سياسةصحافة واعلام
رابط بين مواجهات طرابلس ومجزرة المنيا
القاهرة – قالت مصادر مصرية مطلعة إن السلطات وقفت على وجود خيط ناظم بين ما جرى في العاصمة الليبية طرابلس من مواجهات تستهدف إرباك سلطة فائز السراج، رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني، وبين الهجوم الدموي الذي أودى بحياة العشرات من الأقباط المصريين، كاشفة عن أن المهاجمين تدربوا في ليبيا.
وأشارت المصادر إلى أن التصعيد العسكري المفاجئ في طرابلس، ثم الهجوم الدموي على المنيا الذي خلف استياء دوليا واسعا، كشفا عن أن المجموعات المتشددة في ليبيا تعيش حالة من الاضطراب خوفا من أن يشملها تعهد قمة الرياض بمواجهة التنظيمات الإرهابية، خاصة أن الأمر هذه المرة مختلف في ضوء إدارة أميركية عازمة على تفكيك الإرهاب في المنطقة، ولن تسمح بأي هامش للمتشددين بالإفلات من العقاب.
ومن الواضح أن هذه المجموعات، وبعضها محسوب على دول مثل قطر وتركيا يسعى لإرباك المشهد الأمني والسياسي العام، وتخريب اتفاق أبوظبي بين قائد الجيش الليبي خليفة حفتر ورئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق فائز السراج، وهو اتفاق تم برعاية إماراتية وبدعم مصري، ولا يصب في مصالح الدول التي تدعم المتشددين.
وكانت ميليشيات تابعة لحكومة الإنقاذ المنتهية ولايتها والتي كانت واجهة لحكم جماعة الإخوان المسلمين في ليبيا قد قادت هجوما مباغتا على القوات الحكومية في محاولة للسيطرة عليها، وطرد السراج من العاصمة طرابلس، والعودة للتحكم فيها.
وقالت أوساط ليبية مقيمة في القاهرة إن المجموعات المتشددة شعرت أن الليبيين يتجهون إلى حل سياسي متوازن يرضي مختلف الأطراف لإنهاء حرب الست سنوات، فتحركت لإفشال الاتفاق حتى لا يحسب كنجاح للدبلوماسية الإماراتية والمصرية.
ولم تستبعد أن يكون المتشددون، الذين نفذوا هجوم المنيا، جزءا من خطة أوسع تهدف إلى إرباك مصر ومنعها من الاستمرار في الضغط للوصول إلى حل ليبي ينتهي بطرد الميليشيات الأجنبية الموجودة بالبلاد، والتي تتلقّى في أغلبها دعما خارجيا.
وأبلغ وزير الخارجية المصري سامح شكري نظيره الأميركي ريكس تيلرسون أن منفذي الاعتداء تدربوا في معسكرات للمسلحين في ليبيا.
ولفتت الأوساط إلى أن ما يؤكد الترابط بين التصعيد في طرابلس وهجوم المنيا هو السعي لإرباك خيار الحرب على الإرهاب الذي قررته القمة الإسلامية الأميركية في الرياض، مشيرة إلى أن هجوم المنيا كان يهدف إلى منع القاهرة من الاشتراك بفعالية في تلك الحرب وإظهارها بمظهر العاجز عن حماية الداخل المصري، فضلا عن تزعم الحرب على الإرهاب في المحيط الإقليمي والذي تمثل ليبيا أحد أهم مواقعه.
لكن الرد الخليجي، وخاصة السعودي، جاء مخيبا لمهندسي الهجوم الدامي، حيث أكد العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز أن “المملكة تقف مع مصر بكامل إمكاناتها حتى يتم القضاء على الإرهاب بكل أشكاله وتجفيف منابعه”.
وبدا من الواضح أن الضربات التي وجهتها مصر في العمق الليبي تحمل أبعادا إقليمية أخرى تدعمها القاهرة، إذ أنها جاءت بالتعاون مع القيادة العامة للجيش الليبي الذي يسعى جاهدا للدخول إلى مدينة درنة، وأنها رسالة إلى الشركاء الإقليميين والدوليين أن مصر جاهزة لأداء دورها في هذه الحرب التي يجب ألا تتأخر أكثر.