سلايد 1علوم وتكنولوجيا
التقدم المذهل في استخدام الذكاء الاصطناعي ينذر بحرب
لندن – لفت إيلون ماسك الملياردير الأميركي، مؤخرا، إلى النتائج السلبية الناجمة عن الاعتماد المتزايد على الذكاء الاصطناعي. وشدد على ضرورة الشعور بالقلق إزاء ظهور هذه التقنية، داعيا إلى ضرورة إنشاء هيئة تنظيمية لتوجيه وتطوير هذا النوع من التكنولوجيا الذي وصفه بـ”القويّ”.
وكشف ماسك خلال اجتماع رابطة الحكام الوطنيين عن العديد من السيناريوهات السيئة المتوقعة إزاء تبنّي الذكاء الاصطناعي قائلا إنها تقنية تهدد جميع الوظائف البشرية، حتى أنها قد تتسبب في إشعال حرب، مضيفا أنها أكبر خطر تواجهه الحضارة الإنسانية.
وكانت مخاوف وتحذيرات ماسك بشأن الذكاء الاصطناعي واضحة وجدية، وأسهمت في إنشاء مركز “أوبن إيه أي” المعني بإجراء أبحاث حول تطوير هذه التكنولوجيا.
وأكد ماسك لمحافظي الولايات ضرورة إنشاء هيئة تنظيمية للبدء في النظر بشكل معمق في تطوير تقنية الذكاء الاصطناعي على أن تكون سريعة التحرك في وضع اللوائح والقواعد. وقال إن “الحكومة لا تملك رؤية خاصة بها إلى الآن، وبمجرد أن يكون هناك انتباه للأمر ستنتاب الناس حالة من الخوف الشديد، وهو ما ينبغي أن يحدث بالفعل”.
50 بالمئة فرصة استحواذ الروبوتات على وظائف الإنسان في غضون 120 عاما
كم بقي من الوقت
يعتبر العالم على أعتاب ثورة صناعية رابعة، وهي ثورة تكون الآلات فيها قادرة على تأدية الكثير من الوظائف التي يؤديها البشر في الوقت الراهن، وربما بشكل أفضل. وهذا ما ينذر بفقدان بعض الوظائف مستقبلا على نطاق واسع، وهو ما يطرح سؤالا هو: متى سيصبح بإمكان الآلات القيام بوظائفنا؟
لا توجد إجابات مؤكدة، لكن بعض كبار الباحثين في مجال الذكاء الصناعي يحاولون معرفة ذلك. ووفقا لموقع بي بي سي الإلكتروني استطلعت كاتيا غريس الباحثة المساعدة في معهد مستقبل الإنسانية في جامعة أوكسفورد البريطانية وزملاؤها في مشروع الذكاء الصناعي بالجامعة إمباكتس ومعهد أبحاث الذكاء الآلي آراء 352 عالما في هذا الإطار، وجمعوا إجاباتهم في صورة تنبؤات حول المدة التي قد تستغرقها الآلات لتتفوق على البشر في أداء بعض الوظائف والمهام.
وكان من بين العديد من كبار الخبراء في العالم في مجال التعلم الآلي الذين أجرى الباحثون الاتصال بهم يان ليكان مدير أبحاث الذكاء الصناعي في شركة فيسبوك ومصطفى سليمان من قسم ديبمايند في شركة غوغل وزوبن غهرماني مدير مختبرات الذكاء الصناعي في شركة أوبر.
ويتوقع الباحثون أن هناك فرصة بنسبة 50 بالمئة للآلات لكي تصبح قادرة على تولّي وظائف الإنسان في غضون 120 عاما.
وقالت غريس “من أكبر مفاجآت هذا الاستطلاع هو تأخر نطاق التنبؤات الخاصة بحلول الآلة محل الإنسان. فقد توقعت أن التقدم المذهل في مجال التعلم الآلي في السنوات الأخيرة، إضافة إلى حقيقة أننا تحدثنا فقط إلى باحثين في مجال التعلم الآلي، سيجعل المدى الزمني لهذه التقديرات أقل من ذلك”.
