جمعيات ومنظماتدول الخليجسلطنة عمان
سلطنة عمان : أعضاء مجلسي الدولة والشورى يقفون على ملامح الاستراتيجية الوطنية للابتكار
أكد لقاء تعريفي بمجلس عمان أهمية الاستراتيجية الوطنية للابتكار وضعف التواصل بين المؤسسات والدعوة إلى تفعيل آليات التواصل المؤسسي والمجتمعي لتحقيق الأهداف المنشودة والعمل بجدية لدعم مسيرة البحث العلمي والابتكار والتوسع في نشر ثقافة الابتكار في كافة محافظات السلطنة ودعم جهود بناء عقول وطنية في مجال الابتكار لاستدامة النتائج وتوسيع مصادر الإنفاق على البحث العلمي لنتائجه الإيجابية الكبيرة على المجتمع اقتصاديا واجتماعيا.واستضاف مجلسا الدولة والشورى أمس عددا من المسؤولين بمجلس البحث العلمي والقائمين على تنفيذه الاستراتيجية الوطنية للابتكار، وذلك لتقديم عرض حول الاستراتيجية، بحضور المكرمين رؤساء لجان مجلس الدولة ونوابهم وأصحاب السعادة رؤساء لجان مجلس الشورى ونوابهم وسعادة الدكتور الأمين العام لمجلس الدولة وسعادة الشيخ الأمين العام لمجلس الشورى وسعادة الدكتور هلال بن علي الهنائي أمين عام مجلس البحث العلمي وعدد من الباحثين في مجلسي الدولة والشورى.وقال سعادة الدكتور خالد بن سالم السعيدي الأمين العام لمجلس الدولة في كلمة الافتتاحية: إن هذه الاستضافة تأتي في إطار حرص مجلسي الدولة والشورى على استضافة المعنيين بمختلف المؤسسات والمجالس والهيئات لإلقاء الضوء على مجالات العمل المختلفة لتلك المؤسسات. مؤكدا أهمية البحث العلمي والابتكار تتعاظم في عالم اليوم، باعتبارهما من مرتكزات نهضة وتقدم الأمم ومن أهم أسس اقتصاد المعرفة، وأشار سعادته في هذا الصدد إلى أن السلطنة تولي هذا الجانب اهتماما ملحوظا ترجمة للتوجيهات السامية لحضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم -حفظه الله ورعاه -.وأضاف سعادته إنه واتساقا مع هذا الاهتمام، وفي خطوة داعمة لمسيرة البحث العلمي بالسلطنة وترجمة للجهود المبذولة للنهوض بهذا القطاع المهم، أقر مجلس الوزراء الصيغة النهائية للاستراتيجية الوطنية للبحث العلمي مؤكدا على أهمية هذه الاستراتيجية باعتبارها الركيزة الهادفة للوصول إلى تنمية شاملة مدعومة بأسس علمية خدمة للخطط المستقبلية. موضحا: أن مجلس البحث العلمي الذي تم تأسيسه في عام 2005م بموجب المرسوم السلطاني رقم (54/ 2005) هو الجهة الحكومية المعنية بتنمية وتعزيز البحث والابتكار في السلطنة، كما يعد الجهة المخولة بوضع الاستراتيجيات والخطط التي تشجع الإبداع والبحث وتعمل على تعزيز المواهب البحثية من خلال دعم وتنظيم كل ما له علاقة بجهود البحث العلمي والابتكار سعيا لما يخدم المجتمع والاقتصاد وازدهار الوطن. ومن جانب آخر قدم سعادة الدكتور هلال بن علي الهنائي أمين عام مجلس البحث العلمي كلمة أوضح فيها: ان هناك اهتماما عالميا بالابتكار حيث تعمل الدول على وضع أنظمة وطنية للابتكار تتضمن أسسا للبحث والتطوير والتسويق بالإضافة إلى الأطر القانونية التي تحتكم إليها عملية الابتكار، منوها بأهمية التكامل والترابط الفعال بين هذه العوامل ذات العلاقة بالابتكار.وأكد الهنائي أهمية الإنفاق على البحث العلمي لمردوداته الإيجابية الكبيرة على المجتمع اقتصاديا واجتماعيا، مشيرا إلى أن أبرز التحديات التي تواجه الابتكار ضعف التواصل بين المؤسسات مما يتسبب في ازدواجية العمل، لافتا إلى أنه تم إعداد الاستراتيجية الوطنية للابتكار بناء على المؤشرات العالمية في هذا المجال ومنها المؤشر العالمي للابتكار، معربا عن تطلعه في أن تكون السلطنة من الدول المتقدمة في الابتكار.
