سياسة
رؤية جديدة لشكل الأحلاف بالرياض
عمان – يقول عسكريون وسياسيون ودبلوماسيون وصحفيون في الأردن إن القمم الثلاث التي عقدها الرئيس الأميركي دونالد ترامب رفضت سياسات النظام الإيراني وأعلنت أنها لن تقبله أو تشركه كعضو فعال في المجتمع الدولي والإقليمي، ما لم يتخل عن سياسته العدوانية وتهديده لشعوب المنطقة وتدخله بالشأن الداخلي ودعمه للإرهاب.
ويضيفون في تصريحات لـ”العرب” أن إحدى النتائج المنتظرة عن تلك القمم هي نظرية الشراكة والإسلام المعتدل التي ستكون في جوهرها، منطلقا لحلول وإنجازات يفترض أن تكون جديدة على ملامح السياسات الاستراتيجية الأميركية.
يعتبر معاون رئيس أركان الجيش العراقي الأسبق صباح العجيلي أن ردود أفعال النظام الإيراني وحلفائه من أحزاب وميليشيات على وقائع تلك القمم اتسمت بالتشنج والتحريض وتوجيه الاتهامات الواهية من جهة، والقلق والتخوّف من سياسة الاحتواء والمواجهة الحاسمة للسياسة الإيرانية التوسعية والعدوانية من جهة أخرى.
صباح العجيلي: يجب تحويل الاتفاقات والتفاهمات إلى إجراءات تنفيذية
ويقول العجيلي، الذي صدر له مؤخرا كتاب بعنوان “الميليشيات الإيرانية عابرة الحدود.. التهديدات والمخاطر”، ويعكف على إصدار كتاب جديد عن الاستراتيجية الإيرانية، إن أهم ما رشح عن القمم الثلاث التوافق والتحالف العربي والإسلامي مع الإدارة الأميركية الجديدة على نبذ الإرهاب الذي يضرب المنطقة ومواجهته مهما كان مصدره ونوعه وتجفيف مصادر تمويله.
وستضع قمم ترامب في الرياض، في رأي العجيلي، حدا لنشاطات وتدخلات الميليشيات الإيرانية عابرة الحدود (العراقية والأفغانية والباكستانية والحوثية)، وحظرها لكونها تشكل تهديدا خطرا للأمن القومي العربي.
وفي الوقت نفسه، ستعمل على تصنيف أدوات النظام الإيراني المسلحة: الحرس الثوري الإيراني وحزب الله اللبناني، كمنظمات إرهابية.
وعلى صعيد الأحزاب العراقية الحاكمة الموالية لإيران وميليشياتها الطائفية فإن الرسالة الموجهة إليها واضحة ولا تقبل الشك أن تكف عن تبعيتها للنظام الإيراني، وتتوقف عن تنفيذ مخططاته التوسعية، وتمنع تحويل الأراضي العراقية إلى منطلق للعدوان على دول الجوار الإقليمي.
ويدعو معاون رئيس أركان الجيش العراقي الأسبق، الذي خاض حربا مع إيران في ثمانينات القرن الماضي، الدول العربية والإسلامية إلى اتخاذ مواقف أكثر حسما بالتعامل مع النظام الإيراني والتصدي لمشروعه التوسعي، موصيا بضرورة تحويل الاتفاقات والتفاهمات، خلال المرحلة الراهنة، إلى استراتيجية عمل واضحة وإجراءات تنفيذية.
هذا التفاؤل بقمم ترامب تجد صداه لدى القيادي البعثي السابق محمد دبدب، الذي يؤكد أن النظام الإيراني لا يصلح أن يكون شريكا للمجتمع الدولي، ولأنه أصبح من مخلفات الماضي ومنتهي الصلاحية في عصرنا.
جهاد المحيسن: ما حدث في قمة الرياض كان إعادة بناء تحالفات خمسينات القرن الماضي
ولذلك فهو سيتحمل خيبات مشروعه العدواني على الأمتين العربية والإسلامية، معربا عن أمله في أن المنطقة مقبلة على إحدى أهم مراحل التنمية الاجتماعية والاقتصادية، التي قد يكون العراق أحد أهم ساحاتها.
ويتوقع سفير العراق الأسبق في الأردن صباح ياسين أن تكون الفترة امتحانا صعبا وعسيرا للإرادات السياسية التي التقت في الرياض، وفي مقدمتها اختبارات ردع التمدد الإيراني وإيقافه، ويأتي بعده اختبار إطفاء الحرائق في اليمن وسوريا وليبيا، وثالث الاختبارات إنهاء حالة الركود الاقتصادي، الذي يغطي سماء المنطقة بعد انخفاض أسعار النفط.
لكن هناك وجهات نظر أخرى تقترب قليلا أو تبتعد عما تم طرحه، فالباحث في الشؤون السياسية الأردني محمود الضمور يرى أن التصدي لإيران كان العلامة الأبرز في كل ما صدر من قرارات وتصريحات وما اتخذ من قرارات وإجراءات في قمم ترامب، الهادفة إلى تأجيج الصراع السني الشيعي بين طهران والمراكز السنية في القاهرة والرياض وأنقرة، مشددا على أن قمم الرياض أكدت زعامة السعودية وقيادتها للعالم الإسلامي بوجهه السني وقزّمت أطماع الدولة التركية ومحاولاتها لإعادة نفوذها في المنطقة العربية.
أما الصحافي الأردني جهاد المحيسن فيطرح وجهة نظر مختلفة هي أن قمم الرياض شكلت منعطفا تاريخيا في شكل علاقة الولايات المتحدة مع العالم العربي والإسلامي، ودخول أيديولوجيا جديدة بديلة للأيديولوجيات القومية واليسارية (أيديولوجيا وسائل الاتصال الاجتماعي)، فما حدث في قمة الرياض، عمليا، كان إعادة بناء تحالفات منتصف خمسينات القرن الماضي “حلف بغداد”، بصفة تراعي التغيرات الجيو استراتيجية في المنطقة، مع تغيّر جوهري أن الجميع في عالم اليوم تابعوا على هواتفهم النقالة الحدث، فضلا عن السيل الهائل من الفضائيات، التي تبث أولا بأول، من مغادرة الطائرة الرئاسية الأميركية الولايات المتحدة وحتى هبوطها في مطار الرياض. ويوضح أن رؤية اليوم لشكل الأحلاف والقمم متغيّرة عن السابق.