سياسة

الزوجة ما بين منزلتين.. إرضاء الشريك أو إرضاء الذات

التكامل والمشاركة عنوان أيّ علاقة زوجية ناجحة، وهذا لا يمنع أن يكون لكل طرف كيانه المستقل، فيحق لكل منهما أن يمارس هواياته التي كان يفضل القيام بها قبل الزواج، طالما لا يعود ذلك بالسلب على الحياة الزوجية، خاصة للزوجة التي تتحمل المسؤولية في تلبية متطلبات المنزل والأبناء والزوج.

وتقول فادية علوان، أستاذة علم النفس بجامعة القاهرة “يحق لكلا الزوجين أن يتمتع بوقته وحياته بعيدا عن الآخر، شريطة ألا يأخذهما ذلك من مهامهما الأساسية وهي الحفاظ على كيان أسرتهما والمشاركة في إنجاحها، لذلك على الرجل والمرأة سويا أن يحاولا تحقيق استقلاليتهما بعد الزواج والتمتع بحياتهما وممارسة هوايتهما المفضلة، خاصة المرأة التي تحمل على كاهلها العديد من المسؤوليات، وبالتالي من حقها الشعور بالبعض من الحرية والتمتع بوقتها مثلما تريد بعيدا عن الشريك.

ولتحقيق ذلك عليها تخصيص جزء من وقتها لإعادة إحياء ملامح شخصيتها التي طمست بعد تولي مسؤولية الزوج والأسرة، حتى تقوم بممارسة كافة الهوايات التي كانت تفضل القيام بها قبل الزواج، كما يمكن للزوج أيضا أن يستغل ذلك الوقت في ممارسة مواهبه وإشباع رغباته، وبذلك يكونان قد استمتعا بوقتهما، وحققا ما كانا يبغيان تحقيقه، وشعرا بالسعادة وأحيا كل منهما ملامح حياته الخاصة”.

وتضيف فادية “حتى يمكن للمرأة أيضا تحقيق الاستقلالية بعد زواجها عليها باتّباع أسلوب الرفض الإيجابي، فلا مانع من أن ترفض عرض الزوج بزيارة بعض الأصدقاء، وأن تسعى لفعل الأشياء التي تروق لها بمفردها أو بصحبة صديقاتها، كما يمكنها رفض القيام بالأمور التي يطلبها منها داخل المنزل إذا كانت تسبب لها حالة من الإرهاق، ولكن عليها الرفض بصورة إيجابية لا تخلق بينهما خلافا، فمن شأن ذلك أن يجنبها الشعور بالملل ويمنحها طاقة، وفي المقابل حتى لا ينزعج من رفضها الدائم عليها أن تشاركه بعض الهوايات والأنشطة التي تروق لها وتفضلها وتشعرها بالراحة، لتكون هناك فرص لتقوية الروابط بينهما، فعلى الرغم من إيجابية المشاركة بينهما في تكوين أسرة ناجحة وسعيدة، إلا أن كلاّ منهما يحتاج كثيرا إلى الشعور بالاستقلالية من خلال التمتع بالوقت وممارسة الأنشطة”.

العمل من الأمور الهامة في حياة الزوجة حيث يجعلها تشعر بالاستقلالية والاستغناء عن الآخرين، لذلك يجب أن تقوم بتوظيف الوقت لصالح المنزل والعمل بصورة لا تنال من استقرارها في أحد الأمرين

أما الخطوات والوسائل الأخرى التي تمكن المرأة من تحقيق الاستقلالية بعيدا عن الشريك، فيرى إبراهيم يونس، استشاري علم النفس، أن الاحتفاظ بالعمل والأصدقاء يحققان للمرأة الاستقلالية المطلوبة، حيث أن ذهابها إلى العمل يمنحها هي وشريكها فرصة للتحدث عن أشياء جديدة خارج إطار أسرتهما الصغيرة، كما أنه يمكّنها أيضا من التخطيط مع زميلاتها أو صديقاتها في العمل للخروج بهدف التنزه، وهو ما يجعلها تبعد قليلا عن الأجواء الأسرية التي تعيشها مع شريكها، مما يشعرهما بالاشتياق لبعضهما، كما ينبغي عليها ألا تقطع علاقاتها بالأهل بمجرد إتمام الزواج.

