صحافة واعلام

إرهاب على جسر لندن.. حان وقت استهداف بيئة التطرف في بريطانيا

انتاب لهجة رئيسة الوزراء البريطانية،  تغير كبير بعد هجوم إرهابي بشاحنة وسكاكين استهدف المارة في منطقة جسر لندن، إذ شنت هجوما حادا على أيديولوجيا الإسلام السياسي وعلى المتشددين، وتوعدت بتغييرات جذرية في التعامل معهم قائلة “كفى يعني كفى”.

واعترفت ماي بالتقصير الذي تعاني منه المنظومة الأمنية والقضائية والسياسية والذي يسمح بقيام عناصر إرهابية بتنفيذ اعتداءات بدا أن تكررها خلال الأشهر الأخيرة يمثل علّة بنيوية مقلقة خاصة ببريطانيا.

وقتل 7 أشخاص وجرح قرابة 50 شخصا من بينهم 21 في حالة حرجة، فيما قتلت الشرطة البريطانية الإرهابيين الثلاثة بعد 8 دقائق فقط من بدء الهجوم.

وقالت رئيسة الوزراء تيريزا ماي إنه حان الوقت لنقول إن “كل الهجمات يجمعها فكر خبيث هو تحريف للإسلام وتحريف للحقيقة”.

ويرى خبراء في مكافحة الإرهاب أن مراجعة سياسات مكافحة التطرّف، التي دعت إليها ماي في تصريحاتها، باتت أمرا عاجلا ومطلوبا داخل مجتمع متعدد الثقافات، بما يعني أن منظومة القيم التي تفاخر بها بريطانيا في الدفاع عن الحريات، لا سيما حرية المعتقد وحرية التعبير، باتت قاصرة عن رد الأخطار التي تهدد أمن البلد وسكانه.

ويضيف هؤلاء أن جماعات التطرف في بريطانيا تتحرك داخل بيئة حاضنة علنية تعبر عن نفسها من خلال أنشطة وخطب وتصريحات وأسلوب عيش.

وبدأت بيئة التطرف تتسع في بريطانيا منذ مطلع تسعينات القرن الماضي، إذ عملت جماعة الإخوان المسلمين وتنظيمات الإسلام السياسي المرتبطة بها على استهداف الجيلين الأول والثاني بين المهاجرين المسلمين، وعلى تشكيل مظلة للمسلمين أقنعت الجهات الرسمية بالتعامل مع منظماتهم باعتبارها ممثلة شرعية للجالية بأكملها. وسمح ذلك لتنظيمات الإسلام السياسي بحرية الحركة، التي قادت لاحقا إلى ظهور مساجد وجمعيات خيرية ودعوية عملت على تحوّل الكثيرين من الشباب المسلمين إلى معتقدات إسلامية متشددة.

ووجد تنظيم داعش لاحقا الأرض ممهدة في أوروبا وسط بيئة فكرية تتسم بالتشدد، ونجح من خلالها في حشد الآلاف من المقاتلين الذين خرجوا فكريا من تحت مظلة الإخوان المسلمين، من أجل الانضمام إلى تنظيمات أكثر تطرفا تقاتل الجيوش الوطنية في منطقة الشرق الأوسط.

يقول كثيرون إن سياسة بريطانيا الشهيرة في استيعاب التطرف، واستضافته وعقد صفقات معه، بغية تجنب ضرره على بريطانيا، لم تعد سياسة ناجعة، وأنه بات مطلوبا القطع النهائي، ليس مع الجماعات النشطة فقط، بل مع سياسة غض الطرف والتساهل مع ظواهر مدنية متشددة تنتج العنف والإرهاب.
تيريزا ماي: كل الهجمات يجمعها فكر خبيث هو تحريف للإسلام وللحقيقة
وقالت رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي إن السلطات البريطانية أحبطت خمسة مخططات مؤكدة منذ مارس الماضي. وأضافت ماي أن الهجمات الأخيرة في بريطانيا، عند جسر وستمنستر في مارس وهجوما في مدينة مانشستر أوقع 22 قتيلا الشهر الماضي، بالإضافة إلى هجوم السبت عند جسر لندن، ليست مترابطة، ولكنها تشير إلى وجود “نمط إرهابي جديد” لا يمكن تجاهله.

وأوضحت “لا نستطيع ولا يجب علينا أن نتظاهر بأن الأمور يمكن أن تستمر كما هي. على الأمور أن تتغير”.

ويقول متخصصون في شؤون الإسلام السياسي والجماعات الجهادية، إنه، على الرغم من صدور تقارير تدين جماعة الإخوان المسلمين، فإن لبسا وترددا شابا المقاربة الرسمية مع هذه الجماعة، بما أتاح لها ولبقية الجماعات التي تدور في فلكها أن تجد في بريطانيا ملاذا لم تعد تحظى به في بقية الدول الغربية.

وقالت ماي إنه “إذا كانت هناك حاجة إلى تشديد الأحكام على جرائم الإرهاب، حتى وإن كانت بسيطة، فسنفعل ذلك”.

وترى مصادر داخل الجالية الإسلامية في بريطانيا أن تساهل السلطات البريطانية مع جماعات التطرف داخل جاليتهم أتاح لهذه الجماعات الذهاب بعيدا في سعيها للتغلغل داخل صفوف الجالية بما بات يشكل خطرا على المسلمين في بريطانيا.

وطالبت ماي بتشديد المراقبة الإلكترونية على شبكة الإنترنت وخدمات الرسائل. وقالت إنه “لا يمكن السماح بمتنفس لهذا الفكر ونحتاج قواعد جديدة للفضاء الإلكتروني”.

ولفتت أوساط بريطانية إلى أن تصريحات ماي حول ضرورة عدم عيش الجاليات منفصلة بعضها عن بعض تمثل تراجعا عن النموذج الاجتماعي السياسي البريطاني المتعدد الثقافات باتجاه النموذج الاندماجي الذي تعتمده دول أخرى.

ويعتبر هؤلاء أن ورشة “أيديولوجية” يجب أن تفتح نقاشا عاما للاهتداء إلى النموذج الاجتماعي الأمثل لمكافحة الانعزال والتشدد والكراهية داخل المجتمع البريطاني.

وتأتي اعتداءات السبت قبيل أيام على إجراء الانتخابات التشريعية المبكرة (8 يونيو)، وتهدف إلى تقويض النظام السياسي الديمقراطي والتأثير على مزاج الناخبين، وهو أمر أشارت إليه ماي في تصريحاتها.

وتم تعليق الحملات الانتخابية أمس الأحد واستئنافها ابتداء من اليوم الاثنين وإجراء هذه الانتخابات كما هو مقرر الخميس المقبل.

إغلاق