العراقجمعيات ومنظماتدول الخليج
العراق – بغداد عراقيون يهاجمون أطبّاءهم: جشعون ويسعون لثراء سريع!
العراق –
«إيلاف» من بغداد: يوجّه عراقيون انتقادات حادة الى اطباء البلاد على الرغم من تعرضهم للاعتداءات بالخطف والاغتيال ويقولون إن السبب في عدم تعاطفهم مع اطبائهم هو الاستغلال الذي يصفونه بالبشع للاطباء الذين طالما يرفعون أجورهم الى الحد الذي لم يعودوا يستطيعون تحمله.
وعلى الرغم من الاحتجاجات والاعتصامات التي نفذتها الهيئات الطبية في بغداد والمحافظات خلال اليومين الماضيين حول ما يتعرض له الاطباء من قتل وخطف وتهديدات الا ان ردود افعال الناس تجاه ذلك كانت باهتة وصادمة ففي اكثر من مكان من العاصمة تواجدت فيه “إيلاف” كانت وجهات نظر الكثير بعيدة عن التعاطف مع هذا الحراك.
ويؤكد هذا السلوك ان هناك فجوة واسعة قد حدثت بين الأطباء ومن معهم من التمريضيين وبين المواطنين الذين يرون ان الاطباء خط أحمر لا يمكن الاعتداء عليهم ولو بالكلمة لانهم رسل الشفاء من الامراض وطالما كانت العلاقة بينهم حميمية لكن هذه العلاقة أصابتها شروخ كثيرة خلال الفترة الاخيرة بسبب ارتفاع اجور الفحص التي يفرضها الاطباء على المرضى في عياداتهم الخاصة والاهمال الذي يمارسونه في المستشفيات الحكومية.
ويتحدث الكثير من الناس عن حكايات لهم مع الاطباء وصفوها بالمريرة لاسيما ان اغلب الفقراء غير قادرين على دفع أجور الكشف الطبي التي تتصاعد باستمرار ويشيرون الى انهم لا يتعاطفون مع الاطباء للتجارب المؤسفة لهم معهم خاصة وأن الطب قد اصبح تجارة والاطباء لا يهمهم سوى الربح والكسب المادي السريع كما يقول البعض وسط دعوات الى نقابة الاطباء لإجراءات تدفع الاطباء الى تخفيض اجورهم الطبية وتحسين ادائهم تجاه مرضاهم.
اطباء يتعاملون بوجهين
وفي هذا المجال يتساءل الموظف ثائر علي قائلا “من اين يأتي التعاطف والمواطن الفقير لا يستطيع ان يراجع عيادة طبيب لان اجور الفحص تعادل اجور عمل يومين للموظف البسيط ناهيك عن التحليلات التي تحتاج لإجرائها الى مبالغ كبيرة اضافة الى أسعار الدواء المرتفعة” .
واضاف: “اغلب الاطباء لا يهتم بالمريض في المستشفى الحكومي مثل اهتمامه به في عيادته الخاصة ، هو الطبيب نفسه يتعامل بوجهين والسبب أنه في عيادته يتقاضى مبالغ اكثر ويستفيد من علاقاته مع المستشفيات الاهلية ، ولو ذهبت الى ابسط عيادة لطبيب لوجدت الناس بالعشرات لانهم ما عادوا يثقون بالطبيب الذي يعمل في المستشفى الحكومي” .
الطب تجارة
اما الموظفة كريمة محمد فقالت: “ان الطب في العراق اصبح تجارة ، والدليل ان عيادات الاطباء صارت اكثر من دكاكين البقالة وملأت الشوارع العامة والاسواق ، تصور ان حيا سكنيا مثل حي الحارثية (وسط بغداد) تحول الى عيادات ومختبرات وصيدليات ومذاخر ادوية ، وكلها تدل على ان بعض الاطباء أصبحوا يتاجرون بالمرض وبالمرضى”.
واضافت: “هناك اطباء شرفاء لا شك ولكن البعض الذي اساء إلى المهنة هو الذي لا يهتم بالناس البسطاء وعدم قدرتهم على دفع اجور الفحص والدواء خاصة مع البؤس الذي تعاني منه المستشفيات الحكومية، واعتقد ان الاجيال الشابة من الاطباء هي التي تريد ان تغتني سريعا ومن دون ان تشفي المريض او تساعده على تخفيف مرضه”.
تساؤلات الناس
من جهته قال الصحافي هادي جلو مرعي:” التعاطف مع الأطباء في العراق ينخفض بسبب تسعيرة الكشف الطبي المرتفعة في العيادات.. الممرضون والممرضات لايشبعون.. جرب إجراء عملية وكيف يهجمون طلبا للإكرامية. اجور فحص خرافية وأموال طائلة وحرق للمواطن المسكين الفقير ودولة تائهة”.
واضاف: “الطبيب يطلب الحماية لكنه يتجاهل ما يقوم به من استغلال.. هذه تساؤلات الناس وهم يرون استهداف الأطباء وجشع البعض منهم”.
التعاطف واجب
الى ذلك يرى الطبيب محمد مخلص ان الاجور تزداد لاسباب مختلفة وما زال الطبيب العراقي يتعامل بإنسانيته مع المرضى، وقال:” التعاطف مع الاطباء واجب وطني على كل مواطن لان ما يتعرض له الاطباء يضطرهم الى مغادرة البلد او السفر الى اقليم كردستان ما افرغ العاصمة على الاقل من خيرة اطبائها.. الطبيب العراقي يعاني ضغوطات كثيرة من اهمها التهديدات الشخصية والعشائرية ، فكل واحد يريد من الطبيب ان يشفي مريضه حتى وان كانت حالته ميؤوسا منها او مرضه عضالا”.
وتابع:” زيادة الاجور تتعلق بزيادة ايجار المكان/ العيادة الذي يرفع صاحب العقار قيمته من وقت الى اخر ابتزازا للطبيب خاصة في الاماكن التجارية ، فضلا عن غلاء الاجهزة الطبية التي يستخدمها في عيادته والتي يأتي بها من الخارج واجور العاملين معه في العيادة ونفقات اخرى كالكهرباء والنظافة وغيرها ،كما ان اغلب الاطباء يداوم في عيادته لساعات قليلة ربما ثلاث او اربع بسبب ظروف البلد الامنية”.
وكان اطباء العراق قد نفذوا اعتصاما عاما في عموم البلاد الثلاثاء الماضي ضد تصاعد عمليات اختطاف واغتيال تنفذها عصابات مسلحة تستهدفهم وضد تجاهل الحكومة في اتخاذ إجراءات عملية تحميهم وعائلاتهم مطالبين بتفعيل قانون حماية الاطباء واعتبار التحريض الاعلامي ضدهم جريمة يعاقب عليها القانون. ودعت نقابة الاطباء العراقيين في بيان الى دعم الاطباء في مواجهة عدم اكتراث الحكومة بسلامتهم “والتي اصبحت على ما يبدو زاهدة بخدماتهم فتركت الاطباء هدفا سهلا للمعتدين والخارجين على القانون”.
وتشير معلومات الى ان عدد الأطباء الذين هاجروا العراق منذ سقوط النظام السابق عام 2003 بسبب عمليات التهديد والاختطاف والقتل إلى أكثر من 8500 طبيب فيما قتل العشرات منهم على يد ميليشيات مسلحة وجماعات إرهابية تابعة للقاعدة وتنظيم داعش في وقت يحتاج العراق الى 100 ألف طبيب فيما لا يوجد في البلاد سوى 20 ألف طبيب لتغطية حاجة المستشفيات.