أخبار

السعودية وتركيا تتفقان في بيان مشترك على تطوير تعاونهما سياسياً واقتصادياً ودفاعياً

أقرت السعودية وتركيا توسيع نطاق التعاون بينهما في شتى المجالات، وأكد الجانبان في بيان مشترك على أهمية استكمال اجراءات تفعيل مجلس التنسيق السعودي التركي، والعمل على تطوير مشاريع ومبادرات مشتركة وتنفيذها في إطار المجلس من خلال تعزيز التعاون في مجالات مثل الطاقة والاستثمار والدفاع والأمن، وذلك في أعقاب زيارة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان السعودية ولقائه مع ولي العهد الأمير محمد بن سلمان الذي استقبله في قصر السلام في جدة، وعقد معه جلسة محادثات رسمية ولقاء ثنائي، وفق وكالة الأنباء السعودية واس.

وتضمنت الاتفاقات شراء طائرات مسيرة تركية، وعقود ذات أهمية للاقتصاد التركي المتعثر في الوقت الذي تجني فيه أنقرة ثمار المساعي الدبلوماسية الأحدث التي بذلها الرئيس لإصلاح العلاقات مع دول الخليج.

مسيرات “بيرقدار” الهجومية

وقال وزير الدفاع السعودي الأمير خالد بن سلمان في تغريدة اليوم الثلاثاء إن السعودية ستشتري الطائرات المسيرة “بهدف رفع جاهزية القوات المسلحة وتعزيز قدرات المملكة الدفاعية والتصنيعية”. ولم تذكر وكالة الأنباء السعودية تفاصيل أوسع عن الصفقة، سوى أنها تمت بين شركة الصناعات الدفاعية التركية بايكار ووزارة الدفاع السعودية.

من جهتها نقلت وكالة “الأناضول” التركية عن المدير العام لشركة بايكار خلوق بيرقدار تأكيده أن المسيرات كانت من نوع “أكنجي تيها” الهجومية، وأن الاتفاقية “تعد أكبر صفقة تصدير في مجال الدفاع والطيران بتاريخ الجمهورية التركية”، وهي حسب وسائل الإعلام التركية تشمل نقل التقنية، وليس فقط بيع السلاح.

وقالت الشركة في بيان الثلاثاء إن الاتفاق الذي وقعته مع الدفاع السعودية يشمل التعاون في نقل التكنولوجيا والإنتاج المشترك. ويشكل الاتفاق، مضيفة أنه “عبر الاتفاق الشامل، سيكون هناك تعاون في نقل التكنولوجيا والإنتاج المشترك من أجل النهوض بقدرات تطوير التكنولوجيا الفائقة في البلدين”.

وأوضحت بايكار أن الصادرات تشكل 75 بالمئة من إيرادات الشركة منذ أن بدأت الأبحاث والتطوير في مجال الطائرات المسيرة عام 2003. وبلغت صادرات الشركة العام الماضي 1.18 مليار دولار، كما بلغ حجم مبيعاتها 1.4 مليار دولار.

واستحدثت السعودية في عهدها الجديد سياسة تقضي باشتراط تصنيع 50 في المائة من حاجاتها الدفاعية وسط البلاد بحلول 2030، في خطة تستهدف شمول صفقات شراء السلاح التي تبرمها الرياض مع شركائها الدوليين، بروتوكلات نقل أجزاء من تلك التقنيات إلى الداخل السعودي بإنشاء مصانع محلية، وليس فقط توريدها أسلحة منجزة، يتم استخدامها أو تركيبها في القواعد العسكرية.

ووصل أردوغان إلى السعودية، الإثنين، في مستهل جولة خليجية يعلق عليها “آمالاً كبيرة” لجذب استثمارات وتمويل بهدف تخفيف الضغط على الميزانية وتقليل التضخم المرتفع والتغلب على ضعف العملة. يتوجه أردوغان إلى قطر اليوم، في المحطة الثانية في الجولة الخليجية الأولى له منذ إعادة انتخابه في مايو (أيار) كما يزور الإمارات غداً الأربعاء.

وعرضت قناة “الإخبارية” السعودية لقطات ظهر فيها عدد من المسؤولين السعوديين وهم يرحبون بأردوغان لدى وصوله إلى مقر انعقاد منتدى الأعمال السعودي – التركي في مدينة جدة.

فرص التعاون الاقتصادي

ويأمل أردوغان في أن توفر العلاقات الدبلوماسية بين بلاده والسعودية مساحة للتعاون الاقتصادي الواسع، وأفاد بأن حجم التبادل التجاري الثنائي بين تركيا ودول الخليج خلال الـ20 عاماً الأخيرة ارتفع من 1.6 مليار دولار إلى نحو 22 مليار دولار.

