضح سياسة الدولة في تعيين الأميين، لمجرد أنهم أقارب لمسؤولين وساسة متنفذين.
وافتخر مكتب وزير التربية، في بيان عممه على وسائل الإعلام، بافتتاح “ثلاثة مراكز لمحو الأمية لموظفي وزارة التجارة” ضمن رقعة جغرافية صغيرة تابعة لمديرية تربية الرصافة، مشيرا إلى أن “افتتاح المراكز جاء بالتعاون مع وزارة التجارة والموظفين العاملين في الدوائر التابعة لها ضمن قاطع الرصافة الثالثة”، فيما ذكر أن “المراكز تستوعب 90 دارسا بواقع 30 لكل مركز”.
ويتساءل مراقبون، “إذا كان محو الأمية بحاجة إلى 3 مراكز في منطقة صغيرة ضمن بغداد العاصمة، ولموظفي وزارة واحدة فقط، فكم سيحتاج في باقي الوزارات، والمحافظات الأخرى”.
ولم يفت مكتب وزير التربية التذكير بأن “قسم محو الأمية في الرصافة الثالثة افتتح خلال الأشهر الماضية مراكز مشابهة لموظفي وزارة الصحة في مستشفى فاطمة الزهراء في منطقة الحبيبية”، في إشارة واضحة إلى شيوع الأمية بين موظفي الدولة.
وتشيع في دوائر الدولة بالعراق ظاهرة تعيين أقارب المسؤولين، أو الأشخاص الذين يمكنهم دفع رشى كبيرة للمسؤولين المتنفذين للحصول على عمل حكومي.
وعادة ما تضرب المؤهلات عرض الحائط، إذا تمكن شخص ما، بغض النظر عن تخصصه أو خبرته أو شهادته، من توفير ما يصل إلى 12 ألف دولار، يدفعها لمسؤول في أي وزارة، كي يحصل على وظيفة حكومية.
وفي دولة ريعية، أحادية الاقتصاد مثل العراق، يهيمن التوظيف الحكومي على ما يزيد على 90 بالمئة من سوق العمل.
ومع أن تعداد السكان العراقيين يدور في فلك 35 مليون نسمة، فإن هناك نحو 9 ملايين شخص يتقاضون رواتب حكومية منتظمة، يتوزعون بين شرائح الموظفين المدنيين والعسكريين والمتقاعدين، وشبكات الرعاية الاجتماعية.
ومع ذلك، حجزت البطالة، نسبة 30 بالمئة من قوة العمل المتاحة في البلاد خلال العام الماضي، وهو ما يسهم في انتشار ظواهر سلبية عديدة، أخطرها المخدرات، وعصابات الجريمة المنظمة.
وازدادت في بغداد، معدلات جرائم الخطف بهدف الحصول على فدية، ما أجبر وزارة الداخلية على تشكيل خلية خاصة، الشهر الجاري، لكشف ملابساتها. وقال متحدث باسم الوزارة إن “وزير الداخلية قاسم الأعرجي أمر بتزويد هذه الخلية بكافة الإمكانيات المادية والبشرية والتقنيات الحديثة التي ستسهم في تعقب هذه العصابات”.
ويقول عضو لجنة الأمن والدفاع في مجلس النواب، ماجد الغراوي، إن “ارتفاع حالات الخطف في بغداد يرجع لزيادة نسبة البطالة وانتشار الجريمة مقابل عدم تفعيل القوانين الأمنية”، مشيرا إلى أن العجلات التي يستخدمها الخاطفون “قد تكون تابعة لأحزاب متنفذة وفصائل مسلحة تقوم باستغلال هوياتها خلال الدوريات”.
وألقت الأجهزة الأمنية في البصرة، الاثنين القبض على عصابة، تستخدم مجموعة كبيرة من طيور الحمام الزاجل، لنقل الحبوب المخدرة من مناطق حدودية في إيران إلى داخل المحافظة العراقية الغنية بالنفط.
ومع الأهمية البالغة التي تشكلها ملفات محو الأمية والاختطاف والمخدرات، فإنها لا تحافظ على مواقعها طويلا في واجهة الأحداث العراقية، إذ سرعان ما تزيحها أنباء خرق أمني هنا، أو عملية عسكرية هناك.