صحافة واعلام
قطيعة غير مسبوقة مع قطر
الرياض – أعلنت دول الخليج مدعومة بمصر عن قطع جميع العلاقات مع قطر بعد أن فقدت الأمل في التغيير من قبل الدوحة والتراجع عن مواقفها الداعمة للمجموعات المتشددة في المنطقة، فضلا عن تدخلها المستمر في الشؤون الداخلية لجاراتها الخليجيات، وإقامة علاقات مثيرة للريبة مع إيران وجماعات طائفية مرتهنة لها في دول خليجية وعربية، ما يتنافى مع التزامات قطر خليجيا وعربيا.
يأتي هذا فيما تتوقع أوساط خليجية مطّلعة أن تتوسع إجراءات عزل قطر لتشمل دولا عربية وإسلامية متعددة، وأن تسقط رهانات الدوحة الخارجية في ضوء نأي إيران وتركيا بالنفس عنها، واعتبار ما يجري شأنا خليجيا داخليا.
وأعلنت الدول الخليجية الثلاث إغلاق أجوائها وحدودها البرية مع قطر وأمهلت الزائرين والمقيمين القطريين 14 يوما للمغادرة. كما أنهى التحالف العربي مشاركة قطر في عمليات إعادة الشرعية في اليمن.
واتهم بيان نقلته وكالة الأنباء السعودية قطر “باحتضان جماعات إرهابية وطائفية متعددة تستهدف ضرب الاستقرار في المنطقة ومنها جماعة (الإخوان المسلمين) و(داعش) و(القاعدة) والترويج لأدبيات ومخططات هذه الجماعات عبر وسائل إعلامها بشكل دائم”.
كما اتهم البيان السعودي قطر بدعم “الجماعات الإرهابية المدعومة من إيران” في القطيف بالمنطقة الشرقية بالمملكة وفي مملكة البحرين.
وقال بيان إماراتي إن قطر تدعم وتمول وتحتضن “التنظيمات الإرهابية والمتطرفة والطائفية، وعلى رأسها جماعة الإخوان المسلمين وعملها المستمر على نشر وترويج فكر تنظيم داعش والقاعدة عبر وسائل إعلامها المباشر وغير المباشر”.
واتهمت البحرين قطر بالإصرار “على المضي في زعزعة الأمن والاستقرار في مملكة البحرين والتدخل في شؤونها والاستمرار في التصعيد والتحريض الإعلامي، ودعم الأنشطة الإرهابية المسلحة وتمويل الجماعات المرتبطة بإيران للقيام بالتخريب ونشر الفوضى في البحرين”.
وأعلنت مصر قطع علاقاتها الدبلوماسية مع قطر، بسبب “ممارساتها في دعم التنظيمات الإرهابية وتعزيزها بذور الفتنة والانقسام داخل المجتمعات العربية”، وأمهلت السفير القطري 48 ساعة للمغادرة.
وانضم إلى قائمة المقاطعين كل من اليمن والحكومة الليبية المنبثقة عن البرلمان المعترف به دوليا.
ولم يصدر عن السلطات القطرية بعد إعلان الرياض وأبوظبي والقاهرة والمنامة عن قرار قطع العلاقات، سوى بيان مرتبك لوزارة الخارجية يعبر عن “استغرابه” على الرغم من مرور أسبوعين على تصاعد الأزمة.
وقال متابعون للشأن الخليجي إن الموقف السعودي الإماراتي البحريني يكشف جدية متناهية لا مجال للتراجع عنها إن لم تنصع قطر وتتوقف عن الإخلال بأمن أشقائها الخليجيين.
وأشار هؤلاء المتابعون إلى أن قطر ستكتشف بهذا الحصار المحكم أهميتها المحدودة كونها جزيرة صغيرة وستكون معزولة تماما من دون جيرانها العرب، وأن الاتجاه إلى إيران وتركيا سيكلفها أثمانا باهظة ستخل باقتصادها.
وقللوا من رهان قطر على تركيا لكسر الحصار المحكم من حولها، لافتين إلى أن أنقرة تعيش وضعا داخليا صعبا، فضلا عن توتر علاقتها بواشنطن حول المسألة الكردية، وأنها لن تغامر برش الملح على خلافها مع الأميركيين بسبب التورط مع قطر.
وتوقعت الأوساط الخليجية أن تتسع دائرة المقاطعين لقطر لتشمل دولا عربية وإسلامية عديدة. ولم تستبعد أن يحال موضوع قطر إلى الجامعة العربية وإلى مؤسسات العمل الإسلامي المشترك، حيث الثقل السعودي الكبير.
ولفتت هذه الأوساط إلى أن مقاطعة قطر قد تشمل دولا كبرى مثل الولايات المتحدة التي قد تبادر إلى نقل قاعدة العديد من قطر إلى دولة خليجية أخرى وتسحب حمايتها عن الدوحة لتجد نفسها في وضع أمني صعب.
وذكّرت بأن قطر وضعت نفسها في مرتبة واحدة مع التيارات المتشددة التي تستهدفها أعمال التحالف الدولي ضد الإرهاب، والذي ينتظر أن يعلق عضوية قطر بداخله في ضوء تزايد الأدلة والوثائق الكاشفة عن تورطها في تمويل جماعات مصنفة إرهابية.
وتجد القيادة القطرية نفسها في مأزق آخر، ففضلا عن الضغوط الخارجية التي تعزلها عن العالم، تعيش الدوحة على وقع صراع حاد داخل أسرة آل ثاني الحاكمة في البلاد، وهو صراع عاد إلى الواجهة بسبب الأزمة مع السعودية، وإن ظل منذ انقلاب 1996 حيا من وراء الكواليس الداخلية في الإمارة.
وأقام أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني مساء الاثنين مأدبة إفطار لأعضاء الأسرة الحاكمة والأعيان ووجهاء البلاد.
وقالت مصادر قطرية إن هذا الاجتماع النادر لفرعي الأسرة الحاكمة في قطر يكشف عن محاولة لرأب الصدع ومنع الخلافات من الخروج إلى العلن، مستبعدة أن ينجح الشيخ تميم في تطويق الخلافات خاصة بعد البيان الأخير لفرع أحمد بن علي من أسرة آل ثاني، والذي تبرأت فيه العائلة من السياسات الحالية لقطر تجاه دول الخليج.
وانتشرت فيديوهات على مواقع التواصل الاجتماعي تظهر تحرك مدرعات للقوات الأمنية القطرية أمام الأماكن الحساسة والوزارات في الدوحة.