مال واقتصاد
لندن تقترب من حسم اتهامات جنائية في صفقة باركليز القطرية
عمق اقتراب حسم فضيحة الاتهامات الجنائية الخطيرة في قضية إنقاذ مستثمرين قطريين لبنك باركليز خلال الأزمة المالية العالمية، من الضغوط التي تواجهها الدوحة على الجبهات السياسية والاستثمارية. ومن المتوقع أن يعيد التحقيق وضع استثمارات قطر تحت المجهر بعد أن واجهت الكثير من الفضائح والانتقادات وخاصة في بريطانيا وفرنسا.
لندن – أعلن مكتب مكافحة جرائم الاحتيال الخطيرة في بريطانيا أمس تأجيل حسم ما إذا كان سيوجه اتهامات جنائية إلى مسؤولين سابقين في بنك باركليز في فضيحة مرتبطة باستثمارات قطرية تعود إلى عام 2008 وأنه سيعلن قراراته النهائية في منتصف يونيو المقبل.
ويحقق المكتب منذ فترة طويلة في تهم بوجود عمليات احتيال خطيرة في صفقة ضخ استثمارات قطرية طارئة في رأسمـال البنك في عام 2008 لمنع لجوئه إلى صفقة إنقاذ حكومية.
وكان المكتب أجّل بالفعل قرار الاتهام منذ نهاية مارس إلى نهاية مايو الجاري في التحقيق الجنائي البريطاني الوحيد من الأزمة المالية العالمية والذي يواجه فيه مصرفيون كبار اتهامات جنائية محتملة.
ويصل التحقيق ذروته في وقت تتعرض فيه سياسات قطر لضغوط كبيرة من دول الخليج المجاورة ومن الولايات المتحدة بسبب سياساتها الداعمة لجهات مصنفة على أنها جماعات إرهابية.
ومن شأن التحقيق أن يعيد وضع استثمارات قطر الدولية تحت المجهر بعد أن واجهت الكثير من الفضائح والانتقادات وخاصة في بريطانيا وفرنسا.
وتدور القضية المعروضة أمام المحكمة العليـا في لنـدن حـول وجـود عمليـات “احتيال خطيرة” وتواطؤ بين بنك باركليز ورجال أعمال قطريين استخدموا قروضا كانوا قد حصلوا عليها أصلا من البنك ثم تقدّموا بها إلى البنك نفسه كجزء من خطة لإنقاذه من التعثر في ذروة الأزمة المالية العالمية عام 2008.
وتشير التحقيقات إلى أن البنك والمستثمرين القطريين لجأوا إلى سحب 3 مليارات دولار من البنك ثم أعيد ضخها مجددا. وبدت العملية وكأنها جزء من خطة لإنقاذ البنك بتوفير سيولة خارجية يفترض أنها جاءت من مصادر ثانية.
وأشارت وثائق صادرة عن مكتب مكافحة جرائم الاحتيال الخطيرة في لندن إلى أن المبالغ المسحوبة من بنك باركليز تعادل المبالغ التي عاد البنك للحصول عليها مرة أخرى من “المستثمرين” القطريين المفترضين.
وتقول الدعوى التي أقامتها شركة بي.سي.بي كابيتال بارتنرز الاستثمارية التابعة لأماندا ستافلي إن البنك تقاعس في الكشف عن القرض الذي استخدم لشراء أسهم باركليز. ويضيف نص الدعوى أن بيع السهم كان “عملية احتيال على المساهمين”.
ستافلي تطالب بتعويض قيمته مليار دولار بسبب “الاحتيال” ودفع باركليز رسوما للمستثمرين القطريين
وتزعم ستافلي أنها تلقت وعدا مكتوبا وشفهيا من بنك باركليز بأن مؤسستها ستحظى بنفس الشروط التي عومل بها المستثمرون القطريون المفترضون، بينما في الواقع تلقى القطريون 346 مليون جنيه إسترليني (459 مليون دولار) كرسوم ودفوعات إضافية.
ولعبت ستافلي، سيدة الأعمال البريطانية المعروفة بعلاقاتها الواسعة مع رجال أعمال خليجيين، دورا حاسما في خطة إنقاذ البنك التي تطلبت ضخ أكثر من 7 مليارات جنيه إسترليني لزيادة رأس المال من أجل تجنب شروط الحكومة القاسية في حال اللجوء إليها طلبا لخطة إنقاذ.
ولجأت ستافلي إلى المحكمة العليا في بريطانيا طلبا لتعويض يصل إلى 700 مليون جنيه إسترليني (مليار دولار) كأضرار لحقت بها نتيجة عملية “الاحتيال” التي تقول إنها تسببت في عدم تسديد البنك لنفس الرسوم التي حصل عليها القطريون.
وتتعلق تحقيقات المكتب حول اتفاقات تجارية بين باركليز ومستثمرين قطريين ضمن عملية لزيادة رأس المال بقيمة إجمالية تصل إلى 12 مليار جنيه إسترليني في ذروة الأزمة المالية، والتي سمحت للبنك بتجنب الحصول على إنقاذ مالي من الدولة.
ويواجه البنك بالفعل غرامة مقترحة بنحو 50 مليون جنيه إسترليني بسبب “إهماله” بعد أن قالت هيئة مراقبة السلوك المالي إنه لم يفصح عن جميع “اتفاقات الخدمات الاستشارية” لقطر على الرغم من أن التحقيقات جارية.
وواجهت الاستثمارات القطرية في بريطانيا الكثير من الفضائح وأثارت جدلا واسعا بشأن أهـدافهـا، كما واجت الكثير من العقبـات بسبـب المشـاريـع التـي يقــول البعـض إنهـا لا تـلائـم هـوية المـدن البريطـانية.
وبعد فترة فتور، صعدت الدوحة رهانها على الاستثمار في بريطانيا في مارس الماضي وأعلنت أنها تعتزم استثمار 5 مليارات جنيه إسترليني في بريطانيا خلال السنوات القليلة القادمة.
ويرى المحللون أن هذا الرهان محفوف بالمخاطر بسبب غموض مستقبل الاقتصاد البريطاني وهو يدخل اليوم مخاض الانفصال عن الاتحاد الأوروبي وسط تصاعد الانقسام داخل المجتمع البريطاني بشأن تفاصيل الانفصال.
وقطر من بين أكبر المستثمرين في لندن وتمتلك معالم بارزة مثل ناطحة السحاب شارد ومتجر هارودز والقرية الأولمبية وحصص في شركة متاجر التجزئة سينسبري ومطار هيثرو في لندن، إضافة إلى عدد من الفنادق الفخمة.