ويشير الاستطلاع إلى أن الآلات ستتمكن أيضا من طيّ ملابسنا بعد غسلها بحلول عام 2021، وإن كانت موجودة بالفعل، فقد طور علماء الروبوت في جامعة كاليفورنيا، بيركلي، رجلا آليا يمكنه طي المناشف والسراويل الجينز والقمصان بعناية، وهذا ما يهدّد العاملين في المغاسل.
وفي الواقع كان الأمر قد استغرق 19 دقيقة في عام 2010 لينتهي جهاز روبوت من التقاط منشفة وفحصها ثم طيها. لكن بحلول عام 2012، تمكن الروبوت من طيّ بنطال من الجينز في خمس دقائق، وطيّ قميص في أكثر من ست دقائق بقليل. وربما كان الأمر الأكثر إثارة للدهشة هو أن الروبوت تمكن من إنجاز المهمة الشاقة المتعلقة بجمع الجوارب المختلفة في أزواج متوافقة. لكن بالرغم من هذا التقدم قد يمر بعض الوقت قبل أن يتمكن جهاز روبوت كهذا من أن يحلّ محلّ البشر.
العالم على أعتاب ثورة صناعية رابعة
وقال جيريمي ويات أستاذ الروبوتات والذكاء الصناعي في جامعة برمنغهام البريطانية “إنني متشكك قليلا فيما يتعلق بالمدة الزمنية التي يمكن تحديدها للمهام التي تنطوي على التعامل مع أشياء مادية ملموسة. فإجراء التجارب في المختبر شيء والحصول على روبوت يمكنه أداء وظيفة ما في العالم الحقيقي على نحو يُعتمد عليه بشكل أفضل من الإنسان شيء آخر تماما”.
وأوضح أن التعامل مع الأشياء المادية في العالم الحقيقي ومعرفة تلك الأشياء التي يتعين التعامل معها وكيف يمكن ذلك في بيئة عشوائية ومتغيرة هي مهمة معقدة بشكل لا يُصدق بالنسبة إلى آلة. وأضاف ويات أن حركة أجهزة الروبوت في مهام مثل قيادة السيارات والتسليم الذاتي للبضائع ربما لا تزال في مرحلة مبكرة، كتلك التي كانت عليها شبكة الإنترنت في أوائل التسعينات من القرن العشرين.
الروبوت الودود
تعد الوظائف المرتبطة بطيّ المناشف من الوظائف الآمنة في الوقت الراهن، في المقابل على سائقي الشاحنات وتجار التجزئة التفكير جيدا في أدوارهم خلال العقدين القادمين إذ يتوقع الباحثون أن تتمكن آلات الذكاء الصناعي من قيادة الشاحنات بحلول عام 2027 وتأدية مهام البيع بالتجزئة بحلول عام 2031.
ويعتبر الدور النمطي لوظيفة مساعد الزبائن في المتاجر الكبيرة -الذي يقوم بمساعدة الزبائن على إيجاد ما يبحثون عنه والوقوف على خدمتهم- دورا يتطلب مهارات جسدية ومهارات اتصال معقدة، وربما كانت هذه الوظيفة آمنة في الوقت الراهن أيضا.
وبحسب ويات في الوقت الذي يزداد فيه التسوق على الإنترنت فإن الذكاء الصناعي الذي يأخذ شكل برامج خوارزمية قد يحل محل أدوار أخرى في متاجر التجزئة في وقت أقرب ممّا نعتقد. وأضاف “انظر إلى كمية المعاملات التي نقوم بها الآن على الإنترنت والتي تتم بشكل آلي إلى حد كبير، إنها نسبة عالية حقا. وتستخدم الشركات الآن نسبة معقولة من أجهزة الذكاء الصناعي بالفعل”.
