سياسة
موقف خليجي مضاد لحملة إيرانية على المنامة: أمن البحرين خط أحمر
الحملة الإيرانية المنسّقة على مملكة البحرين إثر إدانة القضاء البحريني لعيسى قاسم وفض التجمّع غير القانوني بقرية الدراز، تستعيد أجواء الحملة التي كانت أعقبت إدانة رجل الدين الشيعي السعودي نمر النمر وإعدامه، لكن في ظروف مغايرة يبدو فيها الموقف الخليجي أكثر قوّة إزاء إيران التي رسّخت قمم الرّياض الأخيرة صورتها كعضو شاذ بالمجتمع الدولي.
الرياض – أعلنت كلّ من المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة، والكويت، دعمها الكامل للإجراءات الأمنية التي اتخذّتها مملكة البحرين في بلدة الدراز بشمال غرب البلاد، حيث فضّت قوات الأمن تجمّعا غير مرخّص حول مسكن رجل الدين الشيعي عيسى قاسم المدان في قضية جمع أموال بشكل غير قانوني وتبييضها وطمس مصدرها، بعد أن شكّل ذلك التجمّع طيلة أشهر ما يشبه البؤرة الخارجة عن سلطة الدولة وملاذا لمطلوبين للعدالة في جرائم خطرة من ضمنها التورّط بأعمال إرهابية.
وجاء الموقف الخليجي الصارم في دعمه لإجراءات حفظ الأمن والاستقرار في البحرين، ليقطع الطريق على حملة إعلامية وسياسية شرسة قادتها طهران ضدّ المنامة، واستخدمت فيها بشكل رئيسي أذرعها في المنطقة العربية من ميليشيات شيعية وأحزاب طائفية.
وأعادت هذه الحملة إلى الأذهان ما كان رافق إدانة رجل الدين الشيعي السعودي نمر النمر من قبل قضاء المملكة بتهمة الإرهاب وتنفيذ حكم الإعدام فيه، من ضجيج أحدثته إيران وأذرعها، أفضى إلى الاعتداء على مقري بعثتين دبلوماسيتين سعوديتين على الأراضي الإيرانية وانتهى بقطع العلاقات الدبلوماسية بين طهران والرياض.
وينظر خليجيون إلى رجال دين شيعة عرب من أمثال عيسى قاسم ونمر النمر، باعتبارهم “مجرّد أدوات” تسخّر سلطتها الاعتبارية في خدمة مشروع إيراني خطير هادف لشق مجتمعات الخليج على أساس طائفي وافتعال “هوية” داخلها عابرة للحدود البلدان وتقوم على استبدال الولاء للوطن بالولاء للطائفة.
ونفّذت قوات الأمن البحريني الثلاثاء حملة واسعة النطاق في الدراز، قالت وزارة الداخلية البحرينية إنها أوقعت خمسة قتلى في صفوف مجاميع مسلّحة حاولت التصدّي لرجال الشرطة الذين وقعت إصابات في صفوفهم، كما أسفرت عن اعتقال 286 مطلوبا للعدالة.
وعلى الفور انطلقت أحزاب وميليشيات شيعية في العراق ولبنان على رأسها حزب الله في حملة ضدّ المنامة عكستها تصريحات سياسية وتقارير إعلامية لم تستثن الشتائم والتهديدات، فيما جاء الموقف الخليجي الداعم للبحرين بمثابة ردّ صارم على ذلك التصعيد.
وقال مصدر مسؤول في وزارة الخارجية السعودية في تصريح نشرته وكالة الأنباء الرسمية “واس” الأربعاء إن الرياض تؤيد “الإجراءات التي تتخذها مملكة البحرين في سبيل الحفاظ على أمنها واستقرارها وسلامة مواطنيها والمقيمين بها”.
وأكد ذات المصدر دعم السعودية “للإجراءات التي اتخذتها الأجهزة الأمنية البحرينية في قرية الدراز بهدف حفظ الأمن والنظام، والتصدي لكافة المحاولات الإرهابية التي تهدف إلى زعزعته والمساس به”.
وتابع “أمن واستقرار مملكة البحرين الشقيقة جزء لا يتجزأ من أمن واستقرار المملكة العربية السعودية ودول مجلس التعاون الخليجي”.