رؤية موحدة
عقب ذلك قدمت الدكتورة شريفة بنت حمود الحارثية اختصاصية أولى تخطيط ودراسات في مجلس البحث العلمي رئيسة مشروع الاستراتيجية الوطنية للابتكار عرضا مرئيا أوضحت خلاله هدف الاستراتيجية في إيجاد منظومة وطنية للابتكار تحكمها رؤية موحدة وسياسة واضحة المعالم لتحقيق أهداف محددة وأولويات معلنة يتم تنفيذها من خلال خطة تنفيذية مدروسة. وأشارت إلى أن رؤية الاستراتيجية الوطنية للابتكار ترتكز على تحقيق اقتصاد وطني قائم على الابتكار والتحول من الاقتصاد الريعي إلى اقتصاد وطني يقوده الابتكار من خلال نظام ابتكار وطني فعال لتنمية مستدامة، بحيث تكون السلطنة ضمن أعلى 20 دولة قائدة للابتكار بحلول عام 2040، وتكون ضمن أعلى 40 دولة قائدة للابتكار بحلول عام 2020م.وأضافت: أن الاستراتيجية تؤسس منظومة ابتكار وطنية فاعلة تلبي تطلعات التنمية الاجتماعية والاقتصادية المستدامة وتتلاءم مع التوجهات العالمية، يدعمها في ذلك أهداف حقيقية تتمثل في تأسيس بيئة محفزة للابتكار، وإيجاد فرص عمل للشباب العماني، والإسهام في تنويع مصادر الدخل، والمساهمة في تعزيز المستوى المعيشي للأفراد عبر المواءمة بين الخطط الخمسية وبرامج ومبادرات الاستراتيجية. وأشارت إلى إنه من الموجهات التي تقود الابتكار وجود نظام تعليمي ريادي، وتوافر قدرات بحثية وابتكارية، وقوى عاملة ذات كفاءة، ونقل وتوطين المعرفة والتقانة، والاستثمار الأجنبي المباشر وريادة مؤسسات القطاع الخاص. وأن من الركائز الممكنة وجود نظام فاعل للملكية الفكرية، وتوفر البنية الأساسية واللوجستية، والتعاون والترابط من أجل الابتكار.وفيما يتعلق بالمناخ المحفز، قالت إن من أهم عوامله الخدمات الرقمية الذكية، والتمويل المناسب للبحث والتطوير والابتكار والأداء الحكومي الفاعل والسياسات المتناغمة المبنية على الأدلة.وأفادت أنه تمت الاستعانة بثلاثة مؤشرات دولية مرتبطة بشكل مباشر بمنظومات الابتكار من أجل تحديد ركائز الاستراتيجية ومؤشرات الأداء المرتبطة بها، وهي: مؤشر الابتكار العالمي، ومؤشر الاقتصاد المعرفي، ومؤشر التنافسية الدولي. واستعرضت الحارثية سجل السلطنة في مؤشر الابتكار الدولي، مبينة أنها حققت خلال الثلاث السنوات الأخيرة تقدما