سياسة

تصاعد الخلافات الأوروبية الأميركية بعد فشل قمة السبع

يتحرك الأوروبيون على أكثر من جبهة لامتصاص الصدمة التي أثارها الرئيس الأميركي دونالد ترامب في زياراته الأخيرة إلى بروكسل وصقلية الإيطالية والتي كشف فيها بوضوح عن تغير كبير في السياسات الأميركية تجاه حلفائه الأوروبيين في حلف الناتو.

ويتجه الرئيس الأميركي إلى القطع نهائيا مع سياسات أسلافه في التساهل مع تخلف حلفائهم عن الإيفاء بوعودهم المالية في ما يتعلق بالإنفاق العسكري داخل حلف الناتو، كما برزت إلى السطح خلافات عميقة تجاه ملفات التجارة والمناخ والتهديدات الروسية وغيرها.

وتصاعدت حدة اللهجة الثلاثاء بين ترامب الذي شن هجوما لاذعا ضد ألمانيا، والمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل حيث وصل التوتر بين البلدين إلى مستوى غير مسبوق في التاريخ الحديث.

ومنذ انتهاء قمة مجموعة السبع في صقلية حيث لم يصدر ترامب موقفا واضحا من اتفاقية باريس حول المناخ والانتقادات التي وجهها إلى دول في حلف الأطلسي حول تسديد مستحقاتها، ولم توفر المستشارة الألمانية انتقاداتها لسياسة الرئيس الأميركي الجديد.

واختار الرئيس الأميركي كعادته الرد على تويتر، وكتب في تغريدة صباح الثلاثاء “لدينا عجز تجاري هائل مع ألمانيا، إضافة إلى أنهم يدفعون أقل مما يجب لحلف شمال الأطلسي والجانب العسكري. هذا أمر سيء جدا للولايات المتحدة، وسيتغير”.

وقبل ساعة من ذلك، اعتبرت ميركل التي عادة تنتقي كلماتها بانتباه شديد أنه “من الضرورة القصوى” أن تصبح أوروبا “لاعبا نشطا على الساحة الدولية” وخصوصا بسبب السياسة الأميركية.

وأكدت المستشارة أن العلاقة بين جانبي الأطلسي “ترتدي أهمية كبرى” لكنها أضافت “نظرا للوضع الراهن، هناك دافع إضافي كي نمسك في أوروبا مصيرنا بأيدينا”.

وأضافت المستشارة على هامش استقبالها لرئيس الوزراء الهندي نارندرا مودي “على أوروبا أن تصبح لاعبا ناشطا في القضايا الدولية كذلك، ولذلك أهمية قصوى باعتباري”.

وأوضحت أنه من الضروري أن يمتلك الأوروبيون “سياسة خارجية مشتركة” من أجل الضغط “لحل النزاع في ليبيا”، على سبيل المثال.

وتابعت ميركل “إننا نفتقر إلى الأداء المطلوب في بعض النقاط، خصوصا ملف سياسة الهجرة”.

وفي السابق شددت ميركل، على غرار غيرها من القادة الأوروبيين، على ضرورة تثبيت الاتحاد الأوروبي موقعه على الساحة الدولية لتعزيز الدفاع عن مصالحه. لكن إنشاء عمل دبلوماسي أوروبي موحد اصطدم حتى الآن بصلاحيات الدول الأعضاء في هذا الخصوص ورفضها التنازل عن جوانب من سيادتها.

وجاءت تصريحات ترامب ردا على وابل الانتقادات التي وجهته له ألمانيا بعد اختتامه أول جولة خارجية رسمية له الأحد والتي شملت السعودية وإسرائيل وبروكسل وإيطاليا التي شارك فيها في قمة مجموعة السبع.

وخلال جولته رفض ترامب ضغوط حلفائه من مجموعة السبع للالتزام باتفاق باريس للمناخ المبرم في 2015، وانتقد 23 من الدول الأعضاء في الحلف الأطلسي الـ28 ومن بينها ألمانيا، “لتخلفها عن دفع المبالغ المستحقة عليهم” لتمويل الحلف.

وقبل أيام وفي السعودية وقع ترامب أكبر صفقة بيع أسلحة أميركية في تاريخ بلاده بلغت قيمتها 110 مليار دولار خلال العقد المقبل وتشتمل على سفن ودبابات وأنظمة مضادة للصواريخ.

والاثنين وجه وزير الخارجية الألماني سيغمار غابرييل انتقادات حادة لترامب قائلا إن “أي شخص يعمل على تسريع التغير المناخي من خلال إضعاف حماية البيئة، ويبيع المزيد من الأسلحة ولا يرغب في حل النزاعات الدينية سياسيا، يعرض السلام في أوروبا للخطر”. وأضاف أن “سياسات الحكومة الأميركية القصيرة النظر تلحق أضرارا بمصالح الاتحاد الأوروبي” مضيفا أن “الغرب أصبح أصغر وأضعف”.

لكن هذا التوتر بين البلدين ليس مستجدا، فمنذ يوم انتخاب ترامب نبهته المستشارة الألمانية إلى ضرورة الالتزام بقيم الديمقراطيات الغربية، بعد حملة انتخابية تخللتها الهفوات ونقاط الجدل.

وأطلق ترامب الأسبوع الماضي وابلا من الانتقادات حول صادرات السيارات الألمانية إلى الولايات المتحدة وقال إن “الألمان سيئون جدا” وذلك خلال اجتماع مع عدد من كبار المسؤولين الأوروبيين في بروكسل، بحسب ما أوردت مجلة دير شبيغل الأسبوعية.

وكان ترامب بدأ في انتقاد ألمانيا وميركل في حملته الانتخابية العام الماضي.

وفي ضوء أجندته الاقتصادية القومية انتقد بشكل خاص فائض التجارة الألماني الكبير مع الولايات المتحدة وهدد بفرض ضرائب جمركية للرد على ذلك.

وبعد اجتماع فاتر مع ميركل في واشنطن في مارس الماضي وصفه في البداية بأنه “عظيم”، شن حملة انتقادات في اليوم التالي متهما ألمانيا بأنها “تدين بمبالغ مالية كبيرة” لحلف شمال الأطلسي والولايات المتحدة.

بدورها دعت ميركل ترامب إثر انتخابه إلى الالتزام بالقيم الغربية الديمقراطية بعد حملته الانتخابية المثيرة للجدل.

إغلاق