وأضاف الرئيس التركي أن “الأزمات في العالم الإسلامي تحتم التشاور والتعاون الوثيق بين تركيا والدول الخليجية”.

وكانت الرئاسة التركية قد أشارت، أول من أمس الأحد، إلى التركيز على الجوانب الاستثمارية والاقتصادية في جولة أردوغان كمحور رئيس للمباحثات التي سيجريها مع قادة الدول الخليجية الثلاث. وأوضحت أن أجندة زيارة أردوغان تحمل بين طياتها محادثات في أبعاد العلاقات الثنائية مع الدول الثلاث، إضافة إلى مناقشات عن التعاون بين بلاده والدول الخليجية في مختلف القطاعات، ومن أبرزها الاستثمار والاقتصاد.

دور خليجي

في السياق كان الرئيس التركي قد أعلن “إتاحة فرصة استثمارية جادة لتركيا في صناعات الدفاع والبنية التحتية واستثمارات البنية الفوقية في الدول الثلاث”.

وقال اثنان من كبار المسؤولين الأتراك في وقت سابق إن تركيا تتوقع أن تضخ دول الخليج استثمارات مباشرة تقدر بنحو 10 مليارات دولار مبدئياً.

ونشرت قناة “الإخبارية” لقطات مباشرة يظهر فيها وزير الاستثمار السعودي خالد الفالح وهو يتحدث إلى العشرات من رجال الأعمال من الجانبين خلال منتدى الأعمال السعودي – التركي في جدة.

الرئيس الصيني يتصل بولي العهد السعودي

ولي العهد السعودي وماكرون حريصان على الاستقرار في الشرق الأوسط ويحضان لبنان على الإسراع بانتخاب رئيس

وقالت أنقرة إن نائب الرئيس التركي جودت يلماز ووزير الخزانة والمالية محمد شيمشك زارا الإمارات الشهر الماضي لبحث “فرص التعاون الاقتصادي” مع نظرائهما هناك، والتقيا رئيس دولة الإمارات الشيخ محمد بن زايد آل نهيان.

يشار إلى أن استثمارات وتمويل دول الخليج ساعدا في تخفيف الضغوط على اقتصاد تركيا واحتياطاتها من العملة الصعبة منذ 2021، وهو العام الذي بذلت فيه أنقرة جهداً دبلوماسياً لإصلاح العلاقات مع السعودية والإمارات.

وقال أردوغان في مؤتمر صحافي قبل إقلاع طائرته من مطار إسطنبول “هذه الزيارة لها موضوعان رئيسان، الاستثمارات والبعد المالي. نعلق آمالاً كبيرة بالنسبة لكليهما”.

وإلى جانب السعودية، يزور أردوغان قطر والإمارات خلال جولته الخليجية التي تستمر حتى 19 يوليو (تموز) الجاري. وكان الرئيس التركي فاز بفترة جديدة في السلطة في مايو (أيار) الماضي.

منتدى الأعمال بين الرياض وأنقرة

وذكرت وكالة “رويترز” أن تركيا تتوقع أن تضخ كل من قطر والسعودية والإمارات استثمارات مباشرة تقدر بنحو 10 مليارات دولار في البداية، و30 مليار دولار إجمالاً في قطاعات الطاقة والبنية التحتية والدفاع في أعقاب زيارة أردوغان للدول الثلاث.

وكان وزير التجارة التركي عمر بولاط قد أشار على هامش منتدى الأعمال التركي – السعودي، الذي عقد في إسطنبول، الأسبوع الماضي، إلى أن “بلاده أطلقت مع مجلس التعاون الخليجي محادثات استكشافية في مايو (أيار) الماضي بهدف توقيع اتفاق تجارة حر”، بحسب ما نقلت وكالة “الأناضول”.

وقال رئيس مجلس العلاقات الاقتصادية الخارجية التركي نائل أولباك إن “هناك اهتماماً بين رجال الأعمال بأنشطة المنتديات المزمع إنشاؤها في دول الخليج، لا سيما أن هذه المنتديات تخلق فرصاً قيمة للتعاون بين رجال الأعمال الأتراك والخليجيين”.

وتوقع أولباك أن تتضمن الجولة عقد جملة من الاجتماعات المثمرة. وأضاف “نتوقع أن يتم التفاوض أيضاً على اتفاقات تعاون بمليارات الدولارات في قطاعات مثل المقاولات والإسكان والتقنيات الرقمية والطاقة والسياحة والصحة والغذاء والزراعة والنقل والتمويل”.

يذكر أن ملتقى الأعمال السعودي – التركي الذي عقد في إسطنبول الأسبوع الماضي شهد التوقيع على 16 اتفاق تعاون بين الجانبين.