في مؤشر الابتكار العام بزيادة 21 نقطة بين 2013 و2015 م ، وأرجعت السبب في ذلك إلى زيادة برامج البحث والابتكار والبيئة المحفزة ، حيث تقدم ترتيب السلطنة 21 نقطة في عام 2015 مقارنة بعام 2013م، اما في عام 2016م فقد تراجع ترتيب السلطنة نحو أربع نقاط وذلك بسبب تسابق وزيادة تنافس الدول على مؤشرات الابتكار.ولفتت الحارثية إلى أن السلطنة تندرج حاليا ضمن الدول ذات الأداء غير الفاعل في مجال الابتكار، وقد حافظت على مستوى الزيادة في مؤشر الابتكار العام بمعدل 2 درجة سنويا، مشيرة إلى أنه بإمكان السلطنة أن تكون ضمن الدول القائدة في مجال الابتكار خلال الـ 25 عاما القادمة .وتطرقت الدكتورة إلى إيضاح الهيكل الإداري لمشروع الاستراتيجية الذي استمر العمل فيه لمدة اثني عشر شهرا بمشاركة 70 خبيرا ومتخصصا من مختلف مؤسسات الدولة، وأكثر من ثلاثة عشر موظفا من دوائر مجلس البحث العلمي، يتكون من اللجنة التوجيهية واللجنة الإشرافية وفريق ضمان الجودة بالإضافة إلى أربعة فرق فنية، كما تطرقت إلى مهام كل من هذه اللجان والفرق، شارحة خطوات العمل والجهود المبذولة من فرق العمل المختلفة بمشاركة مختلف الجهات الحكومية والخاصة والأهلية. وأوضحت الحارثية مهام فريق ضمان الجودة التي تشتمل على التأكد من ضمان الجودة في تنفيذ مشروع إعداد الاستراتيجية، والمتابعة اللصيقة لسير العمل في المراحل المختلفة ومراجعة المنجزات المطلوبة من الفرق الفنية، والمشاركة في اجتماعات اللجنة الإشرافية والفرق الفنية ومراقبة مدى الالتزام باشتراطات الجودة إضافة إلى رفع تقارير دورية إلى اللجنة الإشرافية حول مراحل تنفيذ المشروع. وأوضحت الحارثية أن الهيكل الإداري لمشروع الاستراتيجية تضمن أربعة فرق فنية تمثل الركائز الأربع التي تشتمل عليها الاستراتيجية وتقود منظومة الابتكار في السلطنة، وهذه الركائز هي: رأس المال البشري، والملكية الفكرية وتسويق المعرف، والتنويع الاقتصادي، والاتصال المؤسسي والمجتمعي.وقالت: إن الفرق الفنية عملت وبشكل متكامل ومتناسق وفق منهجية موحدة بهدف تحقيق التناغم بين الركائز الأربع، وبحيث يقوم فريق ضمان الجودة بعمل تقييم تكويني محايد لمخرجات الفرق الفنية حسب مراحل المشروع المحددة مسبقا.
