سياسة
تطور العلاقة مع واشنطن لا يمنع الرياض من تنويع الحلفاء
عكست زيارة ولي ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان إلى روسيا الثلاثاء، حرص الرياض على الاستمرار في توسيع وتنويع تحالفاتها في العالم على الرغم من التطوّر الإيجابي الذي طرأ على علاقاتها مع واشنطن في عهد الرئيس الأميركي الجديد دونالد ترامب، مؤكدة استراتيجية الانفتاح شرقا التي انتهجتها الرياض في العقود الأخيرة كخيار ثابت في علاقاتها الدولية.
ولفت مراقبون إلى أن زيارة الأمير محمد بن سلمان إلى روسيا تؤكد على ثوابت الرياض، منذ تبوؤ الملك سلمان بن عبدالعزيز عرش المملكة، في إدارة السياسة الخارجية السعودية، وأن تلك الثوابت الاستراتيجية لا تتأثر بأي تطورات قد تدخل على مستوى علاقات المملكة مع دول العالم.
ورأى معلقون روس أن أهمية زيارة ولي ولي العهد السعودي تكمن في أنها تحصل بعد حوالي أسبوع من زيارة ترامب، وأنها تأتي لتتكامل لا لتتناقض مع القمم الثلاث التي عقدت مع الرئيس الأميركي.
وأكدت مراجع روسية متابعة أن موسكو لم تبد أي قلق من التقارب الحالي بين الرياض وواشنطن، وأن زيارة الأمير محمد بن سلمان تتّسق مع التقييم الروسي لطبيعة العلاقات الجديدة بين الولايات المتحدة والسعودية التي لن تحد من تطور العلاقة بين موسكو والرياض.
ورأت أوساط سعودية متخصصة في علاقات المملكة مع روسيا، أنه وعلى الرغم من التباين الواضح في موقف البلدين حول الشأن السوري، إلا أنهما انتهجا شفافية كاملة في أمر هذا التباين عبّر عنه وزيرا خارجيتيهما، وتبنيا في الوقت عينه استراتيجية تطوير للعلاقات في كافة الميادين على نحو لا يتأثر بالخلاف حول الملف السوري.
وأعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لدى استقباله الأمير محمد بن سلمان الثلاثاء في موسكو أن روسيا والسعودية تعملان معا للتوصل إلى حل الأزمة السورية.
وقال “نحن نجري اتصالات على المستوى السياسي وبين العسكريين ونتعاون في مسائل تسوية الأزمات، بما في ذلك سوريا”.
وأفادت تقارير إعلامية في وقت سابق بأن مباحثات ولي ولي العهد السعودي في العاصمة الروسية ستتناول مسائل التعاون الثنائي والوضع في سوريا والعلاقات مع إيران، إضافة إلى توقيع الجانبين أربع مذكرات حول التعاون بين البلدين.
وقال الأمير محمد بن سلمان إن هناك الكثير من النقاط المشتركة بين البلدين، مشيرا إلى أن هناك آلية واضحة لتجاوز كل الخلافات الموجودة، وأنه “لا توجد تناقضات بين موسكو والرياض في سياستهما ونأمل بأن نتمكن معا من توجيهها في الاتجاه الصحيح لتخدم مصلحة البلدين.
ألكسندر نوفاك: التعاون مع أوبك يتيح تنفيذ مشروعات مشتركة في قطاعي المنبع والمصب
ولفتت مراجع دبلوماسية إلى أن ولي ولي العهد السعودي مشرف على ملف العلاقات مع موسكو وهو حريص على تطوير هذه العلاقات بصفتها خيارا استراتيجيا منفصلا عن علاقات بلاده مع العالم.
وتضيف هذه المراجع أن علاقة شخصية باتت تربط ولي ولي العهد السعودي بالرئيس الروسي، وهو ما يضفي على طبيعة العلاقة بعدا إنسانيا ذاتيا يطمح بوتين إلى تطويرها باتجاه الالتقاء بالعاهل السعودي شخصيا في روسيا.
وأعلن الرئيس الروسي أن موسكو تنتظر زيارة العاهل السعودي الأمر الذي من شأنه أن يصبح حافزا جيدا للعلاقات بين البلدين.
وقال بوتين “طبعا نحن ننتظر زيارة ملك العربية السعودية. وأثق في أن هذه الزيارة الأولى في تاريخ علاقاتنا، ستكون إشارة جيدة وحافزا لتطوير العلاقات”.
وقالت أوساط سعودية مطلعة إن مستوى العلاقات بين السعودية وروسيا ارتقى إلى المستوى الاستراتيجي الأصيل في إدارة ملف الطاقة في العالم بما لم يعد يحتمل خلاف البلدين في هذا المضمار، وأن طبيعة العلاقات السياسية تعكس اعترافا متبادلا بأهمية السعودية وروسيا في إدارة ملفات المنطقة برمتها.
ولعب بوتين والأمير محمد بن سلمان دورا فعالا في التوصل إلى اتفاق عالمي أدى إلى خفض إنتاج النفط بـ1.8 مليون برميل يوميا في إطار جهود لتعزيز الأسعار والحد من المخزونات الضخمة.
وشكر الرئيس الروسي الرياض على موقفها في سوق النفط، مؤكدا أن الجهود المشتركة للبلدين تسمح بتحقيق الاستقرار في السوق العالمية للوقود.
وقال بوتين لولي ولي العهد السعودي إن اتفاقات الطاقة بين البلدين تحظى بأهمية كبيرة وإن موسكو والرياض طورتا علاقاتهما بنجاح لتحقيق استقرار سوق الطاقة.
وأبلغ الأمير محمد بن سلمان الرئيس الروسي بأنه لا تعارض بين بلديهما بشأن سوق النفط.
وقبل اجتماع الرئيس الروسي وولي ولي العهد السعودي جرى لقاء بين وزير الطاقة الروسي ألكسندر نوفاك مع نظيره السعودي خالد الفالح وناقشا الوضع في أسواق النفط.
وقال نوفاك إن تعزيز العلاقات مع منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) يتيح تنفيذ مشروعات جديدة مشتركة في قطاعي المنبع والمصب بحسب بيان لوزارة الطاقة الروسية.
ويأتي الاجتماع بعد اتفاق منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) الأسبوع الماضي مع منتجين عالميين كبار آخرين تقودهم روسيا على تمديد خفض الإنتاج تسعة شهور أخرى.