حجم التبادل التجاري

وعن حجم التبادل التجاري بين تركيا والسعودية قال وزير التجارة التركي عمر بولاط إنه بلغ 3.4 مليار دولار في النصف الأول من العام الحالي، وفق وكالة “الأناضول”.

وتشير البيانات الرسمية إلى أن العلاقات الاقتصادية والتجارية بين الرياض وأنقرة تتطور يومياً، إذ بلغ حجم التبادل التجاري 6.5 مليار دولار خلال 2022، في حين كان حجمه 3.7 مليار في 2021، بحسب بيانات معهد الإحصاء التركي.

ويذهب مراقبون إلى أن سبب تعيين أردوغان ليلماز وشيمشك بعد الانتخابات هو الرغبة في تحقيق تحول جذري بعد سنوات من السياسة الاقتصادية غير التقليدية التي أدت إلى زيادة التضخم ووصول صافي الاحتياطات الأجنبية إلى مستوى قياسي منخفض في مايو. وفي إطار ذلك، رفع البنك المركزي أسعار الفائدة بمقدار 650 نقطة أساس، الشهر الماضي.

وأظهرت بيانات، أمس الإثنين، أن عجز الميزانية التركية ارتفع إلى 219.6 مليار ليرة (8.37 مليار دولار) خلال يونيو (حزيران)، أي سبعة أمثال العجز قبل عام. واقترب التضخم السنوي من 40 في المئة خلال يونيو، بينما تراجعت الليرة نحو 29 في المئة هذا العام.

بيان مشترك بتوسيع التعاون

وفي أعقاب انتهاء الزيارة الثلاثاء الماضي، أصدر البلدان بياناً مشتركاً إلحاقياً الأربعاء، أوضحا فيه جوانب واسعة من التعاون والتنسيق بينهما.

وناقش الطرفان سبل تعزيز وتنويع التجارة البينية من خلال “تكثيف التواصل بين القطاع الخاص في البلدين وتطوير بيئة استثمارية خصبة ومحفزة للقطاع الخاص وبحث واستكشاف أبرز الفرص الاستثمارية عبر تمكين القطاع الخاص وتقديم التسهيلات وتهيئة بيئة الأعمال المناسبة وتوفير الممكنات اللازمة وحل أية تحديات تواجه الشركات”.

وشددا على أهمية الدور الذي يلعبه القطاع الخاص في تعزيز العلاقات الاقتصادية للوصول لمستويات أعلى وأرحب. وتباحثا وفق البيان “توريد البترول والمشتقات البترولية والبتروكيماويات، وبحث فرص المشاريع المشتركة في كامل سلسلة قطاع البتروكيماويات بما فيها التحويلية والمتخصصة، والاستخدامات المبتكرة للمواد الهيدروكربونية، وتبادل المعرفة والخبرات لتطبيق أفضل الممارسات فيما يتعلق بالهيدروجين النظيف، وتمكين التعاون بين الشركات لتعزيز الاستفادة من الموارد المحلية في البلدين، بما يسهم في تحقيق مرونة إمدادات الطاقة وفعاليتها”.

وفي الجانب الدفاعي والأمني، عبر الجانبان عن عزمهما على تعزيز التعاون والتنسيق في المجالات الدفاعية، والصناعات العسكرية، وتفعيل الاتفاقيات الموقعة بينهما في هذه المجالات، بما يخدم ويحقق المصالح المشتركة للبلدين، ويسهم في تحقيق الأمن والسلم في المنطقة والعالم، إذ تم توقيع على عقدي استحواذ بين وزارة الدفاع وشركة (بايكار) التركية.

مكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة

واتفق الطرفان على “مكافحة الجرائم بكافة أشكالها، وتعزيز التعاون في مجال مكافحة الإرهاب والتطرف العنيف المؤدي إلى الإرهاب وتمويلهما، وتبادل المعلومات والخبرات والتدريب بما يسهم في تحقيق الأمن والاستقرار في البلدين”.

كما أكد الجانبان على عزمهما تعزيز التعاون الثنائي لمكافحة جرائم الفساد العابرة للحدود، والحرص على “التواصل الفعال بين الأجهزة المعنية بمكافحة الفساد في البلدين، لا سيما في مجال التحقيقات بقضايا الفساد، وملاحقة مرتكبيها، واسترداد العائدات المتأتية من جرائم الفساد، وذلك من خلال الاستفادة من الشبكة العالمية لسلطات إنفاذ القانون المعنية بمكافحة الفساد”. وأكدا العمل معاً في محاربة “التطرف العنيف المؤدي إلى الإرهاب والغلو وخطاب الكراهية والإرهاب بجميع أشكاله ومظاهره، ونشر ثقافة الاعتدال والتسامح”.

المصدر: واس

 

إغلاق