الشيخ خالد بن أحمد: على بيروت لجم حسن نصرالله أو تحمل مسؤولية تصريحاته
وفي موقف مطابق للموقف السعودي شددت وزارة الخارجية الإماراتية في بيان على أن “أمن واستقرار البحرين يعدّ جزءا لا يتجزأ من أمن واستقرار دولة الإمارات ودول مجلس التعاون لدول الخليج العربية”.
وأكد البيان “رفض دولة الإمارات وجود جيوب الفوضى والإرهاب المدعومة خارجيا في البحرين وترحيبها بإجراءات المملكة لبسط سلطة القانون على منطقة الدراز”.
وصاغت الكويت على لسان سفيرها في البحرين الشيخ عزام مبارك الصباح موقفا مماثلا للموقفين السعودي والإماراتي من أحداث الدراز اعتبرت فيه “أن أمن مملكة البحرين جزء لا يتجزأ من أمن دولة الكويت بشكل خاص ودول مجلس التعاون الخليجي بشكل عام”، معبّرة عن تأييدها لـ”الإجراءات التي اتخذتها المملكة (في الدراز) لحفظ أمنها واستقراها وآخرها الإجراءات التي اتخذتها الأجهزة الأمنية لحفظ النظام العام والسلم الأهلي وتطبيق القانون وإزالة المخالفات والتجاوزات وإرجاع الوضع الطبيعي”.
ووجدت إيران في إدانة عيسى قاسم وفض التجمّع حول مقرّ إقامته بالدراز فرصة لشن حملة على المنامة ومن خلفها أبوظبي والرياض التي احتضنت مؤخّرا قمما غير مسبوقة، خليجية عربية إسلامية أميركية، شهدت أوسع إدانة من نوعها لأنشطة إيران المزعزعة للاستقرار والداعمة للإرهاب.
ومثلما هو معتاد استخدمت طهران أذرعها في المنطقة حيث تظاهر المئات من شيعة العراق، الأربعاء، أمام السفارة البحرينية في بغداد وقنصلية المملكة في مدينة النجف ورفعوا شعارات معادية لعواصم الخليج.
وقال عمار الحكيم الذي يرأس التحالف المكوّن من الأحزاب الشيعية الرئيسية في العراق “نتابع بقلق عميق التصعيد الخطير في مملكة البحرين وتمنينا أن تجنح الأجهزة المختصة في البلاد إلى تهدئة الأوضاع عبر اتخاذ سلسلة من الإجراءات التي تعزز الثقة مع الشعب البحريني”.
كما صدر عن التحالف بيان طالب الحكومة البحرينية بإيقاف إجراءاتها تجاه من سماهم بـ”علماء الدين” لا سيما عيسى آل قاسم الذي نعته ذات البيان بالوسطي والمعتدل.
وكان حزب الله اللبناني المعروف بمواقفه الحادّة تجاه مملكة البحرين وأغلب دول مجلس التعاون الخليجي عموما قد سبق جميع الأذرع الإيرانية إلى شنّ حملة على سلطات المنامة بمجرّد صدور الحكم على قاسم ومبادرة القوات البحرينية إلى فض تجمّع الدراز.
وردّ وزير الخارجية البحريني الشيخ خالد بن أحمد آل خليفة، عبر تويتر مطالبا الحكومة اللبنانية بلجم “حسن نصرالله” أمين عام الحزب أو تحمّل مسؤولية تصريحاته، باعتباره شريكها في السلطة.
وقال الوزير في تغريدة له “الحكومة اللبنانية تتحمل مسؤولية تصريحات شريكها حزب الله، وزعيمه الإرهابي المعتوه التي تسيء لمملكة البحرين”.
وشمل ردّ الوزير أيضا نظيره الإيراني جواد ظريف ناصحا إياه بـ”المطالعة لتوسيع آفاقه ومعارفه”، قائلا “أنصحه أن يبدأ قراءة لوليتا في طهران”، في إشارة إلى كتاب الروائية والأكاديمية الإيرانية آذار نفيسي الذي تفصّل فيه الكاتبة المنفية إلى الولايات المتحدة عذاب الحياة اليومية في إيران واضطهاد المرأة بشكل خاص، والذي حقق رواجا عالميا بعد ترجمته إلى أكثر من 32 لغة.