ويشير استشاري علم النفس إلى البحث عن هوايات وأنشطة أخرى بخلاف ما تفضله المرأة من الوسائل التي تساعدها على تحقيق قدر كاف من استقلاليتها بعيدا عن الشريك، ويمكن تحقيق ذلك بوسيلتين أولاهما البحث في أنشطة الشريك ومحاولة الاستمتاع ببعضها بعيدا عنه إذا كانت تروق لها، أما ثانية الوسيلتين فهي البحث بعيدا عن هوايات وأنشطة جديدة ومختلفة وتسهل ممارستها ولا تأخذ وقتا طويلا منها، فمن شأن ذلك أن يشعرها بالراحة والسعادة كما يمنحها قدرا كافيا من الحرية التي تسعى لتحقيقها.

وفي المقابل لا بد أن تمنح الشريك مساحة كافية حتى يستطيع هو الآخر ممارسة أنشطته الخاصة وتحقيق الاستقلالية بعيدا عن زوجته، فهذا يضاعف لديها الوقت الذي تود توفيره بعد قيامها بمهامها نحو أسرتها للتمتع بحياتها الخاصة، كما ينبغي عليها أن تضع جدولا زمنيا لكل الأمور التي ترغب في القيام بها والأهداف التي تسعى لتحقيقها بمعزل عن الشريك، وأن تتولى القيام أولا بأكثر الأمور إسعادا لها حتى تتمكن من القيام بكل ما تريد بصورة منظمة، فقد يساعدها هذا التنظيم على فعل ذلك كلما شعرت أن حياتها أُثقلت بالمسؤوليات وتود اقتطاع جزء من وقتها لإشباع رغباتها دون أن يؤثر هذا على مهامها الأساسية والموكلة إليها، كما سيسهم ذلك في تنمية قدراتها على التخطيط لحياتها ولحياة أبنائها مستقبلا.

من جانبه يقول أحمد درويش أستاذ علم النفس بجامعة أسيوط إن المرأة تشعر في بداية الحياة الزوجية بشيء من الارتباك، وهو ما يجعلها تقوم بممارسات وسلوكيات غير محسوبة، يترتب عليها الكثير من الأخطاء، كما أن جهلها بطبيعة الحياة التي بدأتها يجعلها غير مدركة لكيفية التعامل مع ذاتها ومع شريكها والمحيطين بها، ما يترتب عليه أيضا العديد من الأخطاء، كأن تفضل بأن تكون تابعة لزوجها وليست شخصية مستقلة لها حقوق وعليها واجبات، فعلى الرغم من كونه خطأ شائعا تقع فيه غالبية الزوجات، وأحيانا يترتب عليه انهيار العلاقة إن لم يكن انهيارا ملموسا وواقعيا فهو انهيار حسي، إلا أن المرأة لا تستفيد من تجارب غيرها وتفضل التبعية لزوجها.

وأوضح درويش قائلا “التبعية ليس المقصود بها المعنى السطحي بأن تنتمي له وتتبعه اجتماعيا، ولكن التبعية هي أن تلغي الزوجة رغباتها وشخصيتها وتركز كثيرا على رغبات وشخصية زوجها ويعد هذا من أكثر أخطاء المرأة خطورة بعد الزواج، حيث يترتب عليه إلغاء تام لشخصيتها، لذلك ينبغي عليها أن تقوم بالأشياء التي كانت تقوم بها قبل الزواج، وأن تحرص على أن تسير حياتها وفق ما اعتادت عليه”.

وأضاف درويش أن التخلي عن الصديقات القدامى من الأخطاء أيضا التي ترتكبها المرأة بعد الزواج حيث أن الارتباك الذي تقع فيه المرأة في حياتها الجديدة، يجعلها تتخلى عن صديقاتها وتنشغل كثيرا في كيفية إدارة حياتها وعلاقتها بشريكها بالصورة التي تجعلها من أنجح العلاقات وأكثرها استقرارا.

كما أن قيام المرأة بترك عملها مقابل التفرغ لحياتها الزوجية الجديدة من الأخطاء التي تقع فيها خاصة إذا لم يكن من خيارها هي وفُرض عليها من جانب الأهل أو الزوج، لأن العمل من الأمور الهامة في حياة المرأة حيث يشعرها بالاستقلالية والاستغناء عن الآخرين، لذلك يجب أن تقوم بتوظيف الوقت لصالح المنزل والعمل بصورة لا تنال من استقرارها في أحد الأمرين.

إغلاق