تفعيل المنظومة
وأشارت الحارثية إلى أنه سيتم تفعيل المنظومة الوطنية للابتكار من خلال ثلاث مراحل هي: مرحلة قطف الثمار القريبة وذلك بتفعيل المبادرات الحالية والتي من شأنها أن تحقق تأثيرا سريعا ومؤثرا نحو تنمية مستدامة ومن ضمنها تطوير الخدمات الرقمية وشبكة الانترنت ، وإزالة العقبات التنظيمية وتطوير سياسات تعزيز المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، لافتة إلى أن من المبادرات الاستراتيجية لمرحلة قطف الثمار القريبة، التوسع في شبكة النطاق العريض ، وخفض أسعار خدمات الانترنت، وتحديد كيان وطني من اجل دعم الابتكار بصورة تكاملية، والاستمرار في تعزيز السعة البحثية والابتكارية للسلطنة، وتدعيم برامج ومشاريع نقل العلوم والتقانة في المجالات ذات الأولوية الوطنية، وتطوير السياسات العامة نحو الابتكار وإزالة العقبات التنظيمية والإجرائية التي تواجه المشاريع الناشئة. وتتمثل المرحلة الثانية في التمكين وتسعى الاستراتيجية خلال هذه المرحلة إلى تعزيز الأوساط الابتكارية باتخاذ مبادرات من شأنها تحقيق الاستدامة، من ضمنها تطوير السياسات العامة والتشريعات، وتأسيس حاضنات الابتكار، وتأسيس مراكز البحث والتطوير، ونقل وتوطين التقانة، وتأسيس جسور التعاون الدولي، وتحفيز القدرات الإبداعية والابتكارية وريادة الأعمال بين الشباب العماني، ومضاعفة أعداد حاضنات الأعمال والابتكار في جميع الجامعات والكليات، وتطوير المناهج الدراسية في التعليم المدرسي نحو التجريب والاستكشاف من أجل تطوير مهارات العلوم والرياضيات والقراءة، وتعزيز استدامة البحث والتطوير والابتكار من خلال توفير الدعم المالي المناسب بتأسيس شراكة بين الحكومة والقطاع الخاص، وتأسيس مراكز دعم الابتكار في كافة مناطق السلطنة من أجل تقديم الدعم والتدريب المناسب في الابتكار وريادة الأعمال، وتطوير برامج ومشاريع نقل العلوم والتقانة المحلية، وتطوير السوق العمانية والاستفادة من السوق الخليجية المشتركة والاتفاقيات الثنائية والدولية للتجارة الحرة لتمكين تنويع مصادر الدخل الوطني، ومتابعة أنشطة الابتكار من خلال جمع وتسجيل ومتابعة مؤشرات الابتكار بصفة دورية ، وتطوير آليات رصد وإيجاد فرص العمل والتنبؤ بها وربطها بأنشطة الابتكار والتقانات البازغة ، وتأسيس برنامج وطني للحفاظ على استدامة القضايا البيئية في السلطنة بالتوازي مع التنمية الاجتماعية والاقتصادية.أما المرحلة الثالثة فتتمثل في حصاد المنظومة الشاملة والتي تتكامل وتتناغم فيها كافة السياسات بشكل نسيجي أفقيا وعموديا لتشكل منظومة وطنية فاعلة لتنمية مستدامة تكون فيها السلطنة في مصاف الدول القائدة في الابتكار. واختتمت الدكتورة شريفة الحارثية العرض بالإشارة إلى أن هناك ثلاثة مسارات متوازية في خطة التعريف والترويج للاستراتيجية الوطنية للابتكار تشمل الإعلام، والتعريف بها في جميع القطاعات إضافة إلى متابعة التقدم في مؤشرات الأداء للاستراتيجية الوطنية للابتكار في مختلف القطاعات.
تساؤلات متنوعة
بعدها طرحت التساؤلات التي تركزت حول قلة وضعف التواصل المؤسسي والدعوة إلى وجود آلية للتواصل والتكامل لتعظيم مخرجات الابتكار خاصة بعد اعتماد الاستراتيجية الوطنية للابتكار والرؤية الواضحة لتحقيق الأهداف الموضوعة في دعم الابتكار بالسلطنة وتعاون كافة المؤسسات الحكومية والخاصة كما أثارت المناقشات جانب أهمية بناء عقول عمانية متخصصة في البحث العلمي والابتكار لاستدامة النتائج المرجوة واستفادة الوطن منهم. كما استفسر البعض من طول الفترة الزمنية لتحقيق أهداف الاستراتيجية وضرورة تقييم مراحل وخطط المنظومة وربط الاستراتيجية الوطنية برؤية عمان 2020 حتى تتوافق مع الأهداف الوطنية ، كما دعا البعض إلى تأسيس مدينة علمية حاضنة للمبتكرين لتكون مقصد الشباب العماني، والبحث عن بدائل لتمويل البحث العلمي، مع التوسع في نشر ثقافة الوعي الابتكاري في كافة محافظات السلطنة دون التركيز على محافظة مسقط.