وتابع ربما كانت الوظائف الأصعب أداء بالنسبة إلى الآلات هي تلك التي تستغرق من البشر سنوات عدة من التدريب كي يتفوقوا فيها. وهذه غالبا ما تنطوي على صنع القرار الحدسي في الأوقات الصعبة أو العمل في بيئات مادية معقدة أو التفكير المجرد، وهي أشياء يصعب على أجهزة الكمبيوتر أداؤها.
ويتوقع الخبراء ألا تتولى الروبوتات وظائف أطباء الجراحة حتى عام 2053 تقريبا، بينما قد يستغرق تنافس الآلات مع علماء الرياضيات للاستحواذ على المساحة الأكبر في صفحات المجلات الأكاديمية نحو 43 عاما.
ومن المرجح أيضا أن تتمكن أجهزة الكمبيوتر التي تعمل من خلال الذكاء الصناعي من إنتاج الروايات الأكثر مبيعا التي تنشرها صحيفة نيويورك تايمز بحلول عام 2049. وفي الواقع فإن التكنولوجيا الرقمية للآلات مستخدمة حاليا في هذا المجال أيضا. وتعمل شركة غوغل على تدريب أجهزة الذكاء الصناعي لديها على إنتاج الروايات العاطفية والمقالات الإخبارية في محاولة لمساعدتها على الكتابة بشكل أكثر إبداعا، إذ يمكن لروبوت يدعى بنجامين كتابة سيناريوهات قصيرة لأفلام الخيال العلمي حتى وإن لم تكن تعطي معنى متكاملا في مجملها.
كما أن هناك برنامج أوتوميتد إنسايتس الذي ينتج خوارزميات يمكنها أن تخرج الملايين من الأخبار الشخصية ومقالات متعلقة بسوق المال والرياضة لمؤسسات مثل رويترز وأسوشييتد برس.
وقال آدم سميث الرئيس التنفيذي للعمليات في شركة أوتوميتد إنسايتس إن هذه التكنولوجيا تهدف إلى استكمال الخبرة الإنسانية بدلا من استبدالها. وأوضح “الصحافة الآلية تخلق محتوى لم يكن موجودا من قبل، لكن يتعين على البشر إضافة سياق إلى تلك الأخبار”. إلا أن تلك الأخبار تنتج وفقا لصيغة معينة إذ تستخرج المعلومات من مجموعة كبيرة من البيانات وتحملها في قوالب ونماذج معينة.
بيد أن إنتاج القصص الخيالية لتكون الأكثر مبيعا، والتي تضم خيالا غنيا بالتلاعب بالكلمات وتحولات كبرى مذهلة في أحداثها، ربما لا يزال أمرا بعيدا وقد يستغرق ثلاثة عقود تقريبا.
وقال ويات “سيكون التحدي هو القدرة على تمكين الذكاء الصناعي من إنتاج مواد مقبولة للذوق البشري”، مضيفا “إننا نعتبر أيّ شيء أقل من مستوى الأداء الإنساني ولو بدرجة بسيطة غير مقبول بالنسبة إلينا. فلو أخذنا مثلا برامج الدردشة الآلية مثل تشاتبوتس، وهي برامج تجري محادثات آلية مع المستخدمين، فإنها ليست بعيدة جدا عن مستوى الأداء الإنساني، إلا أننا حساسون جدا لأيّ خطأ نرصده منها”.
وتعتقد غريس أن الاستطلاع الذي أجرته يجب أن يكون بمثابة تذكير لنا بأن العالم على أعتاب تغيير جذري، موضحة “لا أعتقد أن هناك أيّ مهام يمكن للبشر أداؤها، ولا يمكن للذكاء الصناعي أداؤها من الناحية الفنية”. إلا أنها تعتقد أن بعض الأدوار والأعمال ربما لا يمكن أن تقوم بها الآلات، فالقس في الكنيسة مثلا ربما لا يمكن أن يحلّ محله جهاز روبوت إذا أراد رواد الكنيسة أن يكون هناك آدمي يقوم بذلك الدور.