صحافة واعلام
الحشد الشعبي يغطي تراجعه عن الحدود السورية بالسيطرة على قرى مأهولة في البعاج
يتسابق الإعلام العسكري العراقي مع إعلام قوات الحشد الشعبي لنقل أخبار التقدم في الجبهة الشمالية والشمالية الغربية لمحافظة نينوى، وبينما قال الحشد إنه حرر، بمفرده، قضاء البعاج المهم في المنطقة، قال الإعلام العسكري الرسمي إن هذه المهمة تمت بمساعدة طيران الجيش العراقي.
وبالرغم مما يبدو أنه تبعية كاملة من قبل الحشد الشعبي للقائد العام للقوات المسلحة، رئيس الوزراء حيدر العبادي، إلا أن النفوذ الإيراني في هذه القوة لا يحتاج إلى الكثير من البراهين، فجنرالات الحرس الثوري هم من يخططون ويقودون جميع المعارك، وفقا لقادة عسكريين وسياسيين عراقيين.
ويعلن الحشد الشعبي، منذ ثلاثة أيام، عن تحرير قرى وقصبات في محيط مركز قضاء البعاج، وصولا إلى إعلان تحرير المركز صباح الأحد.
ومع أن الحشد الشعبي، اعتبر تحرير مركز قضاء البعاج، هو عمل عسكري لا يوازيه آخر في “التأثير والسرعة في إنجاز المهمات المطلوبة”، إلا أن قتالا حقيقيا لم يندلع لاستعادته، فيما اكتفت الطائرات باستهداف عدد من المواقع التي يعتقد أن تنظيم داعش اتخذها دفاعات له، بحسب مصادر ميدانية.
وتقول مصادر “العرب”، إن العمليات التي ينفذها الحشد الشعبي في شمال غرب الموصل هي أقرب للتمشيط والتفتيش من الاشتباك والقتال، مشيرة إلى أن المقاومة انعدمت في معظم هذه المواقع.
ومع ذلك، تقول المصادر، إن ما تمت السيطرة عليه حتى الآن، هو مجموعة مواقع وقرى وأقضية مأهولة، ومازال الجانب الأكبر من البعاج، مفتوحا أمام تحركات عناصر داعش الذين فروا في اتجاه الصحراء الواسعة غربا، حيث يعتقد أنهم يمتلكون معسكرات للتدريب ومخازن للسلاح، كما أنهم أنشأوا دفاعات حصينة فيها.
ويقول مراقبون في بغداد إن “القيادة السياسية العراقية، ربما لا تمانع من توسيع الحشد الشعبي لعملياته في مناطق البعاج الصحراوية، التي تجنبتها القطعات النظامية منذ سنوات، بسبب مجاهيلها، والتفوق الاستراتيجي لتنظيم داعش، ومن قبله تنظيم القاعدة، فيها”.
ويعلق أحد الساسة في بغداد، على تطورات معارك البعاج قائلا، إن “الرابح منها هو العبادي، فداعش ينحسر، والحشد يستنزف”، مشيرا إلى أن “الحكومة العراقية، ستكون مسرورة لو تخلصت من داعش والحشد في الوقت نفسه”.
ويقول الناطق باسم الحشد الشعبي، النائب عن ائتلاف دولة القانون، أحمد الأسدي، إن قضاء البعاج (هو) آخر معقل للإرهاب في غرب نينوى”.
ووفقا لتصريحات قيادات في الحشد الشعبي، فإن الهدف القادم هو التوجه نحو قضاء القائم الحدودي مع سوريا، أخطر المعاقل المتبقية لتنظيم داعش في أقصى غرب الأنبار، وهو ما قد يستثير أبرز الممثلين السياسيين لهذه المحافظة، الذين يرفضون مشاركة الحشد الشعبي في معارك استعادة ما تبقى من مناطقهم.
ويعول هؤلاء على موقف أميركي رافض لاقتراب الحشد الشعبي.
ووفقا لمعلومات “العرب”، فإن قوات الحشد الشعبي، تحاول أن تتحرك من شمال غرب نينوى، إلى غرب الأنبار، مستخدمة مسارا حدوديا مؤمنا مع سوريا، لتجنب الوقوع في فخاخ صحراء البعاج.
وحرص الأميركيون، على دعم انتشار وحدة عسكرية نرويجية داخل الأراضي السورية، خلال الأيام الماضية، لمنع أي تقدم من قبل الجيش السوري نحو منطقة المعبر مع العراق، المعروفة بالتنف.
وتقول المصادر، إن الجيش الأردني جهز قوة كبيرة في معبر طريبيل الحدودي، لوقف أي تقدم محتمل للحشد الشعبي على الشريط الحدودي بين العراق وكل من سوريا والأردن، داخل حدود محافظة الأنبار.
وتؤكد المصادر، وجود قرار أميركي أردني بمنع توغل الحشد الشعبي في محافظة الأنبار، بمحاذاة الشريط الحدودي، حتى إذا تطلب الأمر تدخلا عسكريا.
ويطرح هذا التوغل السريع في عمق الصحراء وصولا إلى الحدود، أسئلة بشأن كيفية تأمين هذه المساحات الشاسعة من الأراضي في المثلث الواقع بين العراق وسوريا والأردن، حتى بعد القضاء على معاقل داعش التقليدية.
ويقول الخبير الأمني هشام الهاشمي، إن “تنظيم داعش فقد القدرة على خوض حرب تقليدية ضد القوات العراقية بكل أصنافها بسبب تعاظم قدراتها القتالية”.
وأضاف أن “القوات العراقية، قد تنفذ عمليات على الحدود مع سوريا لعرقلة وتعطيل جهد وحدات داعش وداعميها وأنصارها للقيام بأعمال تعرضية على المدن المحررة حديثا”.
وحذر الهاشمي من تسليم مناطق الحدود المحررة إلى قوات الحدود العاجزة عن تأمينها من غدر وحدات داعش.
وقال “لا أظن أن قدرات قوات الحدود المحدودة قادرة على مسك هذه المساحات الواسعة لوحدها، فهي في حاجة إلى قوات قتالية للمرابطة معها، وإلى معدات وتقنيات وطائرات مراقبة وكاميرات متطورة، وأيضا تحويل طبيعة المعركة من حرب عسكرية شبه تقليدية إلى حرب الاستخبارات والتقنيات والعمليات الخاطفة غير التقليدية باستخدام التقنيات والوسائل الاستخبارية ووحدات الاستجابة السريعة من قوات الطوارئ والرد السريع، فضلا عن نشر ثقافة الأمن الاجتماعي”.