البحرينجمعيات ومنظماتدول الخليجسلايد 1

البحرين … الشيخ أحمد السيسي: الحِلم من علامات القوة ويعود على صاحبه بالخير

الشيخ أحمد السيسي.

تحدث الشيخ أحمد مهنا السيسي في خطبة الجمعة في جامع أبو حامد الغزالي عن الحِلم كفضيلة عالية القيمة تدل على قوة الشخصية التي تضبط انفعالها طلبا لمرضاة الله وقصدًا لوجهه الكريم. يقول صلى الله عليه وسلم: «ما من جُرعَةٍ أعظم أجرًا عند الله من جرعةِ غيظ كظمها عبد ابتغاء وجه الله» وهو خلق رفيع، ومن معانيه التريث والتثبت في الأمر، وضبط النّفس والطّبع عند هيجان الغضب، وترك الانتقام مع القدرة.

وقال: الحِلم هو الطّمأنينة وتأخير مجازة الظّالم بظلمه. واحتمال الأعلى الأذى من الأدنى، وهو دليل على تحلي صاحبه بالصبر. وهو من صفات عباد الله الذين يجزون الغرفة بما صبروا، قال تعالى: (وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يمْشُونَ عَلَى الأرض هَوْنًا وإذا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلامًا) ولقد ذكر في القرآن الكريم الحلم كصفة لله عز وجل ثم لأنبيائه صلوات الله وسلامه عليهم، يقول تعالى: (وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ) ويصف ربنا عز وجل سيدنا إبراهيم بقوله (إِنَّ إبراهيم لأوَّاهٌ حَلِيمٌ) و(إِنَّ إبراهيم لَحَلِيمٌ أَوَّاهٌ مُّنِيبٌ) ويقول عز من قائل واصفًا إسماعيل عليه السلام: (فَبَشَّرْنَاهُ بِغُلَامٍ حَلِيمٍ).

ولقد حث رسول صلى الله عليه وسلم على فضيلة الحلم، وحذر من الغضب الذي يخرج صاحبه عن حد الاعتدال، فقال: (لَيسَ الشَّدِيدُ بِالصُّرْعَةِ، إِنَّمَا الشَّدِيدُ الَّذِي يمْلِكُ نَفْسَهُ عِنْدَ الْغَضَبِ).

الحلم يعود على صاحبه بالخير والسعادة في الدنيا والآخرة، وكظم الغيض من صفات المتقين المسارعين لمغفرة الله وجنته، قال تعالى: (وَسَارِعُواْ إلى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ الَّذِينَ ينفِقُونَ فِي السَّرَّاء وَالضَّرَّاء وَالْكَاظِمِينَ الْغَيظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللّهُ يحِبُّ الْمُحْسِنِين).

الحِلم يحيل العداوةَ مودةً، وهو من علامات القوة، قال تعالى: (وَلَمَن صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الأُمُورِ).

الحِلم يحبه الله تعالى، فعن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لأشج عبدالقيس: «إن فيك خصلتين يحبهما الله: الحلم والأناة»، ومعنى الأناة التثبت وترك العجلة.

لقد ضرب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- المثل الأعلى في الحلم والعفو والصفح الجميل، فقد جاء عن السيدة عائشة رضي الله عنها: (وَمَا انْتَقَمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ لِنَفسِهِ إِلا أَنْ تُنتَهَكَ حُرمَةُ اللَّهِ فَينتَقِمَ لِلَّهِ بِهَا). نَعم الإنسان إذا أظهر العفو، غسل قلبه من دواعي الانتقام، أما أن يظهر الإنسان العفو لأخيه ثم يتحين الفرصة للانتقام -حتى ولو بعد سنين- فما هكذا يفعل أصحاب القلوب السليمة.. ما هكذا يعمل الذين اتقوا! لأن هذه خديعة، كيف يخدع المسلم أخاه المسلم، يظهر أنه عفا عنه وابتسم في وجهه، ثم ينتقم! أين الحلم! أين المحبة في الله! وما انتقم رسول الله صلى الله عليه وسلم لنفسه إلا أن تنتهك حرمة الله فينتقم لله بها.

وهناك أمثلة رائعة في حلم النبي صلى الله عليه وسلم وكذا صحابته الكرام الذين سُطرت مآثرُهم. قال الشافعي:

يخاطبني السفيهُ بكل قبحٍ  وآبى أن أكون له مجيبا

يزيد سفاهةً وأزيد حلما  كعودٍ زادَه الإحراقُ طيبا

إغلاق