مال واقتصاد

القاهرة تغامر بدخول معركة إنقاذ الشركات المتعثرة

بدأت الحكومة المصرية أولى خطواتها لإنقاذ الشركات المتعثرة والتي أصبحت عبئا على التوازنات الاقتصادية من خلال تدشين صندوق للمخاطر بالتعاون مع القطاع الخاص في محاولة لإعادة هيكلة نشاطها.

أعلنت وزارة التجارة والصناعة تدشين شركة مصر لرأس مال المخاطر، والتي تعد أول شركة لإعادة هيكلة المؤسسات المتعثرة وإصلاح التشوهات المالية نتيجة تباطؤ نمو اقتصاد البلاد خلال السنوات الست الماضية.

ويساهم في رأس مال الشركة الجديدة مركز تحديث الصناعة التابع لوزارة التجارة والصناعة وشركة أيادي الحكومية وبنك الاستثمار القومي وصندوق تحيا مصر.

وكان الرئيس عبدالفتاح السيسي قد دشن صندوق تحيا مصر في أعقاب توليه الحكم عام 2014 ليكون وعاء لتبرعات رجال الأعمال والمواطنين.

وتستخدم الشركة الجديدة، التي يقدر رأس مالها بـ8 ملايين دولار، أساليب الرفعة المالية في عمليات هيكلة الشركات، ويتيح هذا الأسلوب مضاعفة الاستثمارات المبدئية.

ويسمح نظام الرفعة المالية بقدرات تمويلية لها في حدود 50 مرة من رأس مالها لتصل معدلات التمويل التي ستتاح للشركات المتعثرة بنحو 400 مليون دولار.

وأكد طارق قابيل وزير التجارة والصناعة أن الشركة تعمل على توفير آليات تمويلية قصيرة المدى لمساعدة الشركات المتعثرة على الخروج بشكل سريع من دائرة التعثر.

هاني توفيق: كافة الشركات ستستفيد من برامج الهيكلة التي تقدمها شركة رأس مال المخاطر

وقال في تصريحات خاصة لـ”العرب” إن “مركز تحديث الصناعة سيقوم بتقديم الدعم الفني مجانا لهذه الشركات لاستعادة أنشطتها الصناعية والإنتاجية بشكل يمكنها من المنافسة مجددا”.

ويصل عدد الشركات المتعثرة التي تقدمت رسميا إلى مركز تحديث الصناعة نحو 800 شركة، وقام المركز بدراسة أسباب تعثرها، وانتهى إلى أن نحو 135 شركة يمكنها الخروج من عثرتها بشكل سريع.

ويقول اتحاد الصناعات المصرية إن إجمالي عدد الشركات المتعثرة بالبلاد يصل إلى نحو 4 آلاف شركة، بينما أكد مركز تحديث الصناعة أن نحو 800 شركة منها تحتاج إلى عمليات هيكلة مالية.

وتدخل الشركة الجديدة شريكا رئيسيا في رأس مال الشركات المتعثرة وتقدم لها دراسات جدوى اقتصادية لمعالجة نقاط الضعف التي نالت منها ودفعتها إلى التعثر، ثم تتخارج شركة رأس المال المخاطر من الشركة المتعثرة بعد أن يتم إصلاح هيكلها المالي وتتحول إلى الربحية.

وتأتي خطوة إنشاء الصندوق بعد فشل مساعي القاهرة في تدشين صندوق استثمار سيادي تابع للحكومة لإعادة هيكلة الشركات الخاسرة.

ولم يستطع منير فخري عبدالنور وزير الصناعة الأسبق الوفاء بوعوده حول تأسيس صندوق سيادي لإنقاذ الشركات الحكومية من الخسائر، نتيجة خلل هياكلها المالية، وتراكم الديون التي آتت على أصولها.

وأعلن عبدالنور في عام 2015 عن تأسيس صندوق سيادي برأس مال مصرح به بنحو 25 مليار دولار لإنقاذ الشركات الخاسرة، وكان من المقرر أن يتم البدء بالشركات التابعة لقطاع الأعمال العام.

وتعاني شركات القطاع العام من خسائر قياسية منذ عقود، حيث كشفت وزارة المالية عن أن إجمالي المطلوبات من قطاع الأعمال العام للبنوك سجلت نحو 6 مليارات دولار.

طارق قابيل: سيتم تقديم الدعم الفني مجانا للشركات وتسهيل دخولها في سباق المنافسة

ويشير التقرير السنوي لوزارة قطاع الأعمال العام إلى أن عدد العاملين في شركاتها يصل إلى نحو 304 آلاف عامل.

ويصل عدد الشركات الحكومية التي تم بيعها لمستثمرين رئيسيين وفق برنامج خصخصة الشركات إلى 282 شركة بعد أن عادت 8 شركات مرة أخرى إلى ملكية الدولة وفق أحكام قضائية قضت ببطلان عمليات البيع.

وقال هاني توفيق رئيس مجلس إدارة شركة “يونيون كابيتال”، المساهم الرئيسي بصندوق المخاطر الجديد، والتي ستديره لـ”العرب” إن “كافة الشركات تستفيد من برامج الهيكلة التي سنقدمها بما فيها شركات قطاع الأعمال العام”. وتراجع عدد الشركات القابضة لقطاع الأعمال العام حاليا إلى نحو 9 شركات تضم 146 شركة تابعة، مقارنة بنحو 27 شركة قابضة تضم 314 شركة تابعة في عام 1993.

وأدى عدم استغلال أصول الشركات بشكل خاطئ إلى ضعف موقفها التنافسي في السوق، رغم أنها تمتلك أصولا تقدر بنحو 11 مليار دولار، ممثلة في رصيدها من الأراضي غير المستغلة.

وأوضح توفيق أنه سيتم تقسيم العمل بالشركة الجديدة على عدة مراحل تشمل المرحلة الأولى نحو 72 شركة، واختيار الخمس عشرة شركة فيها والأكثر استجابة للتحول إلى الربحية خلال الثلاثة أشهر المقبلة.

وأشار إلى أن الهدف من الخطوة طرح نماذج نجاح تشجع في مراحل تالية على زيادة رأس مال الشركة وطمأنة باقي الشركات على مستقبلها، كما أن معظم الشركات التي سيتم البدء في هيكلتها لديها أسواق تصديرية بالخارج، ما يساعد على تعزيز معدلات هيكلتها بشكل سريع.

ولفت إلى أن تلك المبادرة لاقت استحساناً كبيراً من جانب القطاع الخاص، في الوقت الذي أغلقت البنوك باب التمويل في وجهها بسبب تعثرها، وعدم قدرتها على الوفاء بأقساط الديون